الثأر والفخر.. سببان جعلا الكبار في صعيد مصر يحملون الأسلحة النارية والثقيلة، حتى جاءت ثورة الخامس والعشرين من يناير لتلقي بظلالها علي حمل الأسلحة لتبدأ الأطفال الصغيرة في حمل تلك الأسلحة، فالأسلحة النارية التي يستخدمها أهالي جنوب مصر ليست للثأر فقط، ولكن في حفلات الزفاف، والتي تطلق بها العشرات بل المئات من الأعيرة النارية، احتفالاً بحفل الزفاف وفخرًا من عائلة "العروسة" أو عائلة "العريس". وفقًا للقانون رقم 475 لسنة 1953، يحظر استعمال الأسلحة المرخصة في المناطق السكنية، والتجمعات العامة كالأفراح والمآتم والاحتفالات، تلك المحاذير تنكسر في الصعيد، حيث تنتشر الأسلحة المرخصة وغير المرخصة، وضرب الأعيرة النارية في الأفراح تقليد لا يمنعه أحد، وإذا كان من يطلق النار في الفرح طفل، تكون الحفاوة بهذا الطفل بالغة، إذ يكون ذلك بمثابة رسالة بأن هذه العائلة لديها من السلاح ما يفيض من كبارها ليصل ليد صغارها. فخر وعادات وتقاليد يقول محمود هريدي، 63 عامًا، بالمعاش، إن حفلات الزفاف التي تتم لدي العائلات والقبائل الكبرى في قري ونجوع مدن ومراكز محافظة قنا بل محافظات الصعيد بأكملها، تطلق بها الأعيرة النارية المختلفة افتخارًا بحفل الزفاف. ويضيف هريدي، إن جميع أنواع الأعيرة النارية والطلقات يتم أطلاقها في الأفراح وحفلات الزفاف، وذلك تعبيرًا عن مدى الفرحة والفخر لدى الأهالي بحفل الزفاف، فضلاً عن أن هناك العديد من العائلات تتصارع في كميات أطلاق الأعيرة النارية وأنواعها سواء آلية أو عادية. الطلقات النارية "سمعة" عائلية وأشار أحمد أبو المجد، 35عامًا، مدرس، إلى أنه من المتعارف عليه إطلاق الطلقات النارية بكثافة في حفلات الزفاف فخرًا ب"الفرح"، والعائلة التي تقوم بإطلاق كمية قليلة من النيران تؤخذ عليها سمعة كبرى وسط العائلات قائلاً: "هيقولوا عيلة فلان ضربت 50 طلقة بس". وتابع، أن السمعة سوف تنتشر في أرجاء القرية أو المنطقة المحيطة بين العائلات أن عائلة أخرى أطلقت طلقات أقل من العائلات في المنطقة المتعارف علي كونها تطلق العشرات أو المئات من الطلقات. طلقات نارية عقب إتمام الدخلة ونوه أحمد فرغل، 19 عامًا، طالب، أن في حفل زفاف شقيقه أطلقت قرابة 300 طلقة نارية، وذلك بسبب كون عائلة العريس تصارعت مع عائلة العروسة في إطلاق الرصاص أمام "المعازيم". ولفت إلى أن الطلقات النارية لا تطلق أثناء إتمام العرس فقط، لكن الأهالي وأبناء العائلات ينتظرون أسفل منزل الزوج والزوجة، وعقب إتمام الدخلة وعقب معرفتهم بأن الزوج "دخل الدخلة الشرعية علي زوجته"، يقوموا بأطلاق النيران أسفل منزلهما. عائلات تؤجر أسلحة في حفلات الزفاف وأكد أحمد صابر، 30 عامًا، موظف، أن هناك العديد من العائلات التي لا تمتلك أسلحة نارية تقوم بتأجير الأسلحة النارية والألية من قري الأجرام في محافظة قنا قري "حمردوم وأبو حزام والحجيرات"، لكي تتباهي وتفخر بالزفاف وتطلق النيران. وأشار، إلى أن العائلات تدفع أموالاً طائلة من أجل أن تظهر التباهي والفخر أمام الجميع في حفل الزفاف، وتتمكن من إطلاق النيران، قائلاً: "لو عيلة فقيرة ومش معاها فلوس بتدفع دم قلبها عشان تأجر أسلحة وتضرب نار". وأكد أن أسعار إيجار الأسلحة يتم احتسابها بشكل يومي حيث يبدأ اليوم من 200 جنيهًا لأي قطعة سلاح خفيفة، والسلاح الآلي تأجيره ب300 جنيهاً لليوم الواحد، موضحًا أن التفاخر بين العائلات بالسلاح ومحاولة إثبات ثراء العائلة وكثرة السلاح، أحد أهم أسباب كثرة طلقات الرصاص. الأسلحة الثقيلة ل"العائلات الكبرى" وقال محمود حمدي، 41 عامًا، مزارع، إن الأسلحة الثقيلة "البنادق الآلية والجرينوف" يستخدمها أبناء العائلات الكبري والمشهورة في حفلات الزفاف ويقموا باطلاق النيران، حتى لا يتم مساواتهم بالعائلات الأقل التي تستخدم الطبنجات والبنادق العادية، بحسب قوله. فخر وتباهي والحصيلة «دماء» أكد مصدر أمني بمدرية أمن قنا، في تصريحات خاصة ل"التحرير"، أن مديرية الأمن استقبلت إشارات من المستشفيات الحكومية وأقسام الشرطة تفيد أصابة قرابة 64 مصابًا ب"الأعيرة النارية الطائشة"، خلال الأفراح وحفلات الزفاف في مدن ومراكز المحافظة ومنهم راح ضحية تلك الطلقات. المصدر، أشار إلى أن العائلات لا تقوم بتحرير محضر ضدد المتسبب في الطلقة النارية الطائشة، وفي التحقيقات بالنيابة العامة يؤكد أبناء العائلات أن تلك طلقة طائشة لا يعرفون مصدرها أو من الذي قام بإطلاقها. ونوه المصدر، أن القانون يعاقب كل من يحمل أسلحة نارية أو آلية دون تراخيص، أو يقوم بأطلاق النيران في أي مكان دون حالة الدفاع عن نفسه في حالة كون سلاحه مرخص من قبل وزارة الداخلية وتحظر استخدام الأسلحة المرخصة، وغير المرخصة في المناطق المتواجد بها كثافات سكانية دون سبب.