نشرت صحيفة «التحرير» يومى الثلاثاء والأربعاء الماضيين، تقارير مفزعة، وشهادات مزلزلة، واعترافات خطيرة، لمجموعة من العائدين من معتقلات الداخلية وسجونها، وكلها تؤكد أن الضرب والسحل والتعرية والتعذيب حتى الموت، هو أسلوب وزارة الداخلية فى عهد الرئيس محمد مرسى، الذى شاهدناه مرات وهو يبكى فى خطب الجمعة، كما سمعناه مرارا، وهو يتلو آيات من الذكر الحكيم، كما تابعناه وهو يتمسح -زورا وبهتانا- مع جماعته فى ديننا العظيم، بينما ضباط داخليته يأمرون الجنود باغتصاب المعتقلين! إن ما حدث مع حمادة صابر أمام القصر الجمهورى، من إهانة لكرامته الإنسانية، وسحله وضربه وتعريته، أمام العالم كله، هو أمر عادى، وطريقة تتبعها وزارة الداخلية مع المواطنين الغلابة، إذ إن ما يحدث فى غيابات السجون والمعتقلات أقصى من ذلك كثيرا، وأشد قسوة، وكل ما حدث مع حمادة، إنما نتج بسبب تصويره، وعرض ما حدث على شاشات تليفزيونات العالم، فى حين أنه ليس المسحول الوحيد، لكنه الوحيد الذى ظهرت صورته فى وسائل الإعلام داخل مصر وخارجها. لقد قمنا بثورتنا المجيدة، فى يوم عيد الشرطة، وذلك تعبيرا عن رفضنا لطريقة تعامل أجهزة الشرطة مع المواطنين الغلابة، وفى يوم 28 يناير 2011، خرج شعبنا الأعزل ليواجه قوات ضخمة مدججة بكل أصناف الأسلحة، واستمرت المواجهات طوال اليوم، من بعد صلاة الجمعة، وحتى المساء، حين هربت قوات الشرطة من أمام الجماهير الثائرة، ونزلت قوات الجيش، فقفز الشباب فوق الدبابات والمدرعات، واختفت الشرطة من الشوارع على مدى شهور طويلة، وها هى قد عادت بنفس طريقتها المتخلفة، ونفس عقيدتها الإجرامية، ونفس أسلوبها اللا إنسانى، فلماذا لم يتم -حتى الآن- إعادة هيكلة وزارة الداخلية، وهذا من أهداف ثورتنا النبيلة؟! وهل صحيح أن قيادات جماعة الإخوان وأفرادها، الذين عانوا كثيرا من الضرب والتعذيب فى داخل السجون والمعتقلات فى العقود الماضية، لا يرغبون فى تغيير عقيدة وزارة الداخلية، حتى يستخدموا هذه الأساليب القذرة مع المعارضين لهم؟! ومن المؤلم فى الأحداث الأخيرة، وجود عدد من الأطفال بين مئات المعتقلين فى زمن الإخوان! فكيف يعتقلون الصغار والأطفال؟! وهذه الانتهاكات المتواصلة لحقوق الإنسان فى مصر، وإهدار كرامة المواطنين على الملأ، تذكرنا بوجود «المجلس القومى لحقوق الإنسان»، والذى أصدر بيانا يقول فيه «إن المجلس لن يقف مكتوف الأيدى أمام أى انتهاك لحقوق الإنسان فى مصر، ويطالب السلطات المُختصة بسرعة الانتهاء من التحقيقات فى هذة الوقائع وتقديم مُرتكبيها إلى محاكمة عادلة ناجزة مُنصفه». فماذا تنتظر من مجلس الغريانى صاحب الدستور؟! ولتكتمل عبثية المشهد، يشكر الرئيس مرسى وزارة الداخلية، وتتبعه مجموعة من الأحزاب والقوى السياسية التى تتمسح فى الإسلام، إذ يجتمعون على شكر رجال الداخلية، فعلى أى شىء يشكرونهم؟! هل يشكرونهم على الضرب والسحل والاعتقالات والتعذيب؟! أم يشكرونهم على اغتصاب الشباب والأطفال؟!