قضى المتظاهرون السلميون وقتا طويلا أمام قصر الاتحادية مساء الثلاثاء الماضى، وغادرت الغالبية العظمى، المكان إلى بيوتها، واعتصم عدد محدود للغاية فى رسالة رمزية للنظام، لم يُقذف حجر ولم يتم الاعتداء على أحد من المتظاهرين أو الحرس الجمهورى والأمن المركزى. فالمتظاهرون عبارة عن خليط من شرائح الطبقة الوسطى المصرية التى تعرف عادة بأنها «مستودع القيم» والتى عادة ما تكون قاطرة التطور والتحديث فى أى مجتمع من المجتمعات، والتى تعلى من قدر القيم الإنسانية كالحرية، الديمقراطية والمساواة. فجأة ومع عصر اليوم التالى وبعد أن عادت أعداد كبيرة من المتظاهرين لمؤازرة المعتصمين، تدفقت مجموعات من المؤيدين للرئيس. مجموعات تتبع جماعةالإخوان مدعومة بممثلين عن الحركات السلفية، هجموا على المعتصمين، دمروا الخيام، وبدؤوا فى الاعتداء على كل من كانت أياديهم تطوله من المتظاهرين المعارضين لسياسات رئيس الجمهورية، كان واضحا من مشاهد الخطف والضرب أننا أمام جماعات مدربة تدريبا جيدا على القتال والالتحام، كان واضحا أن هذه المجموعات مدربة على الضرب المبرح، لا تفرق فى الضرب بين رجل وامرأة، سيدة وفتاة، شيخ وشاب بل وطفل، فقد أوسعوا كل من تمكنوا من خطفه أو أَسْره ضربا، وكان المشهد مؤثرا جدا عندما شاهدنا سيدة مناضلة فى السبعينيات من عمرها، مثل شاهندة مقلد، تتعرض للضرب على يد شخص وجد الشباب له صورة مع رئيس الجمهورية ضمن عدد محدود، الأمر الذى يعنى أنه يشغل موقعا مُهما داخل صفوف الجماعة. بمرور الوقت وجدنا ميليشيات الجماعة تجيد فنون إطلاق الرصاص والخرطوش، وهناك من يجيد الالتحام الجسدى فى مشاهد لم ترها مصر من قبل وتنبئ بدخول البلاد مرحلة جديدة من العنف والمواجهات. قضى رجال ميليشيات الإخوان الليل يعتدون على من وقع فى أيديهم من التيار المدنى، مارسوا التعذيب فى أبشع صوره، قاموا بالتحقيق مع الأسرى، فتحوا تحقيقات مع كل أسير، فالتعليمات كانت انتزاع اعترافات مصورة بأنهم يتبعون رموز المعارضة المدنية وأنهم حصلوا منهم على المال والسلاح، كم كان المشهد تراجيديا عندما جرى تصوير مقطع كانوا يضربون شخصا بسيطا حتى يقول إنه حصل على أموال من المعارضة كى يتظاهر أمام القصر، والرجل يرد وهو ينزف دما أنه بواب إحدى العمارات فى المنطقة ولا علاقة له بالمتظاهرين. كانت التعليمات محددة وواضحة لذلك كان الضرب مبرحا، فالمطلوب انتزاع اعترافات بالحصول على أموال وسلاح من قادة معارضة حتى يمكن إحكام الرواية التى سيسردها رئيس الجمهورية فى الكلمة التى سوف يوجهها إلى الشعب ويقول فيها إن ما جرى كان مؤامرة تهدف إلى إسقاط الرئيس المنتخب. فعلوا كل ذلك فى حضور الحرس الجمهورى والأمن المركزى، فقد صدرت التعليمات بالابتعاد عن المشهد وترك رجال وشباب الجماعة يتولون الأمر، قبضوا على مواطنين مصريين، ضربوهم وعذبوهم، قيدوا أياديهم، ربطوهم فى أسوار القصر، حققوا معهم طوال الليل، جهزوا القضية لرئيسهم وزعيمهم كى يعلنها للرأى العام. حانت ساعة الصفر وخرج الرئيس مساء الخميس ليروى تفاصيل المؤامرة ويقول إن أكثر من مئة شخص من الذين شاركوا فى المؤامرة قد اعترفوا بأنهم حصلوا على السلاح والمال من رموز النظام السابق وشخصيات أخرى وأن هذه الحقائق سوف تطرح على الرأى العام. وبينما كان الرئيس يقول ذلك كانت نيابة شرق تفرج عن جميع المتهمين الذين هم فى الحقيقية مصريون أبرياء قبضت عليهم ميليشيات الجماعة وعذبتهم، أفرجت نيابة شرق القاهرة عن جميع المقبوض عليهم رغم توجيهات النائب العام الجديد بوضعهم فى الحبس ولو لمدة أربعة أيام، لأن الرئيس قال فى كلمته إنهم اعترفوا، ورفض وكيل النائب العام المصرى ضغوط النائب العام وقرر صرف الجميع من مبنى النيابة، وانكشفت الجماعة أمام المصريين وظهرت جناحها المسلحة، وانكشف الرئيس مرسى أمام الشعب الذى لم يجد رئيسا مصريا بقدر ما وجد عضوا فى جماعة لا تزال محظورة بحكم القانون، عجز الرئيس مرسى عن إقناع الرأى العام برواية الجماعة، فخرج من بعده المرشد العام للجماعة محمد بديع ونائبه الأول رجل الجماعة القوى الحاكم الفعلى للبلاد خيرت الشاطر وتحدثا للمصريين، لا أعرف بأى صفة، ولكن كى يؤكدا رواية ويشرحا أبعاد المؤامرة التى تعرض لها رجلهم الذى وضعوه على رأس مصر.