كان يومًا مشهودًا عندما قررت جماعة الإخوان المسلمين التحدّث مباشرة فى الوضع السياسى المأزوم، فقد قرر المرشد محمد بديع، التحدث مباشرة إلى المصريين وربما إلى الخارج، وبعده بساعات قليلة تَحَدّث رجل الإخوان القوى خيرت الشاطر، تحدث بنفسه مباشرة لأول مرة إلى المصريين. تحدث الرجلان فى السياسة، كان حديث المرشد خاصًّا بالجماعة بصفة عامة، تحدث عن المؤامرة على رئيس الجمهورية، عن شهداء الجماعة، قال إنهم ثمانية شهداء وضع صورهم خلفه، وسرعان ما نشر نشطاء شباب حقيقة صور شهداء لا ينتمون إلى الجماعة، وصورة أخرى لشاب لا ينتمى إلى الجماعة ولا يزال على قيد الحياة بعد أن أُصيب بطلق خرطوش فى الرقبة. تحدث مرشد الجماعة، غير المرخص لها قانونًا حتى اللحظة إذ ترفض التقدم بطلب الحصول على ترخيص للعمل بموجب القانون حتى لا تخضع للرقابة، عن حرق مقرات للجماعة، مطالبًا الداخلية بحماية المقرات، موجهًا إلى جهاز الشرطة قدرًا لا بأس به من التوبيخ. نأتى للأهم والأخطر وهو حديث رجل الجماعة القوى، مرشحها الأصلى للانتخابات الرئاسية. تحدث الرجل لأول مرة للرأى العام عما يجرى فى البلاد، وللإنصاف كان حديثه بصفة عامة واضحًا متماسكًا مفهومًا، عكس أحاديث السيد الرئيس التى يصعب على المرء فهمها بل ومتابعتها. تحدث الرجل بلغة حاكم قوى واثق بنفسه، يطرح التقديرات، يوزع الاتهامات، ينثر التهديدات، وفى الوقت نفسه تحدث من موقع القابض على معلومات خطيرة لا مجال للحصول عليها إلا عبر الأجهزة الأمنية السيادية. تحدث الرجل عن مؤامرة تحاك ضد الرئيس الدكتور محمد مرسى، وقال إن بحوزته معلومات ووثائق حول هذه المؤامرة، قال إن لديه تسجيلات ومعلومات عن لقاءات واتصالات جرت لقلب نظام الحكم، صال الرجل وجال، تحدّث بقوة ووضوح عن أبعاد المؤامرة، وزَّع التهديدات على قادة الأحزاب السياسية ورموز الإعلام المصرى، توعّد من أشار إليهم بأصابع الاتهام بالملاحقة. دعونا نتوقف هنا أمام الاتهامات التى وجّهها المهندس خيرت الشاطر إلى عدد من الشخصيات العامة من سياسيين وإعلاميين، وقال إن لديه تسجيلات ووثائق على مؤامرة الانقلاب على الرئيس مرسى، السؤال الأول هنا: ما الصفة التى خرج بها المهندس خيرت الشاطر؟ نعرف أنه الرجل الثانى فى الجماعة، الرجل القوى الذى يدير الإمبراطورية الاقتصادية للجماعة، لا صفة رسمية له ولا يشغل منصبًا رسميًّا فى الدولة، وكونه نائب المرشد لا يعطيه أى صفة رسمية، فالرجل نائب لمرشد جماعة دعوية رعوية لا جماعة سياسية، والجماعة السياسية هنا هى حزب الحرية والعدالة، الذى لا يشغل فيه الشاطر موقعًا رسميًّا، ومن ثَم نريد أن نعرف بأى صفة تحدث نائب المرشد. السؤال الثانى هو: من أين حصل نائب المرشد على ما قاله بأن لديه تسجيلات ومعلومات ووثائق؟ هل من أجهزة الدولة السيادية؟ وبأى حق؟ ولماذا لم يتحدث الرئيس عن هذه المعلومات باعتبار أنه تحدث عن نفس الموضوع عندما أشار إلى قصة الاجتماع فى المحكمة الدستورية ولقاء فى مكتب أحد من يتهمهم بالضلوع فى مؤامرة الانقلاب؟ هل تحدث الشاطر بعد أن حصل على هذه المعلومات من أجهزة البلد السيادية؟ أم حصل عليها بطريق غير مباشر من خلال سيادة الرئيس؟ أم أن لدى الجماعة أجهزتها الاستخبارية الخاصة التى يمكنها الحصول على معلومات على هذا القدر من الأهمية؟ نريد إجابة واضحة، لأنه فى الحالتين هناك كارثة حقيقية أن تتسرب معلومات وتقارير الأجهزة السيادية إلى جماعة الإخوان التى هى جزء من تنظيم عالمى، وكذلك الحال إذا كانت للجماعة أجهزتها الخاصة على غرار حزب الله فى لبنان. برجاء وضع ما سبق فى إطار ما سبق للرئيس ووجّهه من اتهامات للمقبوض عليهم فى مواجهات الاتحادية، بأنهم حصلوا على أموال من عناصر تنتمى إلى النظام السابق، وكذلك أسلحة، فى الوقت نفسه كانت النيابة العامة تفرج عنهم لأنهم ببساطة كانوا مختطَفين على أيدى ميليشيات الجماعة التى احتجزتهم وعذّبتهم وحقّقت معهم ثم سلمتهم للشرطة كى تحيلهم إلى النيابة العامة التى أفرجت عنهم.