تتمتع العديد من القرى في محافظة قنا بأصول تاريخية عريقة، مثل قرية "الرحمانية" بمركز نجع حمادي شمال المحافظة، التي تعود إلى التاريخ الروماني، وتشتهر بحرفة صناعة "الفخار". القرية تقع على مسافة 5 كيلومتر جنوب مركز نجع حماد شمال محافظة قنا، وتخفي في باطنها أواني فخارية تعود للعصور الرومانية، مما يرجح بدء مسيرة العمران البشري عليها منذ نحو 3 آلاف عام، وعرفت من قبل باسم "الدبة" وتعنى أرض النخيل، وتغير اسم البلدة للرحمانية على يد النائب على الحساني النائب البرلماني الراحل إبان خمسينيات القرن الماضي ويتخطى تعداد سكانها حاجز 40 ألف نسمة يعيشون على مساحة 2 كيلومتر مربع، وتضم العديد من المصالح الحكومية منها مستشفى الأسرة وأربعة مدارس للشهادة الابتدائية ومدرستين للإعدادي ومعهد أزهري للأولاد وآخر للفتيات ووحدة تضامن اجتماعي ووحدة بيطرية ومدرسة للتعليم الصناعي وبها مقر مجلس قروي الرحمانية تتبعه قرى المصالحة. تشتهر بحرف الزراعة حيث يعمل بها نحو 15% من نسبة السكان بجانب صناعة الفخار والتي تشتهر بها عائلة "الفخارية" كما تشتهر بصناعة الأثاث، وتزخر ب13 ورشة، فيما ترتفع نسبة البطالة المتعلمة بين الذكور إلى 35% و70% بين الإناث. وتشتهر القرية أيضًا بأقدم مسجد وهو مسجد (الحساني) وأقدم كنيسة وهي كنيسة (رئيس الملائكة ميخائيل). الفخار صنعة القرية بعينين منهمكتين وعقل متأمل يحول الطين إلى فخار، يشكل الطين بأطرافه ويحوله لمنتجات فخارية تليق بالمنازل العصرية، لعقدين من الزمان لم يعرف عبد الفتاح حرفة أخرى غير التي ورثها ورثها عن أجداده، ربح قليل يتقبله بحمد الله وشكره تصاحبه ابتسامة ممزوجة بقوله ( يارب يا كريم) عبد الفتاح علي أحمد الفخراني أحد أحفاد "الفخراني" رائد صناعة الفخار في نجع حمادي والذي أتى بالصناعة من قرية الترامسة التابعة لمركز قنا منذ ما يقرب من نحو 200 عام، وتوارثتها الأجيال المتعاقبة، ويقول إن علي أحمد إبراهيم، وعبادي محمد إبراهيم هم "شيوخ الحرفة" لعملهم لأكثر من نصف قرن. يعمل عبد الفتاح ثلاثة أيام في الأسبوع من السادسة صباحا وحتى الثامنة مساء وتتكون مادته الخام من الطين والطمي والرماد الذي يأتي به من مصنع شركة السكر، أما المياه فيأتي بها من بئر قديم خاص بصناعة المهنة وبالعائلة وبالرغم من أنها مهنة شاقة وتتطلب مهارات حركية وعقلية ولا تدر أموالاً كبيرة إلى أن عبد الفتاح يعتبرها تاريخ ومجد عائلته ويصعب فراقها عليه بجانب أنها مفضلة إلى قلبه. شخصيات تاريخية أثرت في تاريخ القرية علي محمد محمود الحساني وشهرته علي الحساني، والذي لقب بزعيم قبيلة "العرب"، عضو مجلس الأمة إبان الخمسينات وعضو اتحاد الشباب الاشتراكي، وافته المنية منذ أكثر من عشرين عاما، شارك في إنشاء محطة السكك الحديدية ومستشفى ومدرسة الرحمانية قبلي الابتدائية بجانب شخصيته القوية، كما حوله احترام أهالي قرى شرق النيل لقراراته خلال المنازعات التي تنشأ بين الحين والآخر أحد زعماء قبيلة العرب وخلد سيرته في قلوب البسطاء. لعب الحساني دورًا كبير في إنهاء الخصومة الثأرية بين "العرب" و"الهوارة" أواخر الستينيات، إضافة لدعمه روابط المحبة بين مسلمي وأقباط البلدة، الأمر الذي أكسبه من دعم نواب قرى شرق النيل وأبرزهم النائب الراحل محمد عبد النبي الشعيني.