الخطبة العظيمة التي ألقاها فضيلة الشيخ الدكتور محمد العريفي من علي منبر الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم »عن مصر« وأبكت كل من سمعها من فضيلته وكل من قرأها ملخصة في 2/1 كلمة أستاذنا العبقري أحمد رجب، وموسعة بأجمل تقديم لزميلنا أسامة شلش.. لأن الشيخ السعودي الجليل قال في مصر مالا يعرفه معظم المصريين، وينكره من يسمون أنفسهم »شيوخا« من سلفيين الانغلاق العصور الوسطي، الذين يهدرون تاريخها وحضارتها، ويفتون بتدمير آثارها، ويهددون علماءها ومثقفيها وفنانيها، بل ويزعمون أنها فسطاط كفر، وأنهم فاتحوها. أؤيد بشدة اقتراح الاعلامي جمال أبوعلي كبير مذيعي التليفزيون المصري بدعوة وزيري التعليم والتعليم العالي لتدريسها في المدارس والجامعات كما نشر زميلي في أخبار اليوم عبدالواحد سعودي، بل وأذهب أكثر من ذلك، إلي وضعها علي لوحات ثابتة علي مدخلي قاعتي البرلمان، وأبواب المساجد والكنائس، وأن تكون الدرس الأول في مادة التربية الوطنية، ليعرف النشء منذ نعومة أظفاره قدر وطنه، مع تعظيم قائله وفاء وعرفانا، ان ما قاله الشيخ الجليل محمد العريفي هو نفس ما قاله منذ قرابة القرن ونصف القرن شيخنا الجليل الحسيب النسيب رفاعة الطهطاوي، وجعله فصلا أساسيا في كتابه الخالد »المرشد الأمين للبنات والبنين« تحت عنوان »الوطن والتمدن والتربية« ليكون أول ما يدخل عقول التلميذات والتلاميذ، واضعا أول أساس لمادة التربية الوطنية.. كتب رفاعة الطهطاوي: مصر بلد شريف، إن لم نقل إنها أشرف الأمكنة، فهي أرض الشرف والمجد في القديم والحديث، وكم ورد في فضلها من آيات بينات وآثار وحديث، فما وكأنها إلا صورة جنة الخلد منقوشة في عرض الأرض بيد الحكمة الإلهية، التي جمعت محاسن الدنيا فيها.. واسعة الرقعة، طيبة البقعة، كأن محاسن الدنيا عليها مفروشة، وصورة الجنة فيها منقوشة، واسطة البلاد ودرتها، ووجهها وغرتها، موصوفة عند الجميع بالشجاعة، والحماسة والكياسة والرئاسة. فضلا عن الذكاء والفطنة، ولطافة العوائد والأخلاق، مما سارت به الركبان بسيرتهم الحميدة في سائر الآفاق. فلها الحق في أن يحترمها جميع الأمم والملل، وملوك الدنيا والدول، فكم اقتبسوا منها في الأزمان الخالية أنوار العلوم والمعارف التي طوقت أجياد الدنيا، وصارت بها في الدرجة العالية«. ما أشبه خطبة الشيخ الجليل الدكتور محمد العريفي، بأنشودة شيخنا ومعلمنا وباعث نهضتنا الشيخ رفاعة الطهطاوي. واللهم لا غرور ولا استعلاء.. وإنما فحسب تذكرة غابت عن عقولهم حقائق الأمور.. وبهذه المناسبة، أرجو من مثقفينا واعلاميينا وسياسيينا أن يردوا الخير بمثله، وأن يبرأوا من الربط بين استنكارهم لفتاوي سلفيي القندهاريين بالوهابية، ففي ذلك تعريض بالإمام محمد بن عبدالوهاب، صاحب المكانة الروحية العالية لدي المملكة العربية السعودية، بما لها من اعتزاز لدي جميع المسلمين، وتعريض بالدولة السعودية ذاتها، وفي ذلك عدم لياقة، وعدم ضرورة. ففي المملكة، وفي ظل الوهابية، يوجد - كما عندنا- المتشددون والمعتدلون وما الشيخ الجليل محمد العريفي إلا نبراس للدين الصحيح، وللخير والمودة بين الشعبين.. بمسلميهم واقباطهم.. ولعله يكون درسا عظيما.. لذوي الألباب.