مصر كلها تتحدث عن التحالفات الانتخابية القادمة ، اخبار لا تنتهي ، تصل احيانا لدرجة التناقض ، جبهة الانقاذ الوطني في مواجهة قوي الاسلام السياسي ، هذا هو المشهد باختصار ، و مع ذلك تبقي اسس التحالف و معاييره غائبة ، لا سيما مع اختلاف التفكير و المنهج ، و تناقض المواقف السياسية احيانا . التوحد مطلوب طبعا ، تجمع المعارضة في مواجهة الاخوان المسلمين امر جوهري وهام ، لكن ان يكون التوحد بعيدا عن حقائق السياسة و الواقع هذا هو الخطر الاكبر ، فالاتحاد لا يعني بالضرورة ان يشترك الجميع في قائمة واحدة ، بل يمكن ان يكون في قائمة او اكثر ، و يمكن ان يكون التوحد عن طريق التنسيق فقط ، و اخلاء الدوائر ، و مساندة هنا او هناك ، اما ان يكون منطق التوحد هو ضرورة ان يكون الجميع في قارب واحد بلي ذراع الحقيقة و الواقع فهذا ما سيكون ثمنه الفشل الذي لن يقل عن فشل التفتت الي عشرات القوائم و مئات المرشحين . حقائق السياسة و الواقع تؤكد ان الاتحاد الذي تصر عليه المعارضة الان بتجميع كل هذا العدد من الاحزاب تحت راية جبهة الانقاذ امر لن يفيد ، و سينتقل الصراع ، مع كثرة عدد الاحزاب السياسية المشاركة في الجبهة ، من نضال ضد السلطة الحاكمة و سياساتها الي صراع داخلي علي من سيترشح و عدد مقاعد كل حزب و رؤوس القوائم و غيرها من الامور التي لن تفيد بل ستضر في خضم المعركة الشرسة . الاقرب للواقع و المنطق هو ان يكون التوحد مبدئيا في الاساس – اي قائما علي تقارب الاهداف و البرامج و الافكار - ثم التنسيق سياسي بين كل قوي المعارضة في الدوائر الانتخابية ، و في هذا السياق يبدو حزب الوفد مرشحا لقيادة تحالف يضمه مع حزب المؤتمر الذي يتزعمه عمرو موسي و يمكن ان يضم احزابا اخري ليبرالية ايضا كغد الثورة والجبهة الديمقراطية و غيرها ، اما القائمة الاخري ففي ظني يجب ان تضم اليسار و يسار الوسط في قائمة واحدة و يعني ان تضم القائمة احزاب و كيانات سياسية متقاربة سياسيا و فكريا مثل حزب الدستور و التيار الشعبي المصري و حزبا التحالف الاشتراكي و المصري الديمقراطي . هذا التقسيم لا يجب ان ينفصل عن ترتيبات يجب ان تتم بين كل هذه القوي المعارضة لاخلاء دوائر او مساندة مرشح بعينه لا سيما في انتخابات الاعادة علي المقاعد الفردية و هو ما يعني ان التوحد تم و لكن بطريقة اخري غير التصميم علي خوض الانتخابات بقوائم واحدة رغم ما في الامر من صعوبة حقيقية بسبب اختلاف الافكار و المواقف و كثرة عدد المرشحين التي ستولد صراعات و خلافات تؤثر علي وحدة هذه الجبهة في فترة الانتخابات ، و هي فترة لا يجوز ان يحدث خلالها اي هزة او ارتباك او صراع . التوحد علي اساس مبدئي ثبت انه الاكثر واقعية ، و التجمع يمكن ان يتم من خلال قائمتين و تنسيق في عدد من الدوائر ، و التصميم علي توحيد كل القوي السياسية المعارضة رغم ما بينها من اختلاف سياسي و ما سينتج عنه من صراعات في قائمة واحدة خطأ كبير لا يجب ان نتمسك به ، فليس هناك ترف في الوقت و لا الجهد ، الا قد بلغت اللهم فاشهد .