يوما تلو الآخر، يتقدم الرئيس السوري بخطوات ثابتة نحو السيطرة الكاملة على الجنوب السوري في حملة عسكرية بدأها من الريف الشرقي لمحافظة درعا، وهو الأمر الذي أثار مخاوف إسرائيل ودفعها إلى اتخاذ إجراءات تحذيرية. وسائل إعلام عبرية، أكدت أن جيش الاحتلال الإسرائيلي رفع حالة التأهب على الحدود الشمالية مع تصاعد القتال بين قوات نظام بشار الأسد والمعارضة في الجنوب السوري. صحيفة "هآرتس" قالت: إن "قوات الجيش رفعت مستوى التأهب في مرتفعات الجولان في ضوء التصعيد الأخير في القتال جنوبيسوريا والاقتراب المتزايد للجيش السوري من الحدود الإسرائيلية". لكن لا تتوقع إسرائيل مواجهة مباشرة مع الجيش السوري، لكنها تستعد لاحتمال حدوث آثار غير مباشرة من هجوم النظام، بمساعدة من روسيا وإيران، على منطقة درعا، التي لا تبعد سوى 60 كلم عن الحدود الشمالية، بحسب وكالة "سما". اقرأ أيضًا: بدعم روسي في الجنوب.. الجيش السوري يقترب من حدود الأردن ورغم التحذيرات الأمريكية، تشهد درعا منذ أكثر من 10 أيام، هجومًا جويًا وبريًا مكثفًا من النظام وحلفائه، حيث تقدمت قوات النظام بريف درعا الشرقي، وسيطرت على بلدتي "بصرى الحرير" و"ناحتة" بريف درعا الشرقي. الكاتب الإسرائيلي عاموس هاريل، يرى في تحليل نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن منطقة جنوب غرب البلاد التي يحاول الأسد استعادتها في الوقت الحالي، تُشكّل أهمية رمزية، إذ أن الثورة اندلعت من درعا في عام 2011 قبل أن تتحول إلى حرب أهلية. لكن أهمية المنطقة لم تكمن فقط في الناحية الرمزية، بل أن لها أهمية عملية واستراتيجية كبيرة، ليس فقط للحكومة السورية، بل أيضًا لكلًا من الأردن وإسرائيل، اللتان تقعان على حدودها، بحسب هاريل. وكثف الجيش السوري هجماته على مناطق زراعية شمال شرقي درعا، كما كانت هناك أيضًا معارك برية في المنطقة، إذ يحاول النظام تجزئة الأراضي والفصل بين المعارضة لسهولة السيطرة عليها، وفقًا ل"سبوتنيك". "هاريل" أشار إلى أن ساحة المعركة الرئيسية في سوريا هي الدبلوماسية، وليست العسكرية، فبينما كان النظام يستعد لهجوم الجنوب، كانت روسيا تحاول إقناع الولاياتالمتحدة بالتوقيع على اتفاق دبلوماسي. اقرأ أيضًا: جنوبسوريا ينفجر.. الأسد يقصف مواقع الإرهاب وأمريكا تحذر روسيا ويرى الكاتب الإسرائيلي أن أيضًا أن التحركات العسكرية السورية الأخيرة في الجنوب، مُجرد عمليات إحماء وإعلان نوايا أكثر منها هجومًا عسكريًا واسع النطاق. فإسرائيل اليوم تمتلك مصالحها الخاصة، وهي إحباط عمليات تهريب الأسلحة إلى حزب الله الإيراني والاستمرار في العمل ضد الوجود العسكري الإيراني في سوريا، بحسب الوكالة الروسية. وفي نهاية الأسبوع الماضي، ذكرت وكالة "رويترز" البريطانية، أن واشنطن أبلغت المعارضة السورية في جنوبسوريا بأنها لن تتدخل إذا هاجمتهم قوات الأسد. وتساءل هاريل "كيف سترد إسرائيل في هذه الحالة؟"، موضحًا "إسرائيل تريد الاستقرار على حدودها، كما تشجب تصرفات نظام الأسد في كثير من الأحيان لقتل المدنيين واستخدام الأسلحة الكيميائية، ولكن هل ستعارض بالضرورة عودة الجيش السوري إلى حدوده في هضبة الجولان، إذا تم إخراج الإيرانيين من المنطقة في الوقت نفسه؟". اقرأ أيضًا: الأسد يخوض معركة الجنوب.. واتفاق سري بين إسرائيل وإيران على الانسحاب الكاتب يرى أن إسرائيل أعطت في السنوات الأخيرة، الطعام والملابس والأدوية لسكان القرى السورية السُنّية القريبة من حدودها، كما دخل آلاف السوريين إلى إسرائيل لتلقي العلاج الطبي. وحذر الكاتب من أن إسرائيل ستواجه قريبا "معضلة"، مرجحًا ألا تتدخل إسرائيل مباشرة في القتال بالجنوب، لكنها ستحاول أن تجعل عودة النظام إلى المنطقة الحدودية متوقفة على اتفاق يمنع تواجد القوات الإيرانية والميليشيات الشيعية في هذه المنطقة. في حين، يرى المحلل والباحث السياسي، حميدي العبد الله أن تحذير الخارجية الأمريكية للنظام السوري من القيام بأي عملية عسكرية في الجنوب ضد المجموعات المسلحة، يشكل تطورا لافتا في الأحداث ومنعطفا خطيرا في الأزمة، ويكرس التدخل المباشر للولايات المتحدةالأمريكية في الحرب تحت ذريعة الحفاظ على منطقة خفض التصعيد. ليس هذا فحسب، بل قد يقود تدخلهما إلى مواجهة كبيرة لن تكون في صالح إسرائيل، لأن أي اعتداء على الجيش السوري خلال عملية تحرير الجنوب سيقابل برد حازم ما قد يوسع دائرة الاشتباك.