هذا هو بالظبط ما يمكن أن يحدث لشخص قرر ربط حياته بحياة قرد.. لازم يتجنن فى نهاية الفيلم.. فبعد أن لم يعد هناك حل لخلاص ”سعيد” الجواهرجى الثرى (نور الشريف) من عقمه الذى يتعسه على الرغم من ثرائه.. وخلاص ”عبدالقوي” المنجد الفقير (محمود عبدالعزيز) من فقره الذى يتعسه على الرغم من صحته سوى حل واحد.. اقتطاع جزء صغير من مخ ”عبدالقوي” (اللى هو الإنترلوب) وزرعه فى مخ ”سعيد” فى مقابل مبلغ من المال.. ليستطيع ”سعيد” الإنجاب ويستطيع ”عبد القوي” التخلص من فقره.. بعد إجراء العملية يحدث ما لم يكن أحد يتوقعه.. فالعملية الجراحية لا تزال فى طور التجربة ولم تتم تجربتها قبل ذلك سوى باستخدام قرود فى المختبر العلمى الخاص بالدكتور المسؤول عن إجراء العملية.. لذلك تفشل العملية الجراحية ويصاب ”سعيد” بالشلل ومايخَلِّفش وتتبخر أحلامه فى السعادة.. بينما تتدحدر صحة ”عبدالقوي” وتضيع الفلوس التى حصل عليها من الصفقة على العلاج والدكاترة وتتبخر أحلامه هو ايضاً فى السعادة وحتى القوة التى كان يمتلكها تذهب هى أيضاً.. وتتضاءل أحلامه فى الحياه إلى مجرد الرغبة فى الإطمئنان على صحة القرد الذى أجرى عملية شبيهة بعمليته للإطمئنان بالتالى على صحته هو نفسه.. ويصبح كل ما يرغب فى معرفته هو هل القرد بيتنطط لسه ولا مات.. لينتهى به المطاف هائماً على وجهه فى الشارع.. أشعث الذقن مُغَبَّرها.. حاملاً صور الأشعة والتحاليل الطبية.. هاتفاً فى جنون يائس.. ”عايز ترلوب.. عايز ترلوب! و هذا بالظبط هو ما حدث لمصر.. أعطت جزءاً صغنتوتاً من عقلها للإخوان فى إطار صفقة لم يعلم الشعب عنها شيئاً أملاً فى تخلص الجماعة من حالة العقم السياسى وإنجابها نهضة صغنتوتة تملا علينا البلد وتعمل بالتالى على تخلص مصر من شقائها وتدهورها الإقتصادى والإجتماعى والسياسى والأخلاقى والنفسى.. إلا ان ما حدث كان شيئاً آخر تماماً.. فلا الجماعة تخلصت من عقمها السياسى.. وإنما العكس.. اصيبت بحالة من الشلل السياسى الكامل.. ولا مصر تخلصت من شقائها وتدهور أحوالها.. وإنما العكس.. تدهورت أحوالها أكثر واكثر.. حتى أقترب الشعب من حالة الجنان الرسمى الكامل حيث اصبح الجميع يشتمون بعضهم البعض طوال الوقت وتراجعت الأخلاق والقيم والمباديء والمعايير بشكل لافت حتى كادت تتلاشى تماماً.. وبات التفكير الآن منصباً على إمكانية إستعادة مصر للجزء الصغنتوت من عقلها الذى أعطته للجماعة لتنجب لنا به نهضة لم ولن تنجبها بعد أن بات واضحاً للجميع أنها عقيمة سياسياً بشكل وراثى حيث ان الجد الأول للجماعة إعتمد فى انشائها على قاعدة رئيسية تنص على انه.. سيب عقلك ع الباب وادخل برجلك اليمين ! و لكن تظل هناك فروق عدة بين سعيد الجواهرجى والجماعة التى قعدت على قلب مصر.. فعلى الرغم من أن كلاهما جاهل وغنى ويتحدث بلغة ركيكة ووضيعة وعشوائية وهمجية.. إلا أن سعيد الجواهرجى آمن وسلم بفشل العملية بعد أن اصابه المرض فى مقتل وأصيب بحالة من الشلل الكامل إلا أن الجماعة ذات الجلد التخين على حد تعبير رئيسهم البروتوكولى – ليس حتى رئيسهم الفعلى - مرسى لا تزال تمارس الكذب على نفسها فى إطار حالتها المرضية المعقدة.. لا تزال تستحلب الأكاذيب والغدر.. لا تزال تُخرج لنا من باكبورتها المفتوح كل اشكال الكائنات الحية البغيضة إلى درجة ما كنا لنظن يوماً أن البنى آدم مهما بلغت درجة جهله وغباوته قد يصل إليها.. هذا بالإضافة طبعاً إلى أن سعيد الجواهرجى لم يكن هارباً من السجن شأنه فى ذلك شأن الرجل الجالس الآن على كرسى رئاسة مصر ! و هناك فروق عدة أيضاً بين عبد القوى ومصر.. فكلاهما قوى بس مالوش بخت.. كلاهما أنهكته سنين الفقر والجوع والظروف السيئة إلا أنهما لا يزالا سليما القلب وعلى سجيتهما.. إلا أن عبد القوى وافق على استئصال جزء من الإنترلوب بتاعه واعطائه لسعيد بملء إرادته الحرة والكاملة.. بينما مصر لم توافق على استئصال جزء من الإنترلوب بتاعها لصالح تلك الجماعة ذات الباكبورت المفتوح.. فالرئيس هارب والإنتخابات الرئاسية شابها التزوير والصفقات.. إذن.. إنترلوب مصر مسروق منها غصباً عنها وليس كما هو الحال عند عبد القوى الذى تنازل بإرادته الحرة عن انترلوبه ! لهذا.. لا ينبغى علينا أن نتعجب عندما نكتشف أن كل ما نفعله الآن فى الدولة التى علمت العالم منذ بداية الأزمان معنى كلمة دولة ليس سوى عملية مراقبة ومشاهدة.. فقط.. مجرد مراقبة ومشاهدة للقرد اللى عمال بيتنطط قدامنا !