أسلحة تنتشر فى الصعيد يتعجب كثير من الناس عندما يرون عاملاً زراعياً لايزيد دخله اليومي علي جنيهات معدودة، وقد لا يكون لديه مصدر دخل من الأساس ويتباهي بسلاحه الآلي الذي يتجاوز ثمنه 15ألف جنيه، لذلك فإن تجار السلاح في الصعيد لا يجدون صعوبة في بيع سلعتهم، فلا يوجد شيء يعوق الصعايدة عن شراء السلاح حتي إذا اضطروا إلي بيع أراضيهم أو ماشيتهم، فالسلاح بالنسبة لهم يعتبر كل شيء، ولديهم اعتقاد أنه بدونه لا يستطيعون أن يعيشوا.. نبحث في هذا الموضوع مع عمد ومشايخ وكبار العائلات بالصعيد عن مطالب الأهالي مقابل تسليم أسلحتهم. بحكم أنني صعيدي أريد أن أؤكد أن مسألة أن يسلم الصعيدي سلاحه تطوعاً منه دون أي ضغوط أو دون حملات أمنية يتم فيها ضبط السلاح هو أمر ليس بمستحيل بل أصعب من المستحيل، لأني أعلم ما يدور في عقول أهالي الجنوب، فالسلاح بالنسبة لهم الماء والهواء فهل يستطيع أحد أن يعيش بدون ماء أو هواء؟!، لكننا نحاول أن نجد الحلول الممكنة والاقتراحات التي تدور في عقل كبار العائلات، وقبل أن نتعرف علي آرائهم نريد أن نأخذ جولة لنعرف مستجدات سوق السلاح في الصعيد. يبدو أن رواج تهريب السلاح من ليبيا خلق ازدهاراً في سوق السلاح بالصعيد وخلق إقبالاً كبيراً بعدما وصل سعر البندقية الآلية أو العروسة كما يطلق عليها أهالي الصعيد إلي ثلاثة أضعافها، وذلك مع ظهور عائلات مسلحة بالكامل بأحدث أنواع في سوق السلاح العالمية ووصولاً إلي الصعيد إلا أن هذا لم يخفض من أسعار سوق السلاح التي كانت معروفة علي امتداد السنوات الماضية بأسلحتها التقليدية بأنواعها وهي البنادق الآلية بأنواعها مثل: الثقيل ذات الدقة الخشبية والمظلات ذات الدقة الحديدية المفرغة ورجل الغراب التي تظهر بسيخ حديدي واحد لتزدحم السوق هناك في أقصي الصعيد وتصبح قري السمطا وحمرة دوم والحجيرات بقنا والكشح والأحايوة بسوهاج والبداري والغنايم بأسيوط نقطة وصول ومرور لأحدث الأسلحة بدءاً من (بن لادن) وهو رشاش روسي ذو 03 طلقة وسعره مابين 51 و52 ألف جنيه وصولاً إلي (البوشكة وهو بخزانة سعة 03 طلقة وسعره يتراوح ما بين 52 و03 ألف جنيه) ثم الجرانوف أو المقاومة وسعره يتراوح ما بين 54 و07 ألف جنيه، ويزداد السوق ازدهاراً بعد وصول عائلة (كلاشينكوف) كاملة إلي الصعيد بأحدث نماذجها وأهمها الشبح ذو الطلقات النارية التي تشبه البندقية الروسي القديمة. كما ظهر نوع جديد بلا مقدمات وهو الجمهوري أو ما يسمي بالمحظور وذلك بسبب ما يشاع عنه من أنه سلاح محظور إلا علي جهات بعينها وهو ما يجعل سعره منخفضاً حيث يبلغ 51 ألف جنيه، وظهر للمرة الأولي في سوق السلاح بالصعيد الرشاش الإسرائيلي بأنواعه الخفيف والمقاومة، وأيضاً الرشاش سريع الطلقات الثقيل، أما السلاح الإسرائيلي الخفيف فسعره يتراوح ما بين 02 و03 ألف جنيه وهو سعة 02 طلقة لذلك يقل الإقبال عليه، وآخر الأنواع الحديثة ما يطلق عليه (الإف إم) وهو سلاح ذو منظار أو مكبر رؤية، ورغم حالة الازدهار في سوق السلاح بالصعيد إلا أن الآلي الثقيل سيبقي محتفظاً بقيمته كالذهب لتصل البندقية الآلي الثقيل إلي 03 ألف جنيه، وتباع فيما يشبه المزاد وإن كان ما يزيد من قيمة السلاح هو مالك البندقية فهو يزيد من قيمتها خاصة إذا كان صاحب البندقية من رموز الأشقياء فإن سعرها يتصاعد إلي الضعف، ولا ينجو سوق الذخيرة من ارتفاع الأسعار حيث وصل ثمن الطلقة عيار9 مم إلي 81 جنيها، والطلقة الروسي إلي 41جنيها. أخذنا ممثلين لكبار العائلات المشهورة والمعروفة لنعرف منهم مطالبهم ليسلموا أسلحتهم، يقول اللواء محمد ربيع من كبار عائلة الأشراف بقنا : حقيقة الأمر أن الأسلحة التي في أيدي عائلات الصعيد غير قابلة للتسليم الحقيقي وإنما يسمي تسليما حكوميا، وما يتم تسليمه هي أسلحة غير صالحة للاستعمال أو أسلحة نصف صالحة، أما الأسلحة المحمولة علي الأيدي والأكتاف فإنها تمثل لأبناء الصعيد والقبائل والعائلات مسألة حياة أو موت فهي وسيلة الدفاع عن النفس والعرض والمال والأرض والكرامة الإنسانية وأيضاً هو وسيلة الهجوم للانتقام والثأر وكلاهما جزء من التراث الإنساني والموروث البيئي لعائلات وقبائل الصعيد وتسليم الأسلحة له موسم رائج لتجارالأسلحة حيث إن كل من يطلب منه قطعة سلاح يقوم بشرائها من تجار الأسلحة المعروفين ويقوم بتسليمها للأجهزة الأمنية، وأحياناً كان يتم اللجوء إلي العنف الشديد من الأمن للحصول علي بعض الأسلحة الثقيلة الحقيقية لدي بعض الأشخاص الضعفاء وقليلي العزوة، لكن حالياً انتهت كل فرص استخدام العنف ضد المواطن، أما واجب الأجهزة الأمنية الحقيقي فيجب أن يكون استهداف جمع الأسلحة من البؤر الإجرامية ومن تجار الأسلحة المعروفين والمشهورين فإن هذا هو الذي يجهض كل العمليات الإرهابية والإجرامية ويحد من سطوة وخطورة حاملي الأسلحة من الخارجين علي القانون . ويضيف اللواء ربيع : الحديث عن تسليم الصعايدة للسلاح الذي يمتلكونه هو وهم، لكن يمكن أن يستغني الشخص عن قطعة من سلاحه أو اثنتين في حالة تيسير عملية الترخيص له، وخاصة أن القانون لم يشترط علي طالب ترخيص السلاح أن يثبت جهة الشراء وإنما يشترط ألا يكون من متحصلات أي جريمة أو من الأسلحة المطلوب ضبطها وألا يكون من الأسلحة المسروقة سواء من محلات الأسلحة أو من الجهات الأمنية، ثم بعد ذلك بالإقناع والمودة سرعان ما يستجيب أبناء العائلات إلي تسليم السلاح وذلك بالتعاون بين كبار القبائل وأجهزة المعلومات الأمنية . ويشير العمدة حجازي أحمد فخري (عمدة فاو بحري بدشنا بمحافظة قنا ) إلي أن أسباب تواجد وانتشار السلاح في الصعيد تعود إلي العادات والتقاليد بين الناس من ثأر ودم، ولكن ليس كل الناس عليهم ثأر فهناك من يشتريه للحماية وتأمين نفسه، لكن في الفترة الأخيرة في ظل غياب الشرطة زادت نسبة وأعداد السلاح في البلد وبين العائلات بصورة كبيرة لدرجة أن الجميع أصبحوا مسلحين، فهناك بعض الناس قاموا ببيع أثاث بيوتهم مقابل شراء قطعة سلاح . ويقترح العمدة حجازي علي الشرطة والحكومة ألا تمارس الأسلوب القديم في جمع السلاح فلابد أن يتوافر عنصر الترغيب وليس الترهيب لدي ضباط ورجال الأمن حتي يبادر الناس بتسليم أسلحتهم، فاليوم أصبح ثمن أقل بندقية 15 ألف جنيه لذلك أصبح من الصعب أن يفرط فيها الشخص بسهولة، لكن هناك أشياء إذا تم تنفيذها يسهل علي الصعيدي بعدها تسليم سلاحه وعدم اقتنائه منها توفير الأمن له، ففي حالة عودة وتوافر الأمن فإنه لن يحتفظ بالسلاح أو يقوم باقتنائه، ثم بعد ذلك إعطاء هذا الرجل ثمن هذه البندقية التي دفع فيها دم قلبه وقد يكون باع أعز ما يملك ليشتريها، وضرورة التواجد الأمني وسرعة التدخل حتي يشعر الناس أن الشرطة عادت وموجودة بجانبهم، وفي حالة تطبيق ما سبق نجد أن تلك هي أفضل طريقة لجمع السلاح في الصعيد، لكني في نفس الوقت أؤكد أن هناك أشخاصا إذا وصلت إلي شراء الصواريخ ستحملها مقابل الحماية والأخذ بالثأر. ويقول عبدالناصر عبداللاه من كبار عائلة محروس بالعوامية بمحافظة سوهاج : من الصعب أن يقوم أي من أهالي الصعيد بتسليم أسلحتهم بسهولة أو حتي مقابل أي شيء، حتي في حالة ترخيص أسلحة لهم لن يقوموا بتسليم ما لديهم من أسلحة، لأنه يقوم بتسليم بندقية ثمنها 03 ألف جنيه مقابل ترخيص طبنجة ثمنها 01 آلاف جنيه إذن فهو خسر 02 ألف جنيه، وأنا أتحدث عن أنه في حالة أخذ البندقية وتسليمه طبنجة مرخصة علي حساب الشرطة وهذا أيضاً يصعب تنفيذه، لكن في حالة توافر الأمان وعودة الأمن فإن كثيرا من الناس سيترك سلاحه أو يستغني عنه لأنه ليس بحاجة إليه طالما هناك أمن، لكن في ظل الانفلات الأمني الذي تعيشه البلاد لا يمكن أن يستغني الصعيدي عن السلاح، وخاصة أن السلاح انتشر حتي في وجه بحري فكيف سيتركه الصعيدي الذي تربي عليه ؟!. ويطالب المهندس فارس الجعفري عضو مجلس الشعب السابق وهو من كبار عائلة الجعافرة بسوهاج بجمع السلاح من الجميع قائلاً : إذا لم يتم أخذه من جميع العائلات لن يتم تسليمه أبداً، ويفضل تشكيل لجنة من رجال الشرطة ولواء جيش والأخيار من العائلات بكل محافظة وأنا شخصياً أتعهد بمقابلتهم والجلوس معهم والتكفل بكل المصاريف من أكل وشرب وأفتح لهم "مندرة العائلة" وأساعدهم علي جمع السلاح من عائلتي، علي أن يتم تنفيذ ذلك علي كل البلاد والعائلات وأن يأخذوا مثلاً أسبوعا في كل بلدة حتي يتمكنوا من جمع ما بها من أسلحة، علي أن يقوموا بترخيص 4 بنادق من البنادق المسموح بترخيصها لكل عائلة مثل البندقية الألماني أو آلي ملغي منه السريع، ويجب أن يكون لدي هذه اللجنة قرارات اعتقال لمن يرفض تسليم سلاحه، كما يجب تنفيذ الأحكام الصادرة ضد من ضبط بحوزته أسلحة بدون ترخيص لأن هناك أحكاما كثيرة وصلت إلي المؤبد لم يتم تنفيذها حتي الآن، ومن يستدل علي أنه تاجر لابد أن يسلم 20بندقية لكن الأهالي يسلمون بندقية واحدة . ويضيف العميدأحمد إسماعيل عضو مجلس الشعب السابق ومن كبار عائلة الحمامدة بجرجا : لابد أن يكون هناك توازن عند التسليم بين العائلات كما يجب أن تتفق كل العائلات علي تسليم السلاح وهو أمر صعب لأن كل بيت الآن إن لم يكن لديه سلاح فإنه بادر بشراء بندقية أو أكثر، كما يجب أن يتابع رجال الشرطة الأفراح التي أصبح عند الصعايدة ضرورة استخدام السلاح فيها وفتح النار للتباهي وخاصة أنها أصبحت منافسة بين العائلات والقوة لمن يطلق أعيرة نارية أكثر في فرحه، لابد أن يذهب رجال المباحث إلي أصحاب الفرح ويطلبون منهم السلاح الذي استخدم ليلة الزفاف، وينبغي علي كل منا أن يبدأ بنفسه في تطبيق العادات الصحيحة وهنا أتذكر أنه منذ عدة أيام كان عندنا فرح وأقاربي طلبوا مني ضرورة وجود مزمار بلدي وشراء كميات من الطلقات النارية لاستخدامها يوم الفرح مثل باقي العائلات فرفضت ذلك واشترطت عليهم لإجراء الفرح شيئين هما عدم دخول السلاح والشيشة إلي المكان وبالفعل تم ذلك لدرجة أن رئيس مباحث المركز انبهر وكان سعيدا جداً بما فعلته . وعندما سألت العمدة جمال البدري (عمدة نجوع الرياينة بمركز ساقلتة بسوهاج) في هذا الموضوع استغرب لما أقوله وقال لي: مستحيل أن أهل الصعيد يفرطون في السلاح، لكن يمكن التقليل من استخدام السلاح غير المرخص بتسهيل إجراءات الترخيص للمواطنين، لأن هناك كثيرا من الناس تستخدمه للحماية ولأنهم يعيشون بالقرب من الجبال وبين الزراعات حيث تخرج عليهم الحيوانات المفترسة مثل الذئاب ، لذلك يفضل تخفيف شروط الترخيص لهم لأن هناك كثيرا من الشروط تجعل الناس تلجأ إلي طرق غير مشروعة للحصول علي الترخيص، كما أن هناك بعض المخبرين يطلبون من الناس مبالغ مالية مقابل كتابة تقرير جيد في هذا الرجل وأنه يستحق الترخيص وفي حالة عدم دفع هذا المبلغ فإن التقرير يكون ضد طالب الترخيص ، حتي حملات السلاح لن تقضي علي الأسلحة الموجودة بالصعيد لأنه بمجرد خروج الحملة تكون الأخبار وصلت إلي العائلات والكل يأخذ سلاحه ويخرج في الزراعات وعندما تأتي الشرطة لا تجد أحدا في المنازل وتعود كما جاءت .