هروب القيادى الإخوانى حلمى الجزار من المؤتمر السنوى لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بالتأكيد أثار التساؤلات والانتقادات وكثيرا من علامات الاستعجاب. لا لهروبه أو انسحابه أو اختفائه فقط، ولكن لحدوث ذلك دون اعتذارٍ أو إبلاغ الداعى للمؤتمر بالأسباب.. أو إعلان «الموقف السياسى» على الحاضرين إذا كان هذا هو المبرر، فقبل بدء الندوة المقرر أن يشارك فيها الجزار فى الساعة الثانية والنصف بعد الظهر (بتوقيت واشنطن) حاول منظمو المؤتمر الاتصال بالجزار بغرفته فى الفندق إلا أنهم اكتشفوا وتبين لهم أن الضيف حزم حقائبه وغادر الفندق. وكان الجزار قد وصل إلى واشنطن والفندق (ريتز كارلتون) فى اليوم السابق (8 مايو)، وكان من المقرر أن يقيم فيها حتى يوم 11 مايو. وحسب ما قاله منظمو المؤتمر فإن الجزار خلال التحضير للمشاركة طالب بأن تتحمل الجهة المنظمة أيضا تكاليف سفر وإقامة مساعده، وزيادة عدد أيام إقامته بالفندق، إضافة أن تكون تذكرة سفره درجة «بيزنس». وقامت الجهة الداعية، حسب قولها، بتلبية كل طلباته وتحمل تكاليفها. وكان من المقرر أن يشارك حلمى الجزار القيادى الإخوانى وأمين حزب الحرية والعدالة بالسادس من أكتوبر فى ندوة عن مصر بالمشاركة مع النائب محمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية. وحدث ما حدث. الندوة أقيمت بحضور السادات فقط وأدارها الدبلوماسى الأمريكى الشهير دينيس روس. إيريك تريجر الباحث المتخصص فى الشأن المصرى شكك فى ما قاله الجزار، من أنه فوجئ بوجود مشاركة إسرائيلية فى المؤتمر. «مسؤولون من الكيان الصهيونى»، حسب وصفه، بخاصة أن معهد واشنطن وأغلب، إن لم يكن كل، المراكز البحثية فى الولاياتالمتحدة، تدعو كل الجنسيات، ومنها الإسرائيليون، لحضور الندوات والمشاركة فى المؤتمرات، بالإضافة إلى أن الجزار لم يُثِر هذا الأمر خلال فترة الإعداد لمجيئه إلى واشنطن. كما أن انسحاب الجزار وما قاله عن موقفه والمعهد الداعى له أثار استغراب منظمى المعهد لأنه، حسب ما قاله روبرت ساتلوف، «وجهنا إليه الدعوة ليشارك، وقد قبل الدعوة وكان بودنا أن يقول وجهة نظرة فى الندوة التى خُصصت للحديث عن حاضر مصر ومستقبلها». ساتلوف المدير التنفيذى لمعهد واشنطن، وهو يعلق علنًا للحاضرين عن غياب الجزار عن الندوة وترك الكرسى شاغرا قال «هكذا نرى الكرسى الشاغر شهيرا مثلما كان الحال مع الكرسى الشاغر لكلينت إيستوود». كان النجم السينمائى قد استخدم كرسيا شاغرا للحديث عن الرئيس أوباما وإخفاقاته فى المؤتمر العام للحزب الجمهورى. ويُذكَر أن الجلسة المخصصة لإسرائيل كانت بعنوان «الحكومة الجديدة وتحديات الأمن الإقليمى»، شارك فيها تساشى هانيجبى عضو الكينيسيت الإسرائيلى عن حزب الليكود. والجلسة انعقدت قبل الجلسة المخصصة لمصر. ومؤتمر اليوم الواحد اختتم أعماله بكلمة تشاك هيجل وزير الدفاع الأمريكى «عن سياسة أمريكا الدفاعية فى الشرق الأوسط». ومعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى معروف نشاطه وتوجهاته المنحازة أو الموالية أو الخادمة للمصالح الإسرائيلية، لمن يعرف ويتابع الحياة السياسية فى واشنطن. من جهة أخرى أبدى أنور السادات استغرابه مما نُشر وقيل نقلا عن الجزار وحديثه عن الجهة المنظمة للمؤتمر ومشاركة الإسرائيليين فيه، موضحًا «نعرف معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ودوره ونشاطه، كما أن أغلب المؤتمرات والندوات الدولية التى تقام فى الولاياتالمتحدة وأوربا تشارك فيها كل الجنسيات من كل الدول ومنها إسرائيل». واستهجن السادات أسلوب الجزار فى الانسحاب ووصفه بأنه «غير لائق» و«غير مفهوم»، بخاصة أنه كان على علم بالجهة الداعية ونشاطها، كما وصف السادات ما فعله الجزار ب«ادّعاء زائف للبطولة». وحسب ما ذكره السادات وبالتأكيد يعرفه الجزار وكل من شارك فى المؤتمر فإن المؤتمر لمناقشة شؤون الشرق الأوسط ومنها أيضا سوريا وإسرائيل، والجلسات منفصلة لا صلة لها بالجلسة الخاصة بجلسة مصر وشأنها التى كان سيشارك فيها الجزار. ولم يتردد السادات وهو يتحدث مع صحفيين مصريين فى أن يعبر عن اندهاشه مما قاله الجزار عن الانسحاب والتطبيع ومشاركة «مسؤولى الكيان الصهيونى» مضيفا: «نحن نسمع عن وفود من الإخوان تجوب الولاياتالمتحدة وتلتقى كل القيادات». وقد أبدى عديد من المشاركين فى المؤتمر دهشتهم مما فعله الجزار، وتساءلوا عما إذا كان هذا سيتكرر مع قيادات إخوانية أخرى فى المستقبل، بخاصة أن «جولات وصولات» الإخوان فى أمريكا تكاثرت فى الفترة الماضية، ولديهم رغبة فى تقديم صورة أفضل للإسلاميين ومشاركتهم السياسية؟