لن نحدثهم عن الإسلام الذين يدعون كذبًا أنهم يلتزمون بأحكامه ويتخذونه عقيدة ومنهجًا فى الحياة.. فقط نحدثهم عن الإنسانية والرجولة، أن يكون الإنسان إنسانًا بالخلق القويم والفطرة السليمة والعقل المجتهد، والمشاعر النبيلة.. وأن يكون الرجل رجلًا ليس بالشارب واللحية، وإنما بتحمل المسؤولية وبالموقف الصادق والكلمة التى لا تعرف اللّوع، والنفس التى تعتز بكرامة الإنسان وترفض الذل والإهانة.. لها وللآخرين كلهم. لا أعرف كيف ينام مسؤول فى هذه الدولة وهو يعرف أن أطفالاً فى سن أحفاده تعرضوا -فى ظل الحكم الذى هو جزء منه- للاعتقال والتعذيب والصعق بالكهرباء والإهانة والتهديد بالاغتصاب، دون ذنب حقيقى إلا أنهم صدقوا أن بلادهم تغيرت بعد الثورة؟! ولا أعرف أى نوع من الإنسانية أو من الرجولة يجعل حاكمًا يغمض عينيه عن جرائم قتل ممنهج تستهدف شباب الثوار، وتزيد إسكات كل صوت معارض لسياساته التى تقود الوطن إلى الكارثة؟! ينكر وزير العدل أن القتل فى عهد حكومته ورئيسه وجماعته هو قتل ممنهج، ولا يقول كيف اختارت بنادق النظام هؤلاء الشباب من جيكا إلى كريستى إلى محمد الجندى إلى عمرو سعد إلى العشرات الذين تعرفهم ميادين التحرير قادة حقيقيين لشباب الثورة، ورافضين للأخونة ولدولة الاستبداد؟! ولا أعرف -مهما كان الانتماء والالتزام والمبايعة- كيف تسمح إنسانية الإنسان ورجولة المسؤول أن يبقى جزءًا من نظام ينتهك الأعراض بالصورة التى رأيناها مع المواطن حمادة، بل ويقدم التبرير للجريمة بأنها مجرد خطأ فردى. وهو قول نرجو أن يتمسك به لو حدث -لا قدر الله- نفس الشىء له أو لأحد من أفراد أسرته(!!) ولو استجاب الله لدعوة طفل فى الثانية عشرة تعرض لما ذكرنا من اعتقال وتعذيب وضرب وإهانة، ثم وقف فى براءة يدعو الله أن يرد له حقه، ويقول للمسؤولين إن ما حدث له سوف «يقعدلهم فى أولادهم»!! لن أحدثهم عن الإسلام الحنيف لأنهم أبعد الناس عن روحه السمحة العادلة، ولكن أين إنسانيتهم، وأين رجولتهم، وهم يبعثون الفرق المدربة للتحرش بالنساء بهدف الترويع وإبعادهن عن ميادين الثورة؟! كيف تسمح لهم ضمائرهم بأن يشاركوا فى حكم وصل إلى هذا الانحطاط؟! وماذا سيكون شعورهم لو جاءهم الرد من جنس العمل؟! الرجالة مايعملوش كده!! لكن الفاشية التى تتمسح بالدين البرىء منها، تحيل الأتباع إلى أصفار، وتحيل الأصفار إلى أدوات لتنفيذ مخططاتها، تلغى العقل وتهدر إنسانية الإنسان، تجعل رجالًا محترمين -أو كنا نظنهم كذلك- يتحولون إلى مساعدين للشيطان، تزرع عديمى المواهب فى موقع السلطة، تظن أن القمع الوحشى يمكن أن يقتل روح الثورة، لا تدرك أن القمع والتعذيب يحول الأطفال إلى رجال ثائرين، ويحول الجلادين إلى أشباه رجال، ويحول نظام القمع إلى نظام آيل للسقوط!! سوف يكتشف النظام اليوم وغدًا أن كل جرائمه لن توقف مسيرة الثورة، ولن تمنع الملايين من الخروج دفاعًا عن حقها فى الحياة، وفى الحرية والعيش الكريم، سوف يكتشف النظام أن المرأة المصرية أقوى من كل مخططاته المنحطة، وأنها ستكون فى الميدان بجانب الرجل، وسوف يعرف النظام أن أطفال الثورة لن تزيدهم عذابات الاعتقال إلا تصميمًا على أن يكون لهم مستقبل تحكمة الديمقراطية والعدالة والقانون وليس الفاشية التى تتصور أنها قادرة على اختطاف وطن بحجم مصر. تتصاعد جرائم النظام، تقترب ساعة الخلاص، إنه حكم التاريخ وإرادة الثورة.