المواجهة الأمريكية الروسية تزداد اشتعالاً مع زيادة دموية الاشتباكات فى أوكرانيا أوباما يندد بالعنف المتنامى فى كييف ويطالب ب«تحقيق الانتقال السلمى» للخروج من هذا المأزق الأزمة فى أوكرانيا تزداد اشتعالا والمواجهة بين الحكومة والمعارضة تزداد دموية. وواشنطن تندد بما حدث وتحذر من تداعيات الموقف المتدهور. وأجواء الحرب الباردة تظهر من جديد فى المواجهة السياسية الإعلامية الأمريكية-الروسية. وبالطبع الاتحاد الأوروبى له أيضا نصيب من هذه الأزمة المشتعلة التى أضافت هاجسا آخر لقائمة القضايا الساخنة فى العالم. وردود الأفعال المتتالية لواشنطن تجاه الأوضاع المتردية فى أوكرانيا تعكس أزمة إدارة أوباما فى التعامل مع هذا الملف الشائك. خصوصا أنها تدرك جيدا أنها فى مواجهة أخرى مع الرئيس الروسى بوتين. الرئيس الأمريكى باراك أوباما قبل أن يتوجه إلى المكسيك لحضور قمة ثلاثية مع كنداوالمكسيك ندد بالعنف المتنامى فى أوكرانيا وحذر الحكومة من عواقب وتداعيات هذه المواجهة. وأن الحكومة الأوكرانية تتحمل مسؤولية تدهور الموقف وبأن هناك فرصة من أجل «تحقيق الانتقال السلمى» للخروج من هذا المأزق. ومن المعروف أن الاتصالات على أعلى المستويات تجرى حاليا بين واشنطن وكييف وعواصم أوروبية غربية من أجل احتواء الموقف. وأن نائب الرئيس الأمريكى جو بايدن تحديدا فى تواصل مستمر مع قيادات أوكرانيا. كما أن الحديث لم يتوقف عن احتمال فرض عقوبات جديدة ضد الحكومة الأوكرانية فى حالة عدم استجابتها للحل السلمى واستمرار التعامل بالعنف مع المتظاهرين. وفى السياق ذاته أعلنت الخارجية الأمريكية أنها أصدرت قرارا بمنع وسحب تأشيرات دخول ل20 من أعضاء الحكومة الأوكرانية من المجىء إلى الولاياتالمتحدة. ما يحدث فى أوكرانيا وما قد يحدث فى الأيام المقبلة سوف يشغل بلا شك أهل واشنطن، خصوصا أن هذه الأزمة تأتى فى إطار الانتقادات الموجهة لبوتين ودوره فى تصعيد المواجهة مع أمريكا مثلما هو الأمر فى سوريا. من جهة أخرى عجز الإدارة الأمريكية فى إيجاد حل أو مخرج للأزمة السورية يزداد سوءا كل يوم. جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى حرص فى الأيام الأخيرة على إلقاء اللوم على روسيا وإيران على أساس أنهما لا يتعاونان مع أمريكا وباقى الدول لاحتواء الموقف. وذكر بالأمس أن الرئيس أوباما يوم وصوله إلى المكسيك الأربعاء تحدث هاتفيا مع رئيس الوزراء التركى أردوغان وكان الحديث «حول تزايد الوجود الإرهابى فى سوريا». وكانت واشنطن فى الأيام الأخيرة بدأت الحديث أيضا عن البدائل بعد أن فشلت أو ماتت «جنيف 2». وتكرر الحديث من جديد عن إمكانية تسليح إضافى للمجموعات المعارضة لنظام الأسد مع السعى لضمان عدم وصول الأسلحة لعناصر «داعش» و«جبهة النصرة». وأيضا تم طرح إمكانية فرض مناطق حظر للطيران فى الأجواء السورية وأيضا القيام بقصف جوى لمواقع بعينها تابعة للنظام السورى، بحيث يتم شل أو إعاقة قدراته فى استهداف المعارضة. وقد تردد مؤخرا بعض التفاصيل عن لقاءات مكثفة عقدها ممثلو استخبارات غربية وعربية فى العاصمة الأمريكية الأسبوع الماضى لمدة يومين، من أجل ايجاد وتفعيل استراتيجية جديدة لدعم المعارضة السورية. وكما ذكر ديفيد إجناشيوس الكاتب السياسى البارز فى «واشنطن بوست» حول هذه اللقاءات فإن الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية السعودى كان مشاركا فى تلك الاجتماعات، التى حضرها ممثلون من تركيا وقطر والأردن ودول أخرى داعمة للمعارضة السورية. وأن الأمير محمد عقد أيضا لقاءات مع سوزان رايس مستشارة الرئيس للأمن القومى. وحسب الكاتب الأمريكى فإن الأمير محمد سيخلف الأمير بندر بن سلطان كمدير للاستخبارات السعودية. وأن الرئيس الأمريكى لا يزال متحفظا ورافضا لأى تدخل عسكرى أمريكى. ولا شك أن ملف العلاقات مع السعودية هو موضع اهتمام وإعادة تقييم هذه الأيام. خصوصا أن الرياض أبدت استياءها وغضبها على مدى الشهور الماضية من تعامل واشنطن مع سوريا وأزمتها المستمرة وإيران وبرنامجها النووى.. وأيضا مصر وانتقالها السياسى. ولذلك وقبل زيارة الرئيس الأمريكى للسعودية الشهر المقبل «مارس) واشنط» تأخذ خطوات عدة فى إطار تصحيح المسار أو وضع الأولويات فى أطر وآليات تضمن حماية مصالحها وتعاونها الوثيق مع حليفها الأكبر فى المنطقة السعودية. وفى هذا السياق تم اختيار الدبلوماسى والخبير فى شؤون الشرق الأوسط روبرت مالى لكى يتولى مهام شؤون الخليج وإيران فى مجلس الأمن القومى بالبيت الأبيض. وكان مالى، 50 عاما، قد عمل مستشارا للشؤون العربية الإسرائيلية فى الولاية الثانية للرئيس كلينتون «1998 - 2001» ثم باحثا وخبيرا فى شؤون المنطقة. ويذكر أن والده سيمون مالى، مصرى المولد، يهودى الديانة من مواليد 1923. وكان من مؤسسى الحزب الشيوعى المصرى وقد عمل صحفيا ويقال إنه عمل مراسلا لصحيفة «الجمهورية» المصرية فى نيويورك متابعا للأحداث الدولية، خصوصا حركات التحرر الإفريقية ومنها الثورة الجزائرية. وأغلب هذه المعلومات جاء ذكرها فى صحيفة «الجارديان» البريطانية وهى تنعى وفاته فى سبتمبر 2006. ما تشهده المنطقة من تطورات وتداعيات متتالية يثير انتباه أهل واشنطن. وهم يعرفون جيدا أن هذه الأمور بلا أدنى شك سوف تزداد تعقيدا وسوءا.. ولكن ماذا فى جعبتهم لكى يتم احتواء هذه الأزمات قبل استفحالها؟ هل من إجابة محددة وواضحة وصريحة؟!