كتب- صلاح لبن وأمين طه ومؤمن عبد الله وأشرقت عرابي: في أكتوبر من العام الماضي أعلن ولى العهد السعودى، الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، إطلاق مشروع "نيوم"، وهو عبارة عن مدينة استثمارية ضخمة، قيمتها نصف تريليون دولار، بالتعاون مع مصر والأردن، معينًا كلاوس كلينفيلد، فى منصب الرئيس التنفيذى، لهذا المشروع الاستثمارى. المشروع يقام على مساحة 26 ألفًا و500 كيلومتر مربع؛ ستكون مرحلته الأولى جاهزة فى عام 2025، وبدأت المملكة العربية السعودية ببناء 5 قصور ملكية بقيمة تصل إلى 15 مليار ريال، مانحة أكبر حزمة من العقود لشركة "السيف للهندسة والإنشاءات"، التي ستبني 4 من القصور الخمسة، فيما تم منح مقاول باسم "ماك" عقد القصر الخامس، كما منحت شركة "نسما" عقود تطوير البنية التحتية والمرافق للمواقع، وشركة "البواني" عقدا لبناء قاعة اجتماعات وملعب للجولف وغيرها من أعمال التشجير. وقالت وكالة "رويترز" اليوم إن مصر خصصت بالفعل أكثر من ألف كيلومتر مربع من الأراضي في المنطقة الجنوبية من شبه جزيرة سيناء، لإنشاء المدينة التجارية الضخمة التي تم الإعلان عنها في المملكة خلال أكتوبر الماضي المعروفة باسم نيوم، حيث تعد المنطقة الواقعة على ساحل البحر الأحمر جزءًا من صندوق مشترك قيمته أكثر من 10 مليارات دولار، كان قد تم الإعلان عنه في وقت متأخر من يوم الأحد خلال زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للقاهرة. خبراء السياحة منقسمون باسم حلقة، نقيب السياحيين، في تصريحات خاصة ل"التحرير" يقول إن الدولة ترغب في تنمية سيناء من خلال استثمارات عمرانية جديدة، بالإضافة إلى أن هذا المشروع سوف يخلق المزيد من فرص العمل ويحفز المواطنين على الاستثمار في سيناء. وأشار إلى أن مشروع "نيوم" يأتي في إطار التعاون المشترك بين الجانب المصري والجانب السعودي، ويعد إضافة مهمة لمشروعات الاستثمار بين البلدين، وسوف يساعد بشكل كبير في تنشيط السياحة في مصر، بما تمتلكه مصر والسعودية من مقومات التسويق السياحي، ويمكن عمل رحلات مشتركة بين مصر والسعودية والأردن. وعلى النقيض يقول مجدى البنودى، خبير السياحة الدولي، إن المشروع سيؤثر على السياحة المصرية بالسلب، لأن السعودية سوف تقوم بإنشاء منتجعات ومدن سياحية ضمن مشروع "نيوم"، وسوف يأخذ سياحة العائلات العربية المحافظة من مصر، لأنه سيقدم منتجعات ومدنا غير مختلطة ولا تقدم خمورا، مثلما يحدث في شرم الشيخ والغردقة. وأضاف "البنودي" أن السعودية لجأت إلى اختيار جنوبسيناء لتنفيذ مدينة "نيوم"، لأنها لا تمتلك منفذا على الخليج العربي سوى البحرالأحمر، مشيرا إلى أن المشروع سيمتد على مسافة 1000 كيلومتر مربع، ويمتد على خليج العقبة في الأردن وتيران وصنافير في مصر، ويربط بين الجسر الاقتصادي الذي يربط بين مصر والسعودية. مجدي سليم، وكيل وزارة السياحة الأسبق، قال في تصريحات خاصة ل"التحرير" إن أي جهود تبذل في مشاريع سياحية من شأنها أن تقدم للسائح خدمة سيكون لها تأثير بالغ على السياحة المصرية، خصوصًا إذا كان هناك اكتمال لهذه المشاريع، حيث إنها ستبنى بالتقنيات والأساليب الحديثة التي تتناسب مع العصر، مثل مدينة الجلالة ومدينة العلمين الجديدة. وأضاف "سليم" أن أي مشروع سياحي حتى وإن كان مشتركا بين الدول سيضخ استثمارات على هذه الدول، مثل مشروع القرية العالمية في دبي، حيث إن دول العالم كلها مشتركة في قرية عالمية، وأثبتت نجاحا كبيرا ونسبة إقبال عالية جدا من قبل السائحين. وجدي الكرداني، رئيس غرفة المنشآت السياحية سابقا، قال إن بناء مدينة نيوم سيؤدي إلى إحياء تلك المنطقة، وسيكون منتجعا سياحيا ناجحا، متوقعًا أن يكون لمشروع نيوم تأثير إيجابي على السياحة في مصر، حيث يتاح للسائح فرصة أن يزو مصر وعمان أو جدة أو الرياض. سوق عربية مشتركة الدكتور عاطف حرز الله، الخبير الاقتصادي، أشار إلى أن السعودية ثاني أكبر مستثمر في مصر، وإنشاء مدينة "نيوم" والمقرر أن تكون أكبر مركز تجاري عالمي في الشرق الأوسط، وسيتم إنشاؤها على أحدث النظم العالمية وستكون مركزا لوجسيتيا كبيرا. وأضاف "حرز الله" في تصريحات خاصة أننا كنا نناشد لإنشاء سوق عربية مفعلة، لأن الدول العربية قوة لا يستهان بها، ولدى الدول العربية مخزون كبير من البترول، ومن الممكن أن تمثل سلة غذاء للعالم أجمع إن تم استغلال الأراضي المصرية والتمويل الخليجي. وتابع "حرزالله": "اختيار جنوبسيناء لإقامة المشروع اختيار موفق جدا، لأن سيناء بها كافة الموارد التي تساعد على نجاح المشروع، ولأن سيناء تمثل 63 ألف كيلومتر مربع وتحتاج إلى استثمارات بالمليارات، ومن قبل الرئيس قال إنه سوف يتم ضخ 250 مليون جنيه لإنشاء مصانع استراتيجية. وأشار "حرز الله" إلى أن الجسر الذي سوف يربط بين السعودية ومصر سوف يخدم مدينة "نيوم"، وسوف يربط المدينة الجديدة بقناة السويس الجديدة، نافيا أن تؤثر مدينة نيوم على الاقتصاد أو السياحة المصرية، لأنه سوف يجذب السياحة العربية فقط، أما السياحة المصرية فتعتمد على السياحة الأوروبية. شراكة ثلاثية بالمنطقة العربية «مشروع نيوم موقع ومكان للحالمين بعالم جيد ومهم لمصادر الطاقة المختلفة».. هكذا تحدث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، عن المشروع العملاق الذى يُعد بمثابة منطقة اقتصادية مستقلة تمتد لأول مرة بين 3 دول هي السعودية ومصر والأردن، وتصل استثماراته إلى 500 مليار دولار، ويشتمل أراضي داخل الحدود المصرية والأردنية. وخلال زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمس الأحد للقاهرة، وقعت السعودية اتفاقية مع مصر لتطوير أكثر من 1000 كيلومتر مربع من الأراضي جنوبسيناء، لتكون ضمن مشروع «نيوم»، وبموجب هذه الاتفاقية، سيتم تأسيس صندوق مشترك بالمناصفة تزيد قيمته على 10 مليارات دولار، على أن تكون حصة المصريين من خلال الأراضي المؤجرة على المدى الطويل. وتعتزم السعودية إنشاء سبع نقاط جذب بحرية سياحية في نيوم، ما بين مدن ومشاريع سياحية، وتعمل على إنشاء 50 منتجعا على البحر الأحمر و4 مدن صغيرة في مشروع البحر الأحمر، إضافة إلى ذلك سيتم تطوير المناطق بين نيوم ومشروع البحر الأحمر، وخلق 3 وجهات سياحية أخرى بين جزر وشواطئ تشمل 15 وجهة بحرية ومئات المنتجعات، وستركز مصر على نقطتي جذب هما شرم الشيخ والغردقة، أما من الجانب الأردني فستركز الأردن على تطوير العقبة ضمن استثمارات أردنية سعودية. تكامل اقتصادي بين البلدين يقول النائب محمد علي، وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، إن مشاركة مصر فى مشروع نيوم العملاق ب«1000» كيلومتر مربع من الأراضي في جنوبسيناء، الذى أعلنت السعودية إقامته بتكلفة 500 مليار دولار، يعد تكاملا اقتصاديا بين البلدين، وسيخلق فرص عمل كثيرة للشباب. «نرحب بأن تكون مصر شريكة بقيمة حق الانتفاع وليس ثمن الأرض» قال النائب هيثم الحريري، عضو تكتل «25- 30» بمجلس النواب، إنه ليس لدينا تفاصيل كافية بشأن تخصيص 1000 كيلومتر مربع من الأراضي جنوبسيناء لمشروع نيوم، لافتًا إلى أنه إذا كان بشأن تطوير فى المنطقة من خلال استثمارات سعودية على أرض مصرية فهذا مرحب به، خاصة أن مصر ستصبح جزءا من المنطقة السياحية. وأضاف الحريري، فى تصريح ل«التحرير» أن حق الانتفاع لفترة زمنية يجعل الأرض مصرية لا تتغير مهما حدث، مشيرًا إلى أن مصر ترحب بالاستثمار مع أى دولة باستثناء الكيان الصهيونى، ونحن مع منح المستثمر حق الانتفاع. «تفاصيل المشروع» تقع المنطقة التي سيقام عليها المشروع «نيوم» شمال غربي المملكة، على مساحة 26.5 كم2، وتطل من الشمال والغرب على البحر الأحمر وخليج العقبة بطول 468 كم، ويحيط بها من الشرق جبال بارتفاع 2500 متر. وستركز تلك المنطقة على 9 قطاعات استثمارية متخصصة وهي: «مستقبل الطاقة والمياه ومستقبل التنقل ومستقبل التقنيات الحيوية ومستقبل الغذاء ومستقبل العلوم التقنية والرقمية ومستقبل التصنيع المتطور ومستقبل الإعلام والإنتاج الإعلامي ومستقبل الترفيه ومستقبل المعيشة الذي يمثل الركيزة الأساسية لباقي القطاعات»، وذلك حسب وكالة الأنباء الرسمية للسعودية. وتمتاز منطقة المشروع بخصائص مهمة، أبرزها الموقع الاستراتيجي الذي يتيح لها أن تكون نقطة التقاء تجمع أفضل ما في المنطقة العربية، وآسيا، وإفريقيا، وأوروبا وأمريكا، وذلك فى إطار التطلعات الطموحة لرؤية 2030 بتحول المملكة العربية السعودية إلى نموذج عالمي رائد في مختلف جوانب الحياة. «افتتاح المشروع بحلول عام 2025.. والذكاء الصناعي وإنترنت الأشياء سيجتمعان معًا» فى إطار سعى قيادة المملكة العربية السعودية بعيدا عن الاعتماد على النفط، أكد الأمير محمد بن سلمان، في لقاء مع وكالة «بلومبرج» أنه من المقرر أن يفتتح مشروع «نيوم» بحلول عام 2025، وستكون هنالك استثمارات محدودة في مطلع عام 2020، مشيرًا إلى أن شركة «أمازون» ومجموعة «علي بابا» القابضة، بالإضافة إلى «إيرباص» مشاركة بالفعل في المحادثات. وتابع: «نحن نتحدث مع الجميع، ولدينا الخبراء المعنيون بهذا الشأن من كل أرجاء العالم، وهم يشاركون في هذا الأمر». وذكر الأمير محمد أن الذكاء الصناعي وإنترنت الأشياء سيجتمعان معا لتقديم نمط حياة غير متوفر في أي مكانٍ آخر، قائلًا: «سيرتبط ملفك الطبي مع تجهيزاتك المنزلية، وسيارتك، وسيرتبط كذلك بأسرتك، وملفاتك الأخرى، وسيطور النظام ذاته من حيث كيفية تزويدك بأمور أفضل». «أكبر مشروع في العالم.. والسيادة مشتركة» من جانبه قال النائب ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن مشروع «نيوم» يعتبر نوعا من العمل المشترك المتكامل بين الدول العربية الثلاث المشاركة به، لافتًا إلى أن دور مصر فى هذا المشروع يتمثل فى المشاركة فى بنائه من خلال استخدام الطاقة البشرية المصرية. وأضاف عمر، فى تصريح ل«التحرير» أن المشروع يحتوى على استثمارات بقيمة 500 مليار دولار، ومصر لديها فرصة ذهبية لفتح سوق عمل للعمالة المصرية، مشيرًا إلى أن مشروع «نيوم» بمثابة دبى جديدة فى مصر، بل من الممكن أن يكون أكبر مشروع فى العالم. وعن السيادة لمشروع «نيوم»، أكد أن الدول الثلاث المشاركة فى المشروع ستكون لها السيادة معًا، وذلك مثلما يحدث فى بعض الولايات داخل أمريكا، ولن يحتاج أحد الأطراف الثلاثة لتأشيرة أو غيرها للتنقل بين أرجاء مشروع «نيوم».