ملكة الجمال الهادئ في سينما الأبيض والأسود، هكذا عرفت الفنانة زهرة العلا التي برعت في لعب دور الفتاة الأرستقراطية والحبيبة المثالية، واشتهرت بأنها صاحبة الوجه الملائكي والملامح الرقيقة التي اكتسبت حب الجماهير، رغم أنها لم تكن البطلة الأولى في كثير من أعمالها الفنية التي بلغت 120 فيلمًا و50 مسلسلًا تليفزيونيًّا. في 10 يونيو عام 1934، ولدت "زهرة العلا محمد بكير رسمي" بالإسكندرية، وانتقلت مع عائلتها إلى المحلة الكبرى، وبعدها إلى القاهرة وعاشت في حي "السيدة زينب"، والتحقت بمعهد الفنون المسرحية نظرًا لموهبتها الفطرية التي ظهرت عليها منذ الصغر، وكان والدها يشجعها على التمثيل، وقدمها لصديقه الفنان يوسف وهبي. عميد المسرح العربي "يوسف وهبي" رفض انضمام زهرة العلا لفرقته نظرًا لصغر سنها، وأخذت الطفلة زهرة العلا تبكي بشدة، وعندما رأتها الفنانة "أمينة رزق" طلبت من الفنان زكي طليمات أن يضمها لفرقته المسرحية ووافق بالفعل، ولكن تم تزوير شهادة ميلاد "زهرة العلا"، لأن المعهد كان يرفض الطلبة تحت سن السادسة عشرة. "خدعني أبي" كان الفيلم الأول لزهرة العلا، أما فيلم "أنا بنت ناس" فكان سر انطلاقها، وانضمت بعده لفرقة "إسماعيل ياسين"، وشاركته في عدد من أعماله البارزة، مثل 'إسماعيل ياسين في الأسطول''، و''إسماعيل ياسين في البوليس''، و''ملك البترول'' و''أبو عيون جريئة''، وغيرها. في السنة الأولى من دراستها، أسند لها أحد المخرجين دورًا سينمائيًّا اضطرت فيه ل"قص شعرها"، ووافقت بالفعل على هذا الدور الذي تحدثت عنه فيما بعد قائلة: "المخرج أرادني أن أكون على الموضة المنتشرة في ذلك الوقت بعد الحرب العالمية الثانية، وأمام إصراره خضعت للأمر الواقع وقصصت شعري، مما جعل خطيبي وقتها يتركني لأنه كره شعري القصير، ومع كل التضحيات التي قدمتها لهذا الدور إلا أنه لم ير النور بسبب خلافات المنتج والمخرج التي أوقفت تصوير الفيلم". "خليفة أمينة رزق"، هكذا شبه البعض الفنانة الراحلة زهرة العلا بعد براعتها في الأدوار الدرامية، وردّت على ذلك: "ياريت.. التمثيل موهبة طبيعية لا يمكن للصناعة أن تفلح في خلق مِثلها، ولو أفلحت فسيكون التمثيل صناعيًّا والممثل الصناعي لا ينجح". أما الفنانة الراحلة "أمينة رزق"، فقالت في تصريحات صحفية لمجلة "الجيل" عام 1956: "زهرة العلا أعظم ممثلة ظهرت على المسرح"، وأضافت:"رغم تفوقها؛ فإنها لا تستطيع أن تحل محلي في جميع أدواري، فمن الصعب إيجاد خليفة لي في الوقت الحاضر". "هنادي السينما"، لقب حصلت عليه الفنانة زهرة العلا بعد براعتها في أداء دورها في فيلم "دعاء الكروان" عام 1959، وهو أحد الأفلام الشهيرة في تاريخها الفني، إضافة إلى دورها في "سر طاقية الإخفاء" و"الوسادة الخالية" وفيلم "جميلة بوحيرد" و"في بيتنا رجل" و"سيدة القصر" وغيره، كما قدّمت عددًا من المسلسلات التليفزيونية، منها "الزوجة آخر من يعلم" و"إني راحلة" و"على هامش السيرة". وعن حياتها الخاصة، تزوجت الفنانة زهرة العلا 4 مرات، وكانت المرة الثالثة من الفنان صلاح ذو الفقار أثناء تصوير فيلم "رد قلبي" عام 1957، حيث اقترح ذو الفقار على زهرة أن يتمما زواجهما في نفس يوم إعلان زواجهما بالفيلم، قائلا: «ما تيجي نخليها جد»، ولكنهما انفصلا بعد عام واحد وربطت بينهما علاقة صداقة، وتزوجت المرة الرابعة من المخرج حسن الصيفي، واستمر زواجهما لمدة 45 عامًا، وأنجبت منه ابنتان هما ''أمل'' و"منال". "أرض أرض" عام 1991 كان النهاية الفنية لهنادي، حيث قاطعت التمثيل وابتعدت عن وسائل الإعلام وتفرغت للعبادة، ولم تخرج من منزلها إلى لزيارة الفنانة "شادية"، وعانت في نهاية حياتها من مرض الشلل، ورغم تكاليف العلاج الباهظة، فإنها رفضت العلاج علي نفقة الدولة باعتبارها فنانة لها تاريخها الكبير، وفي 18 ديسمبر عام 2013 توفيت بعد صراع مع المرض عن عمر ناهز 79 عامًا.