أثارت تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس، حول تحميل حركة حماس مسئولية تفجير موكب رئيس الوزراء الفلسطيني ورئيس المخابرات، بالإضافة إلى وصف السفير الأمريكي باسرائيل ب«ابن الكلب»، جدلاً كبيرًا، ما أثار تكهنات بعزل أبو مازن. فهل انهارت المصالحة الفلسطينية التي تعمل مصر جاهدة على دفعها للأمام؟ أم سيتم تدارك الأمور ولم الشمل من جديد؟ وهل كان من المفترض بأبو مازن أن يتحسس مصطلحاته قبل إطلاق الاتهامات؟ تصريحات نارية وقال الرئيس الفلسطيني أبو مازن، خلال افتتاح اجتماع للجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير، والمركزية لحركة فتح، بمدينة رام الله، أمس، إن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتبرت أن الاستيطان شرعيّ، وهذا ما قاله أكثر من مسؤول أمريكي، أولهم سفيرهم في تل أبيب هنا ديفيد فريدمان: «قال يبنون (الإسرائيليون) في أرضهم.. (ابن الكلب).. يبنون في أرضهم؟». وتابع الرئيس الفلسطيني عن السفير الأمريكي: «وهو مستوطن، وعائلته مستوطنة، وسفير أمريكا في تل أبيب، ماذا ننتظر منه». وهاجم عباس حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، محملا إياها مسؤولية التفجير الذي وقع يوم الثلاثاء الماضي، واستهدف موكب رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله ورئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج. الفرا: الشعب الفسطيني هو الوحيد القادر على عزل أبو مازن أكد السفير بركات الفرا، سفير فلسطين الأسبق بالقاهرة، أن الشعب الفسطيني هو الوحيد القادر على عزل أبو مازن من منصبه أو إبقائه به، ولا توجد أية قوى تستطيع فعل ذلك غير الشعب. وأوضح الفرا ل«التحرير»، أن أبو مازن استفزته تصريحات السفير الأمريكي ذلك اليهودي الصهيوني، الذي يرى أن الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية أمر شرعي، بل ويسكن في المستوطنات الإسرائيلية، ويدافع عن إسرائيل أكثر مما تدافع هي عن نفسها، ومن غير المنطقي أن يكون هذا الشخص سفير أمريكا في فلسطين. «كرسي في الكلوب» قال محمد جمعة، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والمتخصص في الشأن الفلسطيني، إن تصريحات أبو مازن تجاه حركة حماس، ستزيد الأوضاع توترًا، وستؤدي إلى تجميد المصالحة بين فتح وحماس، ولكنها لن تكتب النهاية لها، مضيفًا أنه لا يستطيع طرف من الاثنين تحمل تبعات فشلها. وتابع: «انهيار المصالحة الفلسطينية، يعني أن النخب الفلسطينية ستمكن ترامب من تنفيذ صفقة القرن، التي تسعى أمريكا لتنفيذها بكل الطرق». وأوضح جمعة أنه كان يتمنى أن يضبط الرئيس الفلسطيني أعصابه، مراعاة لموقع المسئولية الملقاة على عاتقه، ويفوت الفرصة على القوى التي تريد عرقلة المصالحة، وأن ينتقي عباراته بشكل أفضل. ولكن الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، يرى أن الدور المصري سرعان ما سيستأنف جهود المصالحة في الفترة المقبلة، لأن مصر تدرك تمامًا تبعات انهيار المصالحة. وحول وصفه للسفير الأمريكي أضاف الباحث محمد جمعة، أنه لم يعتد على أبو مازن أن يطلق مثل هذه التصريحات، مهما كانت الضغوط عليه، مشيرًا إلى أنه لا مجال لتبني مواقف أشبه ب«ضرب كرسي في الكلوب»، لتحقيق شعبية زائفة. وأردف: «هذا التصريح سيتسبب في ردود أفعال غربية غاضبة، لأنهم لا يتفهمون مثل تلك الإهانات، فمن المفترض ألا نعطي للطرف الآخر فرصة أن ينال منّا». وفيما يخص عزل الرئيس الفلسطيني أبو مازن، فأكد الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والمتخصص في الشأن الفلسطيني، أنه ليس بالأمر الهيّن، إنما أتصور أن يقوم الإعلام الأمريكي والإسرائيلي بشن حملة إعلامية عليه. في المقابل يطرح السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، طرحًا مختلفًا، حيث يرى أن تصريح أبو مازن، ليس أكثر من تقسيم أدوار في المصالحة، والتفاوض مع الأمريكان، حيث ضرورة وجود طرف متشدد في مطالبه، وآخر يبدي شيئًا من اللين. وأكد بيومي أن الرئيس أبو مازن له كل الحق في الضجر والضيق من تصرفات الولاياتالمتحدة، خاصة بعد قطعها المساعدات عن الفلسطينيين، في مقابل زيادة مساعداتها للإسرائيليين، وقرار نقل السفارة الأمريكية للقدس، واعترافهم بكونها عاصمة لإسرائيل. البيت الأبيض: «الوقت قد حان» انتقد البيت الأبيض ما قاله محمود عباس عن السفير الأمريكي في إسرائيل، ديفيد فريدمان، ونعته ب"ابن الكلب"، بعد ساعات من تصريحات أبو مازن. وقال جايسن جرينبلات، مبعوث الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط: "الوقت حان لكى يختار الرئيس عباس بين خطاب الكراهية وجهود ملموسة لتحسين حياة شعبه وإيصاله إلى السلام والازدهار". نتنياهو: فقد صوابه علق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على كلمة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس -اليوم- والتي سبّ خلالها السفير الأمريكي لدي الاحتلال "ديفيد فريدمان". وغرَّد "نتياهو"- عبر «تويتر»: «الهجمة الكلامية التي أطلقها أبو مازن على السفير الأمريكي ديفيد فريدمان، تضع النقاط على الحروف»، مضيفًا: «للمرة الأولى منذ عشرات السنين لم تعد الإدارة الأمريكية تدلل القيادة الفلسطينية وتقول لها كفى». وتابع: «يبدو أن الصدمة التي تسببتها الحقيقة في القيادة الفلسطينية، جعلتها تفقد صوابها». حماس: محاولة لتمرير صفقة القرن دعت حركة حماس إلى الذهاب للشعب الفلسطيني لإجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية ومجلس وطني؛ كي ينتخب الشعب قيادته ومن هم أهل لتحقيق الوحدة وتحمل المسئولية ورعاية مصالحه. وأدانت حركة "حماس" وبشدة، ما ورد من تصريحات وصفتها ب"غير مسؤولة" لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي يعمد ومنذ فترة إلى محاولة تركيع أهل في غزة وضرب مقومات صمودها في لحظة تاريخية صعبة وخطيرة. وطالبت حماس، في بيان صحفي مساء الاثنين، كل الجهات الإقليمية والدولية وجامعة الدول العربية بالتدخل العاجل والمسؤول لوقف هذا التدهور الخطير وتحمل مسؤولياتهم في منع وقوع الكارثة على المستوى الوطني الفلسطيني الداخلي والمترتب على سياسة عباس وقراراته بحق غزة وأهلها. وأكدت أن ما يفعله الرئيس الفلسطينى ليس استهدافًا لحركة حماس وإنما محاولة لتقويض فرص النهوض بالمشروع الوطنى وتحقيق الوحدة وتعزيز فصل الضفة عن غزة والذي يمهد لتنفيذ مخطط الفوضى الذي يمكن من خلاله تمرير صفقة القرن ومخططات ترمب ومشاريع الاحتلال الصهيوني. وأوضحت الحركة أن هذه التصريحات والقرارات خروج على اتفاقيات المصالحة وتجاوز للدور المصري، الذي ما زال يتابع خطوات تنفيذها، داعية لوقفة عاجلة وتدخلًا سريعًا من كل مكونات الشعب الفلسطيني وفصائله لإنقاذ المشروع الوطني ووحدة الشعب والوقوف عند مسؤولياتهم تجاه ممارسات مدمرة.