باحثة تربوية: بلطجة مضادة لغياب العدالة الإجتماعية وماذا ننتظر من 160 طالب بفصل واحد التشاحن والاشتباك بالأيدى، والإمساك بالملابس وربما شد الشعر، باتت مظاهر كلاسيكية راقية للعنف المدرسي، مقارنة بالواقع الصادم الذى بتنا نشهده تلك الأيام، من طعن بالمطاوى، وضرب بزجاجة فى العنق، وشج الوجه والرقبة ب «كتر»، لنصل إلى الموت والتشويه... «التحرير» رصدت «جرائم الصغار» في مدارس الفوضى والعشوائية
تلميذة تقطع وجه زميلتها ب «موس» شهد يوم أمس «السبت» وحده كارثتى إجرام مدرسي، فى محافظتين مختلفتين، الأولى بالدقهلية، أصابت تلميذة بالصف الثانى الإعدادى، زميلتها بجرح قطعي في الوجه بعد خروجهما من أحد الدروس الخصوصية. وأكدت التلميذة المجنى عليها فريال خالد الحصرى 14 سنة، على أن زميلتها «ر.ي» اعتدت عليها بشفرة «موس» وأصابتها بجرح قطعى في الوجه، تبين أنه احتاج إلى «8 غرز طبية»، فى حين دخلت الطفلة فى حالة نفسية سيئة، عطلتها عن الدراسة التى هى متفوقة بها، بينما شكت أسرتها ضغوطًا من أسرة المتهمة للتنازل، وحررت الشرطة محضرًا بالواقعة، لتباشر النيابة التحقيق فى الجناية. جاءت الواقعة الثانية، فى محافظة بنى سويف، حيث تعدى تلميذ بالمرحلة الإعدادية، بمركز ببا، على زميله بشفرة حلاقة، أصابه بها بجرح قطعي في الرقبة، وذلك في مشاجرة بينهما داخل المدرسة.، وتمكن أطباء الوحدة الصحية من إسعاف الطالب «عمار ن ج» يدرس بالصف الثاني. تلميذ ثالثة ابتدائي يذبح زميله برقبة زجاجة بعد واقعتى يوم السبت، وقعت حادثة الإسكندرية بعدهما بخمسة أيام، داخل مدرسة عزيز أباظة الإبتدائية المشتركة، التابعة لإدارة المنتزه التعليمية بقطاع شرق الإسكندرية، وشهدت إصابة التلميذ «محمد.م» بقطع ذبحى فى العنق، على يد زميله بالصف الثالث الإبتدائى، مستخدمًا «زجاجة». وأشارت المعلومات حول الحادث، إليى أن مشادة وقعت بين تلميذي الابتدائى، ترصد خلالها الطفل الذى بالكاد تجاوز عمر الثامنة، بزميله أمام المدرسة، وطعنه فى عنقه ويده وفر من المكان، بينما دخل الطفل المصاب إلى المدرسة غارقًا فى دمائه، ليسقط على الأرض مع رؤيته أول مدرس يصادفه، والذى بادر باستدعاء الإسعاف، بينما ساد الهلع بين الأهالى والطلبة، ورفض الكثيرون الانتظام فى الدراسة المسائية لذات اليوم بعد الواقعة، وبالفعل تم إلغائه. تلميذ يطعن زميله بمطواة قبل واقعة الإسكندرية بيومين فقط، وتحديدًا فى 20 فبراير، اعتدى تلميذ بالصف الثاني الإعدادي، في القليوبية على زميله بالضرب بآلة حادة «مطواة» محدثًا إصابته؛ بسبب الخلاف على لعب الكرة، وتم تحويل المصاب إلى مستشفى شبين القناطر العام. وأفاد الأطباء، أن الطالب «محمد.س»، 15 عاما بالصف الثاني الإعدادي، وصل المستشفى مصابا بجرح نافذ أعلى الصدر من الخلف وجروح قطعيه باليد اليسرى. واتهم الطالب زميله «محمد.إ»، الذى فى نفس عمره، بأنه من أحدث إصابته، حين نشبت مشاجرة بسبب لعب الكرة، تدخل المجنى عليه لمحاولة فضها وآخرين، فكان نصيبه طعنة مطواة فى الظهر، وتحرر عن ذلك المحضر رقم 5901 وتم ضبط الطالب المتهم واتخاذ الإجراء القانونى ضده، بإحالته إلى نيابة الطفل.
تعرى وتدخين داخل المدارس بالرجوع يومين قبل ذلك الحادث، تطالعنا جريمة جديدة فى محافظة الدقهلية، حين أقدم «طارق.م» التلميذ بالصف الثانى الثانوى، على الإعتداء على زميله إيهاب السيد البربرى بسلاح أبيض ( كتر )، داخل مدرسة أحمد لطفى السيد بالسنبلاوين، فأصابه بجرح قطعى فى الوجهة وفر هاربا خارج المدرسة. وكان من تفاصيل المأساة أن التلاميذ هم من حملوا زميلهم المصاب إلى المستشفى، دون تدخل سريع من الإسعاف، وتم إسعاف الطالب المصاب بعشرين غرزة فى الوجه والرقبة والجبين، فى مشهد شنيع لا تتحمله عين. لكن بالنزول إلى أرض الواقع، والتيقن من غياب الرقابة والإشراف بالمدرسة، تبدوا الجريمة التى نشير إليها منطقية، نظرا لما سبق وتم تسريبه لفيديو من داخل المدرسة، يظهر فيه التلاميد وقد قاموا بخلع ملابسهم، وتبادلوا تدخين «السجائر» وألقوا المقاعد من نوافذ الفصول الدراسية. يقتحم اللجنة ليطعن زميله تؤكد الحوادث المعلنة أن الدموية داخل المدارس، لا تخضع لاعتبار الرقابة ووجود المدرسين من عدمه، وذلك بعد اقتحام طالب بالصف الأول الثانوي الفني بالغردقة، يوم 14 يناير الماضى، على زميله بسلاح أبيض، داخل لجنة لامتحان نصف العام، بسبب تدخل المجنى عليه لفض مشاجرة قبل الدخول إلى المدرسة. وتبين أن الطالب المصاب، يدعى «م.س» 16 عاما، والمتهم «على.س» يكبره بعامين، وتشاجر الأخير مع غيره قبل دخولهم المدرسة، فتدخل المجنى عليه لفض المشاجرة وعددًا من زملائه، وبالفعل انتهى الموقف، ودخل الطلبة إلى امتحانهم، لكن المتهم جلب سلاح أبيض، واقتحم لجنة الامتحان، رفقة عددًا من معارفه، وتعدوا على المراقبين، وأصابوا الطالب الذى تدخل لفض المشاجرة بطعنة من سلاح أبيض، وفروا هاربين.
ضرب حتى القتل توفى طالب فى محافظة الغربية، يوم 4 أكتوبر الماضى، داخل مدرسة سنباط الثانوية المشتركة التابعة لمركز زفتى، خلال مشاجرة مع زميله، ومن شدة الضرب، سقط المجنى عليه «مصطفى منصور»، بالصف الثانى الثانوى، مغشيًا عليه وفارق الحياة خلال دقائق معدودة. بلطجة مضادة تعقيبًا على تلك الحوادث المفجعة، التى بدت شبه يومية خلال البحث عنها، تؤكد الدكتورة منى صادق، مدير مركز الطفل العامل والباحثة بالمركز القومى للبحوث التربوية، على أن السبب الأساسى فيها، هو غياب العدالة المجتمعية، وتدهور القيم، وسوء مستويات المعيشة وتكالب الأهل لمحاولة توفير العيش الكريم، فى ظل تدهور منظومات الدولة. وأكدت الباحثة التربوية على أن المدارس باتت بلا قيمة، والحصص فيها صورية، لا تقدم للطلبة تربية وإفادة حقيقية، وهذا منطقى إذا وضعنا فى الاعتبار أن كثافة الفصول تتفاوت بين 45 و160 طالب حسب الكثافة بالمنطقة السكنية، فكيف يتعامل مدرس مع كل هذا العدد؟ بخلاف تربيتهم وتقويم سلوكهم.
واعتبرت «صادق» الدموية الحاصلة فى المدارس، نوعًا من «البلطجة المضادة» بسبب غياب الحقوق، فالأبوين يسعيان للكسب ولا يجدان فى المقابل حياة كريمة ورعاية صحية أو تعليم مناسب للأولاد، بل وينشغلون عنهم ويتعاملون معهم من منطلق عقدة الذنب، ويحاولون تعويضهم والتجاوز عن عقابهم بسبب التقصير فى التقرب منهم ورعايتهم. وأضافت أن الطالب يذهب إلى المدرسة فلا يجد تعليم أو تقويم، ولا يجد سوى حصص شكلية، تفتقر حتى إلى تواجد من يحافظ على إنسانيته ويراعى حقوقه وسط تكدس الفصول، ومن ثم فهو يضطر إلى انتهاج البلطجة المضادة «خد حقك بإيدك»، لنجد المشاحنات تتحول إلى جرائم و«ناس بتخلص تارها من بعض» سواء أطفال أو كبار. وشددت الباحثة على عدم وجود وصفة جاهزة لعلاج تلك الأزمة، وإنما يحتاج الأمر إلى إصلاح منظومة الدولة، وتقويم المدارس، ومناهج التعليم والتربية، علاوة على تفعيل دور الأسرة ورقابتها ومتابعتها لسلوك طلفها فى كافة خطواته داخل المنزل وفى المدرسة وخارجها.