عندما علم أيمن الظواهرى الزعيم «المصرى» لتنظيم القاعدة فى 25 ديسمبر الماضى بقرار الحكومة المصرية باعتبار جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، فإنه على الأرجح قطع جدول أعماله، وسجد لله شكرًا. جاء قرار الحكومة المصرية ردًّا على تفجير مديرية أمن محافظة الدقهلية فى فجر اليوم السابق، رغم أن منظمة أخرى «أنصار بيت المقدس» كانت قد أعلنت مسؤوليتها عن هذه العملية. جرى تقديم القرار الحكومى باعتباره تعزيزًا لمكافحة الإرهاب، بينما هو فى واقع الأمر يقدم أكبر مساندة لجماعات الإرهاب فى مصر وخارجها، على النحو الذى يشهده المصريون كل يوم، آخرها، وليست الأخيرة، تفجير قلب المؤسسة الأمنية أمس الجمعة فى قلب العاصمة. منذ قيام المؤسسة العسكرية فى 3 يوليو الماضى بعزل الرئيس السابق محمد مرسى عن الحكم، وخطاب الجماعات الإسلامية الإرهابية يتمحور حول مسألتين: الأولى لوم أعضاء وأنصار الإخوان المسلمين على إيمانهم بجدوى النشاط السياسى السلمى، والثانية دعوتهم للالتحاق بالجماعات المسلحة بعد إقصائهم عن السلطة، باعتباره الطريق الوحيد لإعادة محمد مرسى للحكم. لقى هذا الخطاب التحريضى مصداقية أكبر بعد مقتل المئات من أنصار وأعضاء الإخوان المسلمين خلال فض قوات الأمن اعتصامهم فى ميدان رابعة العدوية فى 14 أغسطس الماضى، الذى لم يعقبه أى تحقيق قضائى جدى أو حتى شكلى! فى 3 يوليو الماضى، بررت المؤسسة العسكرية تدخلها، بمنع حدوث حرب أهلية محتملة. منذ ذلك التاريخ ومخاطر اندلاع الحرب الأهلية تزداد ولا تتراجع، والأنشطة الإرهابية تتوسع وتصبح أكثر جرأة ومبادرة. بدلا من أن تبادر الحكومة ببلورة خطة وخطاب سياسى يساعد على انتشال أعضاء وأنصار الإخوان المسلمين من التطرف الدينى والسياسى، ويعزل قياداتهم المتطرفة، بدلا من ذلك جرى تنظيم حملة أمنية إعلامية (أو إعلامية أمنية) على الذين يدعون إلى ذلك، على رأسهم زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء «المعزول» فعليًّا بسبب ذلك منذ وقت طويل، ليقدم قرار اعتبار جماعة الإخوان المسلمين تنظيمًا إرهابيًّا ما بين نصف مليون إلى 2 مليون مصرى على طبق من فضة إلى جماعات الإرهاب المسلح، وهى مساندة أكبر من أن تستوعبها طاقة النشاط الإرهابى فى مصر، لذا من المؤكد أن «الفائدة»، أو الخراب، ستعم على أماكن أخرى فى عالمنا. ترى كم محمد عطا وظواهرى فى الطريق؟ قد يبدو هذا القرار حماقة من الأجهزة الأمنية التى تدير فعليًّا مصر منذ الثالث من يوليو، وفقا لاعتراف رئيس الوزراء، لكنه فى واقع الأمر يتسق مع الفشل المزمن للسياسة الأمنية المصرية فى مكافحة الإرهاب قبل ثورة يناير وبعدها. توضح المراجعة الملموسة لأولويات السياسة الأمنية فى مصر بعد ثورة يناير، أنها لا تكترث كثيرًا بمكافحة الإرهاب، قدر اهتمامها بتصفية الحساب مع خصومها السياسيين من مختلف الاتجاهات من «غير الإرهابيين». لذا توسع النشاط الإرهابى فى سيناء، وامتلك زمام المبادرة، حتى صار قادرًا على ضرب المقرات الأمنية والعسكرية الرئيسية كل يوم فى سيناء وخارجها، وعلى اصطياد كل يوم عددًا متزايدًا من الجنود والضباط، وعلى نقل عمليات الإرهاب إلى قلب القاهرة ومدن قناة السويس وشمالى مصر. هذه المدن لم تكن ميدانًا للنشاط الإرهابى فى الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضى، الذى اقتصر على القاهرة والصعيد. نستكمل غداً