تسلم خبراء روس مطار اللاذقية الساحلية غرب سوريا، ورفعت موسكو "مستوى ونوعية" الانخراط العسكري في سوريا على أن يرتبط إرسال قوات روسية بتشكيل تحالف دولي ضد الإرهاب بقرار من مجلس الأمن، حسبما ذكرت قناة العربية. وقالت جريدة "الحياة" اللندنية، إن الرئيس فلاديمير بوتين يريد "الحفاظ على التوازن العسكري في سوريا ومنع انهيار الجيش النظامي، لفرض تسوية سياسة وتشكيل هيئة حكم انتقالية على أساس بيان جنيف". وقال مصدر آخر إن الانخراط الروسي تضمن إرسال ضباط رفيعي المستوى، واحتمال إرسال طيارين روس لشن غارات وتسليم مقاتلات "ميج - 31" الاعتراضية وطائرات استطلاع، إضافة إلى ذخيرة وقوة تدميرية أكبر ووصول ناقلات جند ومشاركة روسية في بعض المعارك، من بينها المواجهات مع مقاتلي المعارضة في ريف اللاذقية. وأكد المصدر تسلم خبراء روس مطار اللاذقية بشكل كامل و"أن مزيداً منهم سيصلون قريبا". ومن جانبها، أورودت صحيفة الأخبار اللبنانية، المقربة من حزب الله اللبناني، في عددها الصادر الإثنين، ب"الحضور العسكري القتالي لروسيا في الحرب السورية"، مؤكدة أنه أصبح واقعا قائما ومرشحا لمزيد من التوسّع والتنامي والتأثير الميداني. وأكدت الصحيفة أن المفاعيل الاستراتيجية والسياسية لهذا المسار، هي الأهم، حيث تضع روسيا على طاولة السياسة، قوتها العسكرية أيضا، ومقاربتها واضحة: التفاهم مع إيران عسكريا، ومع مصر سياسيا، لحل الأزمة السورية، وتوحيد الجهود في محاربة الإرهاب. وقالت الصحيفة أن "ضباطا ومقاتلين من الجيش الأحمر، حطوا رحالهم، في الثلث الأخير من شهر أغسطس الفائت، في أول قاعدة عسكرية روسية حربية في سوريا. فقد كان الروس يحتفظون، منذ العهد السوفييتي، بقاعدة بحرية في طرطوس، لكنها مخصصة لرسوّ سفن الأسطول الروسي وخدمتها، واستقبال واردات الأسلحة والذخائر التي تزوّد بها موسكو، الجيش السوري". وكشفت "الأخبار" المزيد من التفاصيل حول القاعدة الجديدة، وقالت: إنها تقع في "حميميم" في جبلة، قرب اللاذقية، وتشغل قسما من مطار باسل الأسد الدولي، وأراضي واسعة محاذية، أُقيمتْ، فيها، البنى التحتية لمطار ومعسكر يضم طيارين ومغاوير، ربما يصل عديدهم، الآن، إلى ألف عسكري، لكنه سيصل، على الأرجح، إلى ثلاثة آلاف. ولا يُعرف، بالطبع، العدد الفعلي للقوات الروسية المنتشرة في عدة مناطق سورية من بينها حمص وحماة واللاذقية ودرعا وعين السودا. وتشير تقارير دبلوماسية إلى أن قوة تدخّل سريع روسية وصلت وعسكرت في قاعدة عمليات متقدمة بالقرب من دمشق. ونوهت إلى أنه من الواضح أن التحركات العسكرية الروسية في سوريا، تكثّفت، مؤخرا، إلى حد دفع وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، إلى الاتصال بنظيره الروسي، سيرجي لافروف، للإعراب عن "قلق واشنطن"؛ لكن تستبعد الأوساط السياسية الغربية، وكذلك الإسرائيلية، ألا تكون موسكو قد أبلغت، مسبقا، الولاياتالمتحدة، ب "زيادة نشاطها العسكري" لصالح الدفاع السوري. وأشارت الصحيفة إلى أنه لدى مناقشة المسؤولين السوريين بالتقارير الصحفية والميدانية المتكاثرة حول بداية انضمام الروس إلى القتال في سوريا، فإن الإجابة الأولى تؤكد على أن تقاليد العلاقة الدفاعية بين الجيشين، الروسي والسوري، "قديمة ودائمة ومتطورة"، وما يحدث حاليا، يحدث "في سياق التعاون، وليس مفاجئا، إلا لأولئك الذين تدفعهم خيالاتهم وأمنياتهم إلى الاعتقاد بأن موسكو لن تسير معنا إلى آخر الشوط". بالخلاصة، أن التقارير حول ازدياد النشاط العسكري الروسي في سوريا، "صحيحة"، إنما "على العموم، وليس في التفاصيل" التي تعدّ سرا عسكريا. وذكّرت الصحيفة قراءها بأنها كشفت السبت الماضي، عن قيام طائرات "سوخوي" حديثة، بطلعات حربية في سماء محافظة إدلب التي يسيطر عليها المعارضون. وقال مصدر ميداني إن المعادلة الميدانية، بالنسبة لسلاح الجو، تغيرت؛ فبينما "كنا نحصل على 50 في المئة من طلباتنا لقصف الأهداف، أصبح الطيران الحربي يطلب منا تحديد المزيد من الأهداف؛ أعتقد أن قدرة القوة الجوية السورية، تضاعفت". ويقوم الجيش الروسي بتزويد نظيره السوري، حاليا، بصور يتم التقاطها، عبر الأقمار الاصطناعية، حول جبهات القتال والمناطق المحتلة من قبل تنظيمات متطرفة. وأكدت أن الجيش الأحمر بدأ القتال إلى جانب الشعب السوري، في حربه الدفاعية ضد الإرهاب. لكن هذا التطور الاستراتيجي ليس وليد الأسابيع الأخيرة، وإنما يعود إلى أوائل ربيع هذا العام، حين أعلن الرئيس بشار الأسد، في لقاء مع وسائل الإعلام الروسية، أنه يؤيد إقامة قاعدة عسكرية روسية جديدة على السواحل السورية. وكان أوضح، في حينه، أن تعزيز الوجود العسكري الروسي في العالم، "ضروري جدا لخلق نوع من التوازن المفقود منذ تفكك الاتحاد السوفييتي (.) وبالنسبة إلينا، نحن نرحب بأي توسع للوجود الروسي في شرق المتوسط، وتحديدا على الشواطئ وفي المرافئ السورية". وفي ما اعتبره نشطاء أنه تأكيد جديد لوجود عسكريين روس في مدينة اللاذقية، أكد ناشطون علويون معارضون أن البناء الخاص بالقنصلية الروسية "الفيلا" في منطقة الأبحاث البحرية؛ يخضع لإجراءات أمنية مشددة، بحيث لا يسمح لأحد بالاقتراب من المكان، كما منع السكان المحلون من النزول إلى الشاطئ القريب. وبث ناشطون معارضون صورا تظهر جنودا يعتقد أنهم من روسيا، وهذه الصور تظهر العديد من المقاتلين بجانب صور الرئيس بشار الأسد. من ناحيته، أكد الناشط مجدي أبو ريان؛ أن هناك عشرات المقاتلين الروس يصلون إلى مطار مدينة جبلة تباعا، حيث تقيم سلطات النظام لهم معسكرات بجانب المطار. وأكد الناشط أنه تمت مشاهدتهم على شاطئ البحر، وهم يسبحون ضمن مجموعات بالقرب من البناء الخاص بالقنصلية الروسية. وقد نشرت قناة "سي بي أس" الأمريكية، صورا حديثة للأقمار الصناعية؛ تظهر وجود معسكرات بجانب المطار، فيما أكدت الخارجية الأمريكية أنها تتابع بقلق التقارير التي تشير إلى دعم روسيا لنظام الأسد بالمقاتلين، وعدته تطورا خطيرا يشير الى تورط روسيا في الحرب الدائرة ضمن سوريا، الأمر الذي نفته الخارجية الروسية مؤكدة أنها تدعم النظام السوري، وفق اتفاقيات ومعاهدات دولية وغير مخالفة لها.