شهد مشروع القرار الكويتي السويدي بشأن وقف إطلاق النار في سوريا لمدة 30 يومًا أزمة كبيرة في أول أيام طرحه، قبل أن تعلن الدول الأعضاء بمجلس الأمن الدولي بالإجماع الموافقة على الهدنة. حيث سبق إقرار الهدنة سلسلة مفاوضات مُكثفة شهدتها أروقة مجلس الأمن أدت إلى إرجاء عقد الجلسة عدة مرات على مدى ثلاثة أيام، جراء التحفظات الروسية على المشروع. وينص قرار الهدنة على مطالبة الأطراف في سوريا بوقف إطلاق النار لمدة 30 يوما على الأقل ودون تأخير، ويسمح للأمم المتحدة بعمليات الإجلاء الطبي "بشكل آمن وغير مشروط"، على أن تسمح الأطراف جميعًا بتسهيل المرور الآمن للعاملين في المجال الطبي والإنساني، ورفع الحصار عن المناطق المأهولة بالسكان بما فيها الغوطة الشرقية. مواجهة حاسمة جاء الإعلان عن الهدنة بعد تأجيل التصويت على مشروع القرار عدة مرات بسبب خلاف بين أمريكاوروسيا التي سعت إلى تعديل صياغته. وقالت مصادر دبلوماسية: إن "التوصل إلى التصويت كان أشبه بمواجهة حاسمة بين السفيرة الأمريكية للأمم المتحدة نيكي هيلي ونظيرها الروسي فاسيلي نيبينزيا حول توقيت بدء الهدنة". وأضافت "المصادر" أن الولاياتالمتحدة حاربت من أجل الحفاظ على صيغة القرار الخاصة ببدء الهدنة فورًا وحرية إيصال المساعدات دون أي تأخير، وفقًا لشبكة "سي إن إن" الامريكية. وتابعت أن روسيا حاولت تخفيف الصيغة لتأخير تطبيق الهدنة، موضحة أن الدول الأعضاء في مجلس الأمن اتخذت موقفًا قويًا في مواجهة روسيا، التي رضخت في النهاية، وقبلت بصياغة الوقف الفوري لإطلاق النار وإيصال المساعدات. استثناء داعش والنصرة من جانبه نفى مندوب روسيا لدى الأممالمتحدة فاسيلي نيبنزيا مزاعم نظيرته الأمريكية التي اتهمت روسيا بتعطيل التصويت على قرار في مجلس الأمن لإقرار هدنة في سوريا لمدة 30 يومًا. وأكد "نيبنزيا" أن روسيا دعمت القرار، وأقنعت دمشق بتعليق عملياتها العسكرية، موضحًا أن بعض البنود هي ما أخرت القرار. وأضاف أن الهدنة لا تنطبق على داعش والنصرة، موضحًا أن هناك من انتهك الاتفاقات في مناطق خفض التصعيد، مؤكدًا أن هناك من يحمل أجندات جيوسياسية في سوريا مثلما هو الحال بالنسبة للولايات المتحدة. ترحيب تركي وتعليقًا على قرار مجلس الأمن حول سوريا، رحبت تركيا بمطالبة مجلس الأمن الدولي وقف إطلاق النار في سوريا، وقالت: إن "أنقرة ستواصل مكافحة التنظيمات الإرهابية التي تهدد الوحدة السورية". وشدد المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، حامي أقصوي، على أن بلاده بذلت كثيرًا من الجهود في مختلف المحافل منذ البداية لإعلان وقف إطلاق النار في سوريا، ولمنع الاشتباكات، وخفض التوتر، مؤكدًا أن بلاده تدعم جهود المجتمع الدولي في هذا الاتجاه. وأشار "أقصوي" إلى أن نقاط المراقبة الست التي شكلتها تركيا في إدلب حتى اليوم، تعتبر دليلًا ملموسًا على جهودها في هذا الشأن. وذكر أن أنقرة كثيرًا ما دأبت على نقل مخاوفها حيال الوضع الإنساني السيئ الناجم عن حصار النظام السوري للغوطة الشرقية، فضلًا عن انتهاكاته لحقوق الإنسان هناك، وطالبت بإنهاء ذلك. خرق وتعهد يبدو أن الهدنة جاءت مجرد حبر على ورق، فبعد ساعات قليلة من إعلان الهدنة، قام النظام السوري بشن غارات جوية على بلدة الشيفونية وقصفها ب5 صواريخ، حسب المرصد السوري. وأضاف "المرصد" أن غارات جوية استهدفت بعد دقائق من إعلان مجلس الأمن إقرار هدنة في سوريا مناطق في الغوطة الشرقية، خاصة في دوما والشيفونية. المثير في الأمر أن مندوب سوريا في الأممالمتحدة، بشار الجعفري كان يمهد الطريق لخرق الهدنة، حيث قال بعد تبني مجلس الأمن للقرار: إن "بلاده ستستمر في محاربة الإرهاب أينما وجد على الأرض السورية، في الوقت الذي نمارس فيه حق السيادة والدفاع عن النفس". وأضاف "الجعفري": "التزمنا باتفاق أستانا المتعلق بمناطق خفض التصعيد، لكن الجماعات المسلحة لم تلتزم". من جانبها، أعلنت المعارضة السورية التزامها بالقرار الدولي لوقف إطلاق النار مع التعهد بحماية قوافل الإغاثة. ومن المقرر أن يبحث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خطة وقف إطلاق النار في سوريا، اليوم الأحد. وأوضحت الرئاسة الفرنسية في بيان رسمي، أن فرنسا ستبقى متأهبة للعمل على إيجاد حل للأزمة في سوريا، داعية كل الدول المعنية أن تحرص على تطبيق الهدنة في سوريا، والتي نص عليها مجلس الأمن ابتداءً من الدول الراعية لاتفاقات أستانا (روسياوتركيا وإيران). كان أعضاء مجلس الأمن ال15 قد وافقوا على القرار الكويتي السويدي، بوقف الأعمال الحربية في سوريا لمدة 30 يوما متتالية على الأقل من أجل هدنة إنسانية دائمة.