عدوان إسرائيلي على المعبر الحدودي بين سوريا ولبنان    جيش الاحتلال: نستهدف خزينة سرية لحزب الله مليئة بالنقود تحت مستشفى ببيروت    جيش الاحتلال: قلصنا قدرات حزب الله النارية إلى نحو 30%    382 يومًا من العدوان.. شهداء ومصابين في تصعيد جديد للاحتلال على غزة    موقف كمال عبد الواحد من المشاركة بنهائي السوبر، والده يكشف حالته الصحية    «ملكش سيطرة على اللاعبين ومفيش انضباط».. مدحت شلبي يفتح النار على حسين لبيب    سامسونج تطلق إصدار خاص من هاتف Galaxy Z Fold 6    ميزة جديدة لتخصيص تجربة الدردشة مع Meta AI عبر واتساب    في ليلة التعامد.. هيئة قصور الثقافة تكرم محافظ أسوان وفنانين بأبوسمبل    أضف إلى معلوماتك الدينية| حكم تركيب الرموش والشعر «الإكستنشن»..الأبرز    حل سحري للإرهاق المزمن    أستاذ علوم سياسية: إسرائيل تخطط لتهجير سكان جباليا بشكل ممنهج    «القابضة للمطارات»: مؤتمر المراقبين الجويين منصة للتعاون ومواجهة تحديات الملاحة    تراتون القابضة لشاحنات فولكس فاجن تحقق نتائج أفضل من المتوقع في الربع الثالث    الليجا تسعى لنقل مباراة برشلونة وأتلتيكو مدريد خارج الحدود    لاس بالماس يقتنص انتصاره الأول في الليجا    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تباين    بعد منعه من السفر… «هشام قاسم»: السيسي أسوأ من حكم مصر    النائب العام يبحث مع نظيرته الجنوب إفريقية آليات التعاون القضائي    قائد القوات البحرية يكشف سبب طُول الحرب في أوكرانيا وغزة    حظك اليوم برج الجدي الثلاثاء 22 أكتوبر 2024.. هتقابل شريك الحياة    خذلها.. رد فعل غريب من رجل ماليزي تجاه زوجته بعد اعتنائها به خلال فترة شلله    لطيفة وريهام عبد الحكيم وجنات فى ضيافة الليلة العمانية بمهرجان الموسيقى العربية    نشرة التوك شو| حقيقة زيادة المرتبات الفترة المقبلة ومستجدات خطة التحول إلى الدعم النقدي    دعاء عند نزول المطر.. فرصة لتوسيع الأرزاق    ما حكم استخدام المحافظ الإلكترونية؟ أمين الفتوى يحسم الجدل    سر استخدام ملايين الأطنان من الألماس في الغلاف الجوي.. «رشها حل نهائي»    كيفية تفادي النوبات القلبية في 8 خطوات..لايف ستايل    عقوبة تخبيب الزوجة على زوجها.. المفتاح بيد المرأة وليس الرجل فانتبه    ماذا كان يقول الرسول قبل النوم؟.. 6 كلمات للنجاة من عذاب جهنم    داخل الزراعات.. حبس سائق توكتوك حاول التح.رش بسيدة    عماد متعب: اللاعب بيحب المباريات الكبيرة وكنت موفقا جدا أمام الزمالك    متحدث الصحة: نعمل بجدية ومؤسسية على بناء الإنسان المصري    طريقة عمل الدونتس السريع بالكاكاو    صحة كفر الشيخ: تقديم الخدمات الطبية ل1380 مواطنا بقافلة فى دسوق    مصرع شاب في حادث انقلاب دراجة نارية بواحة الفرافرة بالوادي الجديد    شك في سلوكها.. تفاصيل التحقيق مع المتهم بقتل زوجته والتخلص من جثتها بالصحراء في الهرم    ابتعدوا عن 3.. تحذير مهم من محافظة الإسماعيلية بسبب حالة الطقس    عاجل - طبيب تشريح جثة يحيى السنوار يكشف عن الرصاصة القاتلة والإصابات المدمرة (تفاصيل)    أسعار الذهب اليوم الثلاثاء تواصل الصعود التاريخي.. وعيار 21 يسجل أرقامًا غير مسبوقة    الصفحة الرسمية للحوار الوطنى ترصد نقاط القوة والضعف للدعم النقدى    أبرز موافقات اجتماع مجلس مركز تنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأقصر    شيرين عبدالوهاب تدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية (تفاصيل)    رانيا يوسف: إشمعنى كلب الهرم يتكرم وكلبي في فيلم أوراق التاروت ما حدش عايز يكرمه؟    شريف سلامة: أتخوف من الأجزاء ولكن مسلسل كامل العدد الجزء الثالث مفاجأة    أبرز المشاهير الذين قاموا بأخطر استعراضات على المسرح (تقرير)    القصة الكاملة لتدمير القوات المصرية للمدمرة الإسرائيلية إيلات في 21 أكتوبر 1967    "الذكاء الاصطناعي".. دير سيدة البشارة للأقباط الكاثوليك بالإسكندرية يختتم ندوته السنوية    هل ينسحب الزمالك من نهائي السوبر أمام الأهلي؟ ثروت سويلم يُجيب    رئيس إنبي: لجنة المسابقات ستشهد نقلة نوعية بعد رحيل عامر حسين    أسامة عرابي: الأهلي يحتاج خدمات كهربا رغم أزمته الحالية    مديرة مدرسة الندى بكرداسة تكشف تفاصيل زيارة رئيس الوزراء للمدرسة    ارتفاع جديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 22 أكتوبر 2024 (تحديث الآن)    إيران: واشنطن ستتحمل المسئولية الكاملة عن دورها في أي عمل عدواني إسرائيلي    عبدالرحيم علي: ضرب المفاعلات النووية الإيرانية أول ما ستفعله إسرائيل في "الرد"    من بينهم المتغيبون.. فئات مسموح لها بخوض امتحانات نظام الثانوية العامة الجديد 2025    الموافقة على تقنين أوضاع 293 كنيسة ومبنى تابعا    "جبران": عرض مسودة قانون العمل الجديد على الحكومة نهاية الأسبوع الجاري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهجمة الوهابية وعواقبها الكارثية على مصر د. صبرى حافظ
نشر في التحرير يوم 19 - 01 - 2013

انشغلت القاهرة مؤخرا بما يمكن دعوته بظاهرة الشيخ محمد العريفى، وخطبته الحاشدة فى جامع عمرو بن العاص بمصر القديمة. وهو شيخ فاره الطول، ممشوق القامة، فى الثالثة والأربعين من عمره، عف اللسان، حلو الكلام، لا تشوِّه جبينه زبيبة قبيحة ككثير من أقرانه من السلفيين فى مصر، على الرغم من أنه لا يقل عنهم تديُّنا أو سلفية أو صلاة. وكشف معظم التعليقات على زيارته، والإقبال المتزايد على الصلاة خلفه فى جامع عمر بن العاص، عن أنه قد هزم أقرانه فى عقر دارهم، وكسب قلوب المصريين الذين ينفر كثير منهم من فظاظة أقرانه من سلفيى مصر. لأنه آثر أن يحتلّ المكان الأخلاقى الأعلى فى خطاب التأسلف. فأين خطاب محمد العريفى عفيف الألفاظ الذى يتغزل بفضائل مصر وتسامحها وأفضالها على جيرانها، من بذاءات وسخائم أدعياء يسمون أنفسهم دعاة لمجرَّد أنهم أطلقوا لحاهم، وتمادوا فى حك جباههم كى يَسِمُوها بزبية فاشية لا علاقة لها بورع الصلاة، ولا بطهارة المصلين؟ أين طلاوة حديث العريفى وهدهدته لعواطف سامعيه وتذكيرهم بما لهم من ماضٍ عريق وسؤدد، من سوء ملافظ أقرانه من سلفيى مصر وركاكة خطابهم، وتكفيرهم لكل من لا يسلم بجهلهم أو تفسيراتهم المختلة للدين؟
لكن الطريف فى الأمر -وكنت قد تناولت فى مقال الأسبوع الماضى دور السعودية فى ما يسمى بالمؤامرة الصهيوأمريكية على مصر باعتبارها الركيزة الثالثة للمخطط الأمريكى، وكيف أن هذه الركيزة تعتمد على إبراز دور السعودية وتكريس مكانتها على حساب دور مصر ومكانتها فى المنطقة- أن ما قام به العريفى وما دفع الكثيرين للثناء عليه، لا ينفصل عن هذا المخطط، بل يصب فيه. فها هو داعية سلفى سعودى ينجح فى ما فشل فيه أدعياء يسمون أنفسهم دعاة فى مصر. ويثبت فضل السعودية على مصر لأنه يعرف أن خير سبيل إلى قلوب سامعيه هو التغنى بأمجادهم القديمة، شريطة أن يؤكد لهم أنها أمجاد قديمة، لا وجود لها فى حاضرهم التعيس. وإلا فلماذا يحتفون بسلفى سعودى، لا يختلف خطابه من حيث الجوهر عن خطابات السلفيين المصريين، بينما تمتلئ الصحف بالشكوى من سلاطة ألسنة جل السلفيين المصريين وضيق أفقهم وتآمرهم على المصريين؟ وقد تجلت آخر تلك المؤامرات فى نجاحهم فى تمرير خططهم المسمومة فى الدستور كما كشف ياسر برهامى فى حديث أخير.
فالشيخ العريفى ليس بأى حال من الأحوال صوتا للعقل فى عالم يتفشى فيه الخبل والجهل. وليس لديه مشروع مغاير ينقذ به مصر من محنتها، أو يخلصها من شراك تلك المؤامرة الصهيوأمريكية التى ينفذها الإخوان فيها. ولكنه الوجه المضىء لنفس الخطاب السلفى الظلامى الذى يدعو إلى تغييب العقل. أو هو التجسيد الحى لما يُعرَف فى السياسة الأمريكية بالشرطى الطيب، فى التعامل مع الأمور أو الأزمات من خلال ثنائية «Good cop/ Bad cop» (الشرطى العنيف والشرطى الطيب). وهو منهج أمريكى واضح يوشك أن يكون النظير الأميركى للمنهج الإنجليزى الشهير فى الحكم من خلال شعار «فرِّقْ تسُدْ»، حيث يتم فيه التعامل مع أى موقف صعب من خلال توزيع الأدوار، فيقوم أولهم بالتهجم الشرس على الخصم والعنف معه حتى يزعزع ثقته بنفسه، بينما يلجأ الآخر إلى اللطف والملاينة من أجل تحقيق الغاية نفسها. فلا تلجأ الشرطة الأمريكية، والسياسة الأمريكية عموما من ورائها، إلى الشرطى اللطيف الطيب، إلا بعد أن يكون الشرطى الردىء الشرس قد قام بالدور العنيف الذى يجعل نجاح الشرطى الطيب مضمونا.
وهذا بالفعل ما حدث فى حالتنا هذه، حيث قام سلفيو مصر بدور الشرطى الردىء، الذى تمادى فى عنفه ورداءته حتى ضاق به الجميع منذ بداية الثورة، حيث لم يكن يُسمع لأى منهم صوت قبلها اللهم إلا تحريم الخروج على أولى الأمر، وحتى الآن. وانهالت القضايا والأحكام على قنوات التأسلف الرديئة بعدما ورطت مصر ابتداءً فى أحداث الفيلم التافه المسىء للرسول الكريم فى ذكرى أحداث 11 سبتمبر الشهيرة، وليس انتهاء بكشف تآمرهم على الدستور الباطل الركيك فى اعترافات برهامى الأخيرة. وقبل أن تؤدى تصرفاتهم إلى نزع شرعيتهم وتشويه سمعة التأسلف كلية، ها هو الشرطى الطيب يتقدم ببسالة لإنقاذ الموقف. فمَن إذن هذا الداعية السلفى الجديد الذى نجح فى ضرب عصفورين بحجر واحد، إنقاذ سمعة السلفية من براثن الدبة التى قتلت صاحبها، بالقيام بدور الشرطى الطيب، والمساهمة فى تأكيد المقولة المغلوطة المراد ترسيخها، بأن يد السعودية هى العليا، على الأقل فى مجال الدين بطبعته الوهابية التى يروج لها السلفيون فى مصر؟
هو حسب «الموقع الرسمى لفضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الرحمن العريفى» ابن جامعة الإمام محمد بن سعود، معقل الوهابية الحصين. فيها درس وفيها تَخرَّج (1991) وحصل على الماجستير (1996)، ثم الدكتوراه برسالة عنوانها «آراء شيخ الإسلام ابن تيمية فى الصوفية، جمع ودراسة» عام 2001، ويعمل بالتدريس بها منذ عام 1993 حتى الآن. وابن تيميه الذى تَخصَّص فيه هو شيخ ابن عبد الوهاب، ومصدر كثير من أفكار الوهابية. والعريفى فى ما يبدو شيخ سلفى عصرى، فله موقع على الإنترنت، أى أنه يتعامل مع رجس التكنولوجيا الغربية ويستفيد منه إلى أقصى حد، بما فى ذلك خدمة الجوال التى تجمع له الأموال. ومن آيات عصريته أيضا أنه كتب رواية بعنوان «صرخة فى مطعم الجامعة: رواية حول الحجاب وأدلّته» طُبع منها كما يقول الموقع أكثر من مليون نسخة. كما أنه عضو فى المنظمة المسماة بالاتحاد العالمى لعلماء المسلمين. وهى كلها مؤهلات تجعله جديرا بلعب دور الشرطى الطيب، بعد أن ضاقت مصر بجهالات فيالق من الشرطة السلفية الرديئة من عينة عبد الله بدر، ودعوات أمثال مرجان الجوهرى المخبولة لهدم الأهرام وأبى الهول.
نحن إذن بإزاء الوجه الآخر لنفس العملة. وقد كشف إبراهيم عيسى فى برنامجه الشهير «هنا القاهرة» بالصوت والصورة، عن أن منهج نفاق المستمعين ودغدغة عواطفهم الوطنية، ليس أمرا خص به محمد العريفى مصر، ولكنه أسلوبه المعهود يستخدمه فى مغازلة مشاعر اليمنيين حينما يخطب فى اليمن، أو الشوام حينما يخطب فى سوريا. فالهدف الأساسى الذى يريد كل من الشرطى الردىء والشرطى الطيب معا تحقيقه هو نشر تلك الدعوة الوهابية التى جاء العريفى من قلعتها الحصينة، والتى تَكوَّن فيها فكرا وممارسة. ولهذه الهجمة الوهابية المستمرة على مصر منذ منتصف سبعينيات القرن الماضى حتى الآن، عدة أهداف وثيقة الصلة بالمؤامرة الصهيوأمريكية على مصر، وبما يدور فى مصر ويُحاك ضدها فى هذه الأيام. فحتى تتخلى مصر عن دورها القيادى فى المنطقة كى تنهض به السعودية كان لا بد من تحقيق من الخطوات التى تهدف فى مجموعها إلى خلق حالة من التردى فى مصر، وسياق من التقدم فى السعودية تمكن هذا الوضع المقلوب، أن يصبح أمرا طبيعيا ومقبولا. لذلك بدأت هذه الهجمة، وقد دعمتها قفزة أسعار النفط الجبارة عقب حرب أكتوبر 1973 بمجموعة من الإجراءات التى ترتب عليها عدد من الظواهر التى نعانى منها حتى اليوم.
بدأت بتفريغ مؤسسة الجامعة المصرية من أفضل عقولها وخير أساتذتها، وفتح بال العمل أمامهم فى مختلف جامعات الجزيرة العربية والخليج، بعدما تكفل انفتاح السادات المشؤوم بخلق آليات تضخم مسعور تدفع كل إنسان إلى البحث عن النجاة الفردية. وقد تَوَاقَتَ تفريغ الجامعة من عقلها مع آليات المناخ الطارد الذى ضيَّق الخناق على قطاع كبير من المثقفين، ودفعهم إلى الهجرة بحثا عن العمل أو الرزق. لأن حجر الزاوية فى كل تلك الخطوات كان تغييب العقل النقدى الحر، كى يفسح المجال مع تبنى شعار «دولة العلم والإيمان» لإحلال التدين الغيبى المشغول بسفاسف الأمور مكان التدين العقلى الذى ينهض بالإنسان والمجتمع معا. وبدأت موجة التأسلم بنشر الحجاب الذى لم يكن له أى وجود يُذكر فى مصر حتى منتصف سبعينيات القرن الماضى، مع ظهور رأس حربة التأسلف محمد متولى الشعراوى، وتمكينه من منابر الإذاعة والتليفزيون، التى كانت تخضع لقدر كبير من التحكم السياسى، وتزايد نفوذه بعد نجاحه فى تحجيب عدد من الفنانات الشهيرات.
وكانت غاية تلك الهجمة الأولى التى تواصلت فصولها لأربعة عقود هى القضاء على الطبقة الوسطى المصرية، لأنها هى الطبقة الحاضنة لمجموعة القيم العقلية والأخلاقية، والمستفيدة من مسيرة الإصلاح والتقدم والدافعة له. كما تم الإجهاز على جل مكتسبات المرأة التى حققتها عبر مسيرة طويلة من النضال من أجل التحديث والحرية. وقد ساهمت سياسات الانفتاح «السداح مداح» فى تآكل مكتسبات هذه الطبقة الوسطى بوتائر متسارعة، فى عهد مبارك، خصوصا مع تنامى معدلات الهجرة من الريف للمدينة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية، وظهور كل أشكال الإسكان العشوائى، مما أدى إلى عملية ترييف المدينة فى ظل غياب التنمية المتوازنة التى تأخذ فى اعتبارها كل الجوانب الاقتصادية والتعليمية والثقافية فى مصر لسنوات طويلة. وقد تضافرت الهجمة الشرسة على الطبقة الوسطى، والإجهاز على مكتسبات المرأة، وترييف المدينة لخلق مناخ ملائم لازدهار الأفكار الوهابية، وتدعيم عملية التصحير العقلى فى مصر، كجزء من مؤامرة إحلال المملكة السعودية محل مصر كقائدة للعالم العربى، وكنموذج له، فى ما عُرف باسم «الحقبة السعودية»، خصوصا وقد رافق غيابَ أى تنمية فى مصر تسارُعُ معدلات التنمية فى السعودية نتيجة لتدفق عوائد النفط بمعدلات غير مسبوقة، فى عملية استبدال الثروة النفطية بالثروة العقلية التى مثلتها مصر عبر تاريخها الطويل، فبينما كانت ترتفع أسعار كل شىء، كانت قيمة العمل العقلى، خصوصا ثمار العقل النقدى، تحاصَر وتتدنى باستمرار. فى الوقت الذى كانت تتدفق فيه الأموال على دعاة تغييب العقل ونشر الفكر والممارسات الوهابية. وحينما بدا أخيرا مع الثورة المصرية أنه قد آن الأوان للتغيير، ضاعفت الهجمة الوهابية من شراستها، وزودت أدعياءها بالفضائيات المتعددة، وهذا هو سر تصاعد تلك الهجمة من ناحية، وتنويع خطاباتها بما فى ذلك تزويده بشرطى جيد حلو الحديث، كى تبقى مصر مكبَّلة بسفاسفها، وغير قادرة على التخلص من مباءة المكان الذى تريده لها السياسة الصهيوأمريكية فى المنطقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.