"مماطلة وتأجيل وسد بالأمر الواقع"، كذا اعتبر خبراء في المياه والشؤون الإفريقية آلية تعامل الجانب الإثيوبي مع مصر في بناء سد النهضة، وما قالوا إنَّه فشل في المفاوضات بشأن بناء السد لا سيَّما بعد تأجيل اجتماعات اللجنة الثلاثية الوطنية لسد النهضة للمرة الثالثة على التوالي وغياب وزراء المياه من الدول الثلاث "مصر والسودان وإثيوبيا" عن الاجتماعات التي كان مقررا انعقادها بالقاهرة هذا الأسبوع وتأجلت إلى 7 فبراير المقبل ليكون الاجتماع على مستوى الخبراء فقط والبالغ عددهم 12 خبيرًا من الدول الثلاث. "التحرير" استطلعت آراءً في هذا الشأن؛ محاولةً لكشف تطورات هذا الملف الشائك.. إثيوبيا ترغب في مناقشة قضية الحصص المائية عبر مفاوضات سد النهضة الدكتور عباس شراقي مدير مركز تنمية الموارد الطبيعية الأسبق بمعهد البحوث الإفريقية بجامعة القاهرة، عضو لجنة حوض النيل، قال: "المفاوضات الجارية حاليًّا بين مصر وإثيوبيا حول سد النهضة أصبحت غير ذي جدوى وبخاصةً أنَّ مصر أرسلت عددًا من الدعوات إلى وزيري الري في إثيوبيا والسودان، ورغم إعلان وزير الري الإثيوبي أنَّه سيحضر الاجتماعات بالقاهرة إلا أنَّنا فوجئنا باعتذار إثيوبيا عن حضور الاجتماع المؤجل منذ شهرين". وأضاف: "إثيوبيا بدأت تطرح على الرأي العام العالمي عبارات تشير إلى رغبتها في مناقشة بنود اتفاقية عنتيبي خلال مفاوضات سد النهضة وهو ما ظهر جليًّا من خلال وزير الموارد المائية والري الإثيوبي الجديد الذي أعلن أنَّ مفاوضات سد النهضة المقبلة ستناقش قضية الحصص المائية بين دول حوض النيل الشرقي مصر والسودان وإثيوبيا وهي قضية بعيدة تمامًا عن البنود المتفق على مناقشتها في اجتماعات سد النهضة". وذكر شراقي: "ليس من دور مصر التوفيق بين الشركتين الفرنسية والهولندية والمكلفين بإجراء الدراسات المائية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية لسد النهضة وتأثيره من تلك النواحي على دولتي المصب مصر والسودان لأنَّه لا يليق بمصر أن تؤدي هذا الدور، وإثيوبيا تجر مصر إلى قضايا فرعية لكسب مزيد من الوقت للإسراع في بناء السد". شراقي: لابد من اتفاقية جديدة مع إثيوبيا تضمن اعترافها بحصة مصر المائية طالب شراقى بتوقيع اتفاقيتين جديدتين مع إثيوبيا، الأولى تركِّز على اعتراف إثيوبيا بحصة مصر المائية، والثانية تركِّز على آلية جديدة لتنفيذ بنود وثيقة سد النهضة المعروفة باتفاقية المبادئ الموقعة في مارس الماضى بين رؤساء الدول الثلاث، حيث يجب أن تركِّز هذه الاتفاقية على كيفية إدارة وتشغيل سد النهضة وتحديد سنوات الملء مع ضرورة وجود خبراء مصريين في إدارة وتشغيل سد النهضة لإخطار مصر أولاً بأول بكميات الصرف التي ستتم بسد النهضة مع ضرورة الإقرار بعدم إحداث ضرر ملموس لمصر، لافتًا إلى أنَّ إثيوبيا لن تبدأ تشغيل المرحلة الأولى من السد قبل يونيو المقبل في وقت الفيضان حتى تستطيع تشغيل توربينات الكهرباء وهذه المرحلة سيبدأ بعدها تخزين المياه خلف سد النهضة، منوِّهًا بأنَّه من الضروري توقيع برلمانيّ البلدين على الاتفاقيتين وبخاصةً أنَّ وثيقة سد النهضة المذكورة لا تضمن عدم الإضرار بحصة مصر المائية. الفريق المفاوض لا يجيد التعامل مع المراوغة الإثيوبية من جانبه قال الدكتور نادر نور الدين أستاذ الموارد المائية والري، عضو لجنة حوض النيل بجامعة القاهرة، إنَّ مفاوضات سد النهضة قد توفيت نتيجة فشل الفريق الحالي للمفاوضات وعدم قدرته على التعامل مع المراوغات الإثيوبية الذي سعى خلال الشهرين الماضيين إلى كسب المزيد من الوقت، لافتًا إلى أنَّ إثيوبيا تصرح دائمًا أنَّه لن ينقص كوب ماء واحد من حصة مصر في مياه النيل لكن لا توجد مؤشرات تدل على صحة تلك التصريحات، مطالبًا بإبرام اتفاقيات جديدة تحدد حصة مصر من المياه على أن تعترف إثيوبيا بالحصة التاريخية لها لأنَّ الأمور لا يمكن أن تدار بالنوايا الحسنة. ودعا نور الدين إلى تغيير الفريق المفاوض لفشله في إدارة التفاوض مع الجانب الإثيوبي، مشيرًا إلى ضرورة أن تطالب مصر إثيوبيا بإيقاف بناء السد لحين انتهاء المفاوضات مع تقديم شكوى إلى الأممالمتحدة تؤكِّد فيها مصر تضررها من بناء السد، مشدِّدًا على أنَّ السد سيكون له تأثيرات مدمرة على البيئة المائية في مصر فضلاً عن تأثر الزراعة.