تفاوتت قدرة حزب النور على الحشد والمشاركة في الاستحقاق الأخير من خارطة الطريق، وظهر تواجده بشكل واضح في محافظة الإسكندرية، معقله الأول، على الجانب الآخر تخلف قواعده عن المشهد الانتخابي في بعض المحافظات التي تقع ضمن المرحلة الأولى في انتخابات مجلس النواب، ومن المتوقع عدم تمكنه من الحشد في المحافظات التي تقع ضمن المرحلة الثانية، وذلك بناء على رصد كامل لتاريخ النور في العمل السياسي، والعقبات التي واجهته، وكانت وراء تراجع شعبيته. وترصد «التحرير» العقبات التي واجهت الحزب السلفي والتي أدت بدورها إلى ضعف قدرته على الحشد. الشكل الذي ظهر عليه حزب النور السلفي الذي خرج من رحم الدعوة السلفية في برلمان 2012، لم يكن معبرًا عن حجمه الطبيعي المتمثل في سلفية الإسكندرية، فرغم حصول تحالفه على 24% من المقاعد، ما يعادل 123 مقعدًا، وحصول الحزب بمفرده على 108 مقاعد، فإن جسد الحزب السلفي كان مريضًا نظرًا لعدم تجانس قياداته المختلفة فكريًا. يبدأ المشهد باتصال من الشيخ ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، موجه إلى الدكتور هشام أبو النصر، الذي كان يفكر في إنشاء حزب سلفي يمثل سلفية القاهرة، لإقناعه بالجلوس مع الدكتور عماد عبد الغفور، لإنشاء حزب سلفي يضم كافة السلفيات، وينتهي المشهد بالموافقة على إنشاء حزب كبير يعبر عن السلفيين، وعدم التركيز في المسائل الخلافية بين السلفيات المختلفة. أزمة الشيخ حازم.. وانتخاب أبو الفتوح واجه حزب النور عدة عقبات أضعفت من قوته التي ظهر بها عقب فوزه بالمرتبة الثانية من حيث الأحزاب الأكثر حصولًا على مقاعد داخل البرلمان، إذ فقد عدد كبير من قياداته وأعضائه في أول مواجهة حقيقية، وهي انتخابات الرئاسة، حيث رفض الحزب السلفي إعلان موقفه من المرشحين إلا عقب الانتهاء من غلق باب الترشح للمنصب، وهو ما اعتبره عدد من قيادات وأعضاء النور، نوعًا من التخاذل مع الشيخ حازم أبو إسماعيل، والذي كان يعد أكثر المرشحين اقترابًا للمنهج السلفي. ولم يلتزم عدد كبير من أعضاء النور بقراره الرسمي، وأحرجوا الحزب بإعلان دعمهم لأبو إسماعيل، وبمجرد استبعاد المرشح الرئاسي من خوض انتخابات الرئاسة، اشتد هجوم عدد كبير من المنتسبين للحزب السلفي على سياسته، وعدم دفاعه عن حازم أبو إسماعيل، وقدموا استقالات مسببة، ما أدى إلى حدوث أول انشقاقات داخل النور، وجاء قرار الحزب بالتصويت لأبو الفتوح في الانتخابات الرئاسية، بمثابة الصدمة للقواعد، منهم من التزم بالموقف الرسمي، وبعضهم أعلن اعتزاله السياسة. انسحاب سلفية القاهرة وإنشاء الوطن بدأت الخلافات تتصاعد داخل النور، وسط تخوفات من بعض مشايخ الدعوة السلفية من عدم السيطرة على الحزب، وذلك نتيجة وجود العديد من القيادات الذين لا يمثلون سلفية إسكندرية، ما أدى إلى وقوع عدة أزمات، على إثرها انقسم الحزب إلى جبهتين الأولى يرأسها عبد الغفور والثانية يقودها أشرف ثابت، وظهرت الأزمة تزامنًا مع إجراء الانتخابات الداخلية للحزب، واختلفت الجبهتين في فهم بعض بنود اللائحة الداخلية والعدد القانوني لأعضاء الهيئة العليا، وسط تخوفات من حدوث تزوير في الانتخابات الداخلية لوقف نفوذ عبد الغفور ورفاقه، أو أن تمتلك جبهة أشرف ثابت زمام الأمور. ورغم تدخل بعض العقلاء في الأزمة، انتهت الأمور بانسحاب عبد الغفور من الحزب، والدعوة إلى جمعية عمومية وانتخاب الدكتور يونس مخيون رئيسًا للحزب بالتزكية، وبعد ترك عدد كبير من أبناء الحزب مناصبهم وإنشاء حزب الوطن تراجعت شعبية حزب النور للمرة الثانية. التخلي عن مرسي.. ودعم خارطة الطريق لم يلتزم عدد كبير من شباب الدعوة السلفية وحزبها السياسي بقرار دعم خارطة الطريق، مثلما أكد الشيخ محمود عبد الحميد، مسؤول الدعوة السلفية بالإسكندرية، أن عدد كبير من الشباب السلفي شارك في رابعة، ولم يلتزم بموقف الحزب الرسمي. القرار الرسمي للدعوة السلفية وحزبها السياسي لم يتوافق مع أفكار القواعد السلفية، وقرر العدد الأكبر منهم دعم الإخوان ضد النظام الحالي، والمشاركة في فاعلياتهم، وعلى إثر ذلك ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عدد كبير من الشباب السلفي المشارك في الأحداث، وهو ما تسبب في تراجع شعبية النور للمرة الثالثة. التصويت للأقباط = مقاطعة سلفية دفعت موافقة حزب النور على تخصيص نسبة للأقباط على قوائمه، والالتزام بما يحدده الدستور بشأن النسب المشاركة على القوائم، قواعد الدعوة السلفية والحزب السلفي إلى عدم النزول بكثافة إلى اللجان في الاستحقاق الأخير من خارطة الطريق، وذلك لعدم اقتناعهم بهذا القرار، وهو ما دفع بعض شباب الحزب إلى اعتزال السياسة.