شن المجلس الوطني السوري، احد ابرز مكونات الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، حملة عنيفة الثلاثاء على رئيس الائتلاف احمد معاذ الخطيب، رافضا الدخول في اي حوار او تفاوض مع نظام الرئيس بشار الاسد في وقت تواصلت الاشتباكات عنيفة حول ثكنة للجيش في مدينة حلب في شمال سوريا. وجاء ذلك غداة مد الخطيب يده الى النظام والطلب منه انتداب نائبه فاروق الشرع للتحاور مع المعارضة للتساعد على حل الازمة. وقال المجلس في بيان نشر على صفحته على موقع فيسبوك ان «ما سمي بمبادرة الحوار مع النظام انما هي قرار فردي لم يتم اتخاذه ضمن مؤسسات الائتلاف الوطني ولم يجر التشاور بشأنه، ولا يعبر عن مواقف والتزامات القوى المؤسسة له». وتابع «ان تلك المبادرة تتناقض مع وثيقة تأسيس الائتلاف» التي تنص على «ان هدف الائتلاف اسقاط النظام القائم برموزه وحل أجهزته الأمنية والعمل على محاسبة المسؤولين عن سفك دماء الشعب السوري، وعدم الدخول في حوار أو مفاوضات مع النظام القائم». واشار الى ان «قوى اقليمية ودولية طالما كانت شريكا فعليا للنظام على مدى عامين في قتل السوريين وابادة عشرات الآلاف منهم وتدمير قرى وبلدات واحياء بكاملها» تشارك في هذه المبادرة. ولم يسم المجلس هذه الدول، لكنه انتقد بشدة لقاء الخطيب مع وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي في ميونيخ في نهاية الاسبوع. وقال البيان «ان اجتماع رئيس الائتلاف مع وزير خارجية النظام الايراني يمثل طعنة للثورة السورية وشهدائها، ومحاولة بائسة لتحسين صورة طهران وتدخلاتها في الشأن السوري ودعمها النظام بكل أدوات القتل والإرهاب». وشملت انتقادات المجلس الدول الداعمة للمعارضة السورية بسبب امتناعها عن تسليح وتمويل هذه المعارضة وتقديم المساعدات الانسانية الكافية للسوريين. وقال البيان «ان محاولة البعض دفع الثورة السورية نحو تقديمِ تنازلات والجلوس مع القتلة والمجرمين بذريعة ان الشعب السوري قد ارهقته جرائم النظام وثمنها الفادح، انما يضع علامات استفهام كبيرة حول عمليات الحصار الاغاثية والمالية والعسكرية التي تعرضت لها قوى الثورة على مدى عامين وما زالت مستمرة، وتواطؤ إرادات دولية في ذلك». واشار الى ان قدرة «الثورة على الانتصار كبيرة وثابتة، تعززها الانتصارات المتتالية التي يحققها الجيش الحر والكتائب الميدانية»، رافضا محاولات «بث اليأس والاحباط بدعوى عدم وفاء المجتمع الدولي بالتزاماته»، ومؤكدا ان الثورة لم تكن تعول منذ انطلاقها «على اي دعم خارجي قريب أو بعيد». وتابع المجلس ان مبادرات رئيس الائتلاف «احدثت شرخا في المواقف السياسية لقوى المعارضة، وقدرا واسعا من البلبلة في الاوساط الشعبية والثورية»، محذرا من ان الاستمرار «في اتخاذ خطوات منفردة ينذر بتوسيع الهوة داخله، ويمثل خدمة للنظام وحلفائه الذين يسعون بكل الوسائل لإضعاف المعارضة وضرب الثورة وإيذائها». واكد المجلس الوطني الذي يتولى رئيسه جورج صبرا نيابة رئاسة الائتلاف المعارض على ضرورة «حماية الثورة من أن تكون رهينة تسويات دولية». واعلن انه «شرع في اجراء حوارات معمقة مع كافة القوى الثورية والكتائب الميدانية والقوى السياسية والشخصيات الوطنية بشأن خطورة ما يجري وتقييم الموقف السياسي والخطوات المطلوبة، وفي اتصالات مع الدول العربية والأطراف الصديقة للشعب السوري». وكان الخطيب برر قبوله التحاور مع النظام بعدم وجود مشروع حل دولي، وبالتخلف عن دعم المعارضة بالسلاح والمال. ميدانيا تواصلت الاشتباكات عنيفة بين القوات النظامية السورية ومقاتلين معارضين الثلاثاء حول ثكنة للجيش في مدينة حلب في شمال سوريا، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان، وذلك غداة سيطرة الجيش السوري على بلدة في ريف حلب. وافاد المرصد في بيان مسائي عن مقتل تسعة مقاتلين معارضين خلال اشتباكات مع القوات النظامية في حيي صلاح الدين (جنوب غرب) والشيخ سعيد (جنوب) ومحيط ثكنة المهلب (غرب). واورد المرصد معلومات الثلاثاء عن مقتل «ما لا يقل عن عشرين مقاتلا من عدة كتائب مقاتلة مساء امس خلال اشتباكات مع القوات النظامية التي تحاول اعادة السيطرة على حي الشيخ سعيد». وكان هذا الحي سقط في ايدي مقاتلي المعارضة الجمعة. وبدأت المعارك حول ثكنة المهلب في حي السبيل منذ الفجر. واوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس ان محاولة مسلحي المعارضة الاستيلاء على هذه الثكنة ليست جديدة، مشيرا الى ان الثكنة تضم عددا كبيرا من عناصر القوات النظامية. في ريف حلب، افاد المرصد عن «تعزيز القوات النظامية حواجزها في بلدة خناصر ومحيطها التي سيطرت عليها امس الاثنين بعد اشتباكات عنيفة» مع مقاتلي المعارضة. ومن الواضح ان الجيش السوري سيحاول بعد الاستيلاء على خناصر التقدم نحو بلدة السفيرة القريبة والواقعة جنوب غرب مدينة حلب، بهدف كسر الحصار الذي يفرضه مقاتلون معارضون منذ اكثر من شهر على معامل الدفاع ومركز البحوث العلمية في بلدتي الواحة والسفيرة. وكان المرصد افاد عن مقتل تسعة مواطنين بينهم ستة اطفال وسيدتان جراء القصف الذي رافق اقتحام القوات النظامية لقرية خناصر الاثنين. في محافظة حماة (وسط)، قال المرصد ان بلدة كرناز تعرضت لقصف من القوات النظامية بمشاركة الطيران الحربي، وان اشتباكات عنيفة تستمر منذ ايام عدة على اطراف البلدة. واضاف ان البلدة تعاني من حالة انسانية سيئة وقد نزح عدد كبير من سكانها بسبب القصف. في محافظة ادلب (شمال غرب)، وقعت اشتباكات عنيفة قرب بلدة حيش في محاولة من القوات النظامية لايصال امدادات عسكرية الى معسكري وادي الضيف والحامدية القريبين من مدينة معرة النعمان الاستراتيجية التي يسيطر عليها المعارضون منذ اكتوبر، بحسب المرصد. وشن الطيران الحربي السوري الثلاثاء غارات عدة على مناطق في ريف دمشق، فيما تعرضت مدينتا دوما وداريا للقصف. وشمل القصف احياء في جنوب العاصمة. وسجلت غارات جوية الثلاثاء ايضا على مناطق في ريف اللاذقية (غرب) ومحافظة الرقة (شمال)، فيما شهدت مناطق في محافظتي درعا (جنوب) وحمص (وسط) وادلب قصفا واشتباكات. وقتل 64 شخصا في اعمال عنف في مناطق مختلفة من سوريا الثلاثاء، بحسب المرصد الذي يقول انه يعتمد، للحصول على معلوماته، على شبكة واسعة من المندوبين والمصادر الطبية في كل انحاء البلاد.