مدير «الحق في الدواء» عن الصفقة: محاولات للخصخصة وشهادة إعلان وفاة للشركات الوطنية لإنتاج واستيراد الأدوية للمرة الأولى في تاريخ سوق الدواء في مصر، تفوز شركتان غير حكوميتين بمناقصة لاستيراد وتوزيع 18 مليون عبوة ألبان سنويًّا بتكلفة 600 مليون جنيه. هذه المناقصة جاءت في ظل نقص ألبان الأطفال والأدوية المدعومة بالصيدليات وفساد الألبان مجهولة المصدر التي كانت تستوردها وزارة الصحة والسكان قبل سنوات بالأمر المباشر. وجاءت هذه الصفقة بعد أن تمَّ إلغاؤها ثلاث مرات سابقة خلال العام الماضي؛ نظرًا لوجود العديد من المشكلات الخاصة بتشكيل اللجنة المكلفة بفض "المظاريف" وبيان الاشتراطات الصحية اللازمة. ففازت شركة "إيفا فارما للأدوية" المملوكة لرياض أرمانيوس بصفقة الألبان المدعمة لاستيراد الأصناف من الخارج، بينما فاز بتوزيع الصفقة الشركة المصرية للأدوية وشركة "مالتي فارما" المملوكة للدكتور أحمد العزبي. في البداية، تقدَّمت الشركة المصرية لتجارة الأدوية، إحدى الشركات التابعة للشركة القابضة للأدوية، وهي من أكبر شركات توزيع الأدوية المحلية والمستوردة وألبان الأطفال والأدوية المدعومة، بعرضٍ مالي بسعر 29.5 جنيهًا لبيع العبوة، بالإضافة إلى أربعة موردين "ضامنين" تقدمهم الشركة بحسب ما تقتضي شروط الممارسة، بينما تقدَّمت شركة "إيفا فارما" بعرض مالي أكبر بسعر 31 جنيهًا ومورد واحد فقط "ضامن"، وتمَّت الموافقة الفنية على عرض الشركتين، للمرة الأولى في تاريخ توزيع الأدوية في مصر، منذ إنشاء الشركة المصرية لتجارة الأدوية. رغم أنَّ كراسة الشروط المخصصة للممارسة ضمَّت عددًا من الاشتراطات الفنية للفوز بالصفقة، بدايةً من الاستيراد من الخارج وإرساء العطاء على الشركة التي تتقدَّم بالسعر الأقل، وكذلك الشركة التي تضمن أكثر من مورد وهو ما ينطبق على الشركة المصرية للأدوية، ولا ينطبق على شركتي "مالتي فارما"و"إيفا فارما"، حسب ما قال محمود فؤاد مدير مركز "الحق في الدواء". وأضاف فؤاد، في تصريحاتٍ ل"التحرير"، أنَّ الشركة المصرية للأدوية حين أُنشِئت في "الستينات" كانت مسؤوليتها الرئيسية إنتاج واستيراد وتوزيع الأدوية الاستراتيجية، وحين تتم الموافقة على عرض الشركتين "إيفا" و"مالتي فارما" بالمخالفة للقانون فإنَّ هذا الأمر يهدِّد صحة المواطنين. وتساءل فؤاد حول ما إذا كانت شركه التوزيع الخاصة "مالتي فارما" التي فازت ب20% من الصفقة، وتمتلك سلاسل صيدليات تبلغ أكثر من 120 فرعًا على مستوى الجمهورية ستوزِّع نصيبها على سلاسلها فقط؟، وهل تستطيع هذه الشركة التوزيع في المحافظات النائية مثل مطروح وشمال سيناء والوادي الجديد؟ من عدمه، مؤكِّدًا أنَّ الخوف الأكبر ألا تذهب هذه الألبان المدعمة إلى مراكز الأمومة والطفولة التي بالكاد كانت تكفيها صفقة الألبان ثمانية أشهر فقط من العام. وأضاف أنَّ هذه محاولات من الحكومة لدخول القطاع الخاص وشركاته في عملية استيراد وتوزيع الدواء ودخول الدكتور أحمد العزبي وشركته "مالتي فارما" في توزيع 20% من الأدوية داخل مصر، في الوقت الذي فازت فيه الشركة المصرية ب80% من صفقة توزيع الألبان المدعمة، واحتكار عدد من رجال الأعمال البارزين لسوق الألبان والأدوية المدعومة في مصر. وهي المرة الأولى التي تدخل فيها شركة غير حكومية في عمليتي التوزيع والاستيراد بما يؤثر سلبًا على سوق الدواء في مصر بعد أن تراجع إجمالي تجارة الدواء من 78% إلى أقل من 6% خلال العام الجاري. من جهته، قال الدكتور خالد مجاهد الناطق باسم وزارة الصحة إنَّ هذه هي المرة الأولى التي تتم فيها ترسية "مناقصة ألبان الأطفال" على شركات عالمية من خلال ممارسة مفتوحة وليس عن طريق الإسناد بالأمر المباشر، كما كان يحدث من قبل. وأضاف ل"التحرير"، أنَّ هذا الأمر سيساهم بصورة كبيرة في توفير الاحتياجات اللازمة للأطفال من ألبان في ظل نقص توافر هذه المنتجات.