كتب- أحمد مطاوع: الإرهاب والجنس، من القضايا الشاغلة التى توغلت وسيطرت على عقول كثير من البشر على مستوى العالم، من بينها من تعامل معها بمنطق التحصين باتباع الأساليب العلمية والتثقيفية والمواجهات الفكرية دحضًا للسلبيات وبترًا للشذوذ، فى حين اقتصرت مواجهات دول أخرى على قانون العيب المتوارث والتجاهل؛ ولعل دول العالم الإسلامى التى تشهد حاليا تفحلا فى هذه الظواهر، سواء من حيث انتشار العنف الذى بات بمثابة الخطر الذى يهدد استقرار العالم، والمرتبط بانتشار الجهل والفقر فى تردى الحالة الاقتصادية والاجتماعية غياب حياة سياسية وثقافية سليمة، أو الممارسات والأفعال الخاطئة تجاه مسألة الجنس والتى أصبحت بمثابة هوس خلّفه الكبت وتأخر سن الزواج والبطالة والحالة المادية الصعبة التى يعانى منها الشباب اليوم. صراع الفطرة والرغبة الفضيلة والأخلاق وادعاؤهما غير مرتبطين بمجتمع أو دول بعينها، سواء اتسق ذلك وبنى على أساس دينى أو قيم تربية وتنشئة أو حتى مبادئ زرعتها الأيام والتجارب.. وفى المجتمعات الإسلامية دائمًا، ما نغضب ونثور دفاعًا عن مقدساتنا وتراثنا وتعاليمنا الإسلامية، وقضية الجنس تحكم ممارساتها وسبل تلك الممارسات ثوابت وأسس دينية، يعتبر الخروج عنها بمثابة خرق للالتزام الدينى، له عقابات متنوعة قياسًا بحجم العروج، وفى مصر تحديدًا ذاعت مقولة "شعب متدين بطبعه"، وانتشرت وتردد فى كل الأوساط، لدرجة أنه أثناء ارتكاب الآثام والخروج عن الدين وتعاليمه تردد نفس المقولة، وكأن المصريين "كدبوا الكدبة وصدقوها"، والحال فى السعودية لا تختلف كثيرًا، إذ أضفت الأماكن المقدسة بها نوعًا من السمو الدينى على شعبها، وكأنهم لا يخطئون أبدًا، وكذلك إيران وإن اختلفت المذاهب، ترى فى نفسها وشعبها نوعًا من الصفوة الإسلامية وأنها الأحق بقيادة الدين، مما أضفى عليها نوعًا من التشدد. وفى تقرير صادم أعده أحد المواقع المتخصصة فى البحث عن المواد الإباحية عبر الإنترنت، مطلع الشهر الجارى، مستعينًا ببعض البيانات من محرك البحث الأشهر فى العالم "جوجل"، كشف عن سيطرة الدول الإسلامية، حتى الأكثر تحفظًا منها، على أغلب المراكز الأولى فى ترتيب أكثر الدول بحثًا ومشاهدة للمواقع الإباحية على مستوى العالم. وجاءت المراكز ال10 الأولى على النحو التالى: 1- باكستان 2- مصر 3- فيتنام 4- إيران 5- المغرب 6- الهند 7- المملكة العربية السعودية 8- تركيا 9- الفلبين 10- بولندا التحرش والاعتداءات الجنسية فى ارتفاع احتلت مصر المرتبة الثانية فى نسبة التحرش الجنسى على مستوى العالم بعد أفغانستان، حيث تتعرض 64% من سيدات مصر للتحرش والاعتداء الجنسى بنسب متفاوتة، وفقًا لتقارير منظمات الدفاع عن حقوق المرأة العالمية عام 2015. وجاءت مصر فى الترتيب الثانى أيضا فى قائمة الاتجار بالنساء وفقًا لتقرير مركز القاهرة للتنمية وحقوق الإنسان؛ وطبقًا لدراسة صادرة من مؤسسة "تومسون رويترز" فإن مصر أسوأ مكان فى العالم لعيش المرأة من بين ٢٢ دولة شملتها الدراسة. وفى السعودية.. ارتفعت نسبة التحرش الجنسى بصورة ملحوظة، من الجنسين سواء الرجال تجاه الفتيات والعكس، حيث أشارت الإحصائيات إلى أن حالات التحرش أسبوعيا من كلا الطرفين أيام العطلات الأسبوعية، تتراوح بين 5 إلى 6 حالات فى المراكز التجارية بجدة، وفقًا لتصريحات محمد علوى رئيس لجنة المراكز التجارية فى الغرفة التجارية الصناعية بجدة. إيران.. شهدت صناعة الجنس ازدهارًا كبيرًا في العقدين الماضيين، فمنذ بدايات تسعينيات القرن الماضي، كانت صناعة الجنس منتشرة في معظم المدن والبلدات الإيرانية وخاصة في طهران. لكن العاملات في هذه الصناعة يرغمن عادة على العمل في الخفاء. ومنذ عشر سنوات تقريبًا، قالت صحيفة "انتخاب" إن عدد العاملات بصناعة الجنس بلغ 85 ألفا في طهران وحدها. وتشير الأرقام إلى أن 10% إلى 12% من العاملات في صناعة الجنس متزوجات وهذا الرقم يعد كبيرا ومفاجئا، وأشارت أيضًا إلى أن هناك رجالا أيضًا يعملون فى هذه السوق. الإرهاب.. متطرفون يَصِمُون الدين دائمًا ما يضع المهوسون ومتطرفو الأفكار فى عدد ليس بقليل من دول أوروبا وأمريكا، الإسلام محل اتهام لصيق بانتشار الإرهاب والعنف فى العالم، سواء كان ذلك عن جهالة بالدين الإسلامى، أو قراءات مقتطعة أو سطحية، وبعضهم من يكون مدركا ولكن يصدر تلك الصورة بداعى الكراهية العمياء لنوازع تاريخية أو أغراض ومساعٍ مقصودة، ولنا فى الولاياتالمتحدة الأمريكية باعتبارها القوة الأكبر فى العالم، مثال على صعيد رأس السلطة هناك، فكان الرئيس الأسبق جورج بوش "الابن"، عدوا لدودا للإسلام، وإن كان ذلك مستترًا قبل أن تفضحه زلة لسانه فى إحدى الخطابات، إذ دعا لشن حرب صليبية على بلاد الإسلام، والآن ينافسه بقوة وعلانية واضحة المرشح الرئاسى دونالد ترامب، الذى لم تخلُ تصريحاته أو خطاباته من لهجة العنصرية الحادة تجاه المسلمين؛ والهجوم والاتهام نفسه جاء ممن كانت فطرتهم يوما على دين الإسلام ومحسوبين على بلاده، وتركوه وتشككوا فيه أو فى وجود رب لهذا الكون من الأساس، وانجرف بعضهم فى تصدير قناعات تربط التدين بالإرهاب. وفى مواجهة حقيقية لذواتنا، قد تبدو صادمة بعيدًا عن نزعات الكره والتعصب التى يكنّها المتطرفون من بلاد ذات أغلبية على مستوى الديانات الأخرى للأراضي تعتنق الدين الإسلامي كختام النصوص السماوية، نصطدم بحقائق رقمية وقياسات دولية ربطت الإرهاب ببلاد المسلمين، لسنا هنا مجال الغوص فى أسبابها الآن، وإن ارتبطت بشكل مباشر بالفهم الخاطئ لصحيح الدين، وسبقها تدهور وتدن واضحان فى الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بهذه الدول، إلا أن الإحصائيات أظهرتنا وكأننا أمام تطبيق فعلى لمقولة الإمام محمد عبده حينما عاد من أوروبا، بأن فى بلادنا "مسلمون بلا إسلام". بلاد الإسلام مواطن تصدير الإرهاب كشف مؤشر الإرهاب عام 2014، أن مستوى الإرهاب يأخذ مسارًا تصاعديا فى العالم، من خلال أرقام استخلصها من 162 دولة بين عامى 2000 و2013، حيث أظهرت الأرقام مسؤولية 5 دول إسلامية عن 82% من نسبة الوفيات الناجمة عن العمليات الإرهابية وهى، العراق وأفغانستان وباكستان وسوريا، بجانب نيجيريا ذات الأغلبية المسلمة بأكثر من51%. وأشارت النتائج إلى أن هناك 4 جماعات ومنظمات إرهابية، تدعى قيامها على نوازع دينية إسلامية، مسؤولة عن ثلثي العمليات الإرهابية في العام الماضي، وهم، "داعش وبوكو حرام والقاعدة وطالبان". المسلمون يقاتلون أنفسهم رتّب مؤشر الإرهاب الدولي دول العالم من حيث حجم انخراطها في العمليات الإرهابية ومدى تعرضها لمثل هذه الهجمات، وهنا نقدم لكم ترتيب دول الشرق الأوسط بالتحديد على هذا المؤشر. 1- العراق: أحرز 10 نقاط من أصل عشر نقاط، باعتباره أكثر المتضررين. 2- سوريا: وأحرزت 8.12 نقطة. 3- الصومال: 7.41 نقطة. 4- اليمن: 7.31 نقطة. 5- مصر: 6.5 نقطة. 6- لبنان: 6.4 نقطة. 7- ليبيا: 6.25 نقطة. 8- السودان: 5.77 نقطة. 9- جنوب السودان: 5.6 نقطة. 10- الجزائر: 5.52 نقطة. 11- إسرائيل (فلسطين المحتلة): 4.66 نقطة. 12- البحرين: 4.41 نقطة. 13- تونس: 3.29 نقطة. 14- السعودية: 2.71. 15- المغرب: 2.11 نقطة. 16- الأردن: 1.76 نقطة. 17- الإمارات: 0.29 نقطة. 18- الكويت: 0.4 نقطة. 19- عُمان: 0.0 نقطة. 20- قطر: 0.0 نقطة. داعش الأكثر عنفًا فى التاريخ الحديث أواخر 2015، قالت صحيفة "إندبندنت" البريطانية إن 42 جماعة مسلحة حول العالم أعلنت ولاءها ودعمها لتنظيم داعش الإرهابى، وتراوحت تلك الجماعات من أنصار الخلافة فى الفلبين إلى أنصار بيت المقدس فى سيناء، واصفة "داعش" بالتنظيم الإرهابي "الأكثر ثراءً وعنفًا فى التاريخ"، وأن الفصائل الموالية لداعش موجودة فى الجزائر وغزة، بينما أرسلت جماعات من أفغانستان وباكستان مقاتليها إلى المعارك فى سوريا والعراق. هل الإرهاب مرتبط بالجنس؟ وما علاقة الدين؟ لا يمكن الجزم إطلاقًا أو بشكل مباشر، بوجود علاقة مشتركة بين الإرهاب والجنس، رغم وجود دراسات غربية تزعم وجود دوافع جنسية وراء الأعمال الانتحارية والإرهابية، ربطتها بالكبت الذى يعانى منه الشباب المسلم بسبب القيود الدينية وعادات وتقاليد المجتمعات المنغلقة، مفسرة الإقدام على مهام انتحارية بدافع الفوز ب"الحور العين" فى الآخرة؛ وعلى الرغم من شيوع ما سمى ب"جهاد النكاح" كان أحد الدوافع التى شجعت الشباب المحبط وفاقد الأمل فى المستقبل مؤخرًا، للانضمام لمثل تلك الجماعات المتشددة والتى تقوم بأعمال إرهابية تريق بها دماء الأبرياء، فإن ما سبق عرضه ليس الحقيقة الأدق وراء تلك الظاهرة. واقعيا، وفى ظل البحث عن الأسباب الحقيقية ومواجهتها كسبيل أصلى لعلاج المرض من أساسه، خاصة أنه أصبح ظاهرة مدمرة تهدد الأمن فى العالم، فإن روابط ما قد تبدو مشتركة بين كل الشباب الذين يشكلون عصب تلك الجماعات المتطرفة كداعش والقاعدة وغيرهما، تتمثل فى عدم اندماج هؤلاء الشباب فى المجتمع، وعدم ترك مساحة ومتنفس حقيقيين للمشاركة فى تحديد مصائرهم، ورسم مستقبل بلادهم باعتبارهم جزء فاعل فيه، وغياب الممارسة السياسية الحقيقية، ونزع الثقة بالتقادم من روحهم بعصف آمالهم وكبت طموحاتهم، كأمور تسهم بالضرورة فى ضعف شخصيتهم وإرادتهم، وذبذبة عقائدهم الفكرية والدينية، فى ظل غربة وعزلة داخل وطن لا يحتويهم، كلها عوامل تجعلهم مسلوبين من ذواتهم، وتضعهم فريسة سهلة أمام أى مطامع يتم إغراؤهم بها؛ كل ذلك مغطى بمظلة كبيرة من الفقر والجهل والتردى الاجتماعى والاقتصادى، وسوء الأحوال على كل المستويات، وغياب التوعية الدينية السليمة ورتابة الخطاب الدينى وعدم تحديثه، مما يصدم الشباب بواقع قاسٍ تتبدد أمام آماله وأحلامه فى مستقبله وبناء أسرة سليمة، فيبحث إما عن الخلاص، أو البدائل مهما كانت خطورتها، ويتحول من إنسان مُقبل على الحياة إلى كاره لها، من مسالم إلى شرس وعدو للوجود وللمجتمع بأكمله.