جماعة الجهاد عادت مجددا للساحة بعد سنوات طويلة من الصدام المسلح مع الأنظمة، صدام راح فى سبيله عشرات الأبرياء، وكان الهدف إسقاط الطواغيت وإقامة شرع الله، لكن العام الجارى شهد سقوط مبارك بعد 30 عاما من الحرب، انتهت بمراجعات فقهية، كان مردها الألم والتعب الذى حل بكوادر الجماعة. ومع سطوع شمس التغيير تواجه الجماعة ورطة، كونها جماعة تنظيم مسلح، كانت أهدافها واضحة فى إسقاط النظام عبر العنف، لكن هل يمكنها ولوج المشهد السياسى بثوب جديد؟ أم أن ميدان التحرير وشعاره الأثير «سلمية سلمية» أحال تنظيم الجهاد إلى متحف التاريخ؟
المهندس صالح جاهين، القيادى بالجماعة، أوضح أن الجماعة تحولت تماما إلى العمل السياسى عبر السعى لتأسيس حزب البناء والتنمية، الذى يجمع معظم قيادات الجماعة، فيما اختار البعض الآخر الذهاب إلى أحزاب وجماعات أخرى، والبعض توجه إلى العمل الدعوى فقط، بعيدا عن السياسة، معتبرا أن مسمى الجهاد لم يعد يناسب واقع مصر الجديد، وأنه لا يعنى سوى حمل السلاح، فيما الحاضر «يفرض علينا التعامل بآليات، نحاول عبرها دمج العمل الدعوى بالعمل السياسى، إذ إن الحزب يرى عدم انفصال الدين عن السياسة».
«جماعة الجهاد كتنظيم مسلح.. انتهت» هكذا استهل الدكتور عباس شنن، القيادى بالجماعة، حديثه، موضحا أن الانتقال من مسار التنظيم السرى إلى الحزب السياسى وآلياته المعلنة سيستغرق وقتا، «إلا أن الأمر لن يطول، خصوصا بعد قبول أعضاء التنظيم بوثيقة ترشيد الجهاد».
الدكتور كمال حبيب، رئيس حزب السلامة والتنمية الخبير فى شؤون الحركات الإسلامية، أشار إلى أن الجهاد صار حزبا سياسيا مفتوحا الآن، يضم أربعة أجيال من التنظيم، وهم: «الفنية العسكرية، ومجموعة 81، وطلائع الفتح، فضلا عن شباب جديد رغب فى الانضمام إلينا»، مستبعدا أن تتحول «الجهاد» إلى العمل الدعوى، موضحا أن «الجهاد» تنظيم لا جماعة، وأن هناك تيارات أخرى يمكنها القيام بذلك.
لكن أنور عكاشة، أحد قيادات الجماعة، اعتبر أن تنظيم الجهاد انتهى فعليا منذ خمس سنوات، عاتبا على من يدعون أن التنظيم لا يزال قائما، فيما اعتبر أن المرحلة الجديدة وضعت التنظيمات السرية فى ورطة، لأن عليها العمل فى العلن الآن، وتحت ستار القانون، مستصعبا ذلك على تنظيم الجهاد «التنظيم غير مؤهل، لذلك بعكس الجماعة الإسلامية».
واستبعد عكاشة توجه الجماعة إلى العمل الدعوى، موضحا أن الجماعة تأسست «لمقاومة الطواغيت» وقد ولوا، فضلا عن أن لغة التفاهم تبدو صعبة بين كوادر التنظيم، متوقعا فشل الحزب «لأنه يجمع بين المتناقضات» على حد قوله، فيما يرى عكاشة بديلا للعمل السياسى من خلال الجمعيات والمؤسسات الخيرية أو الثقافية غير الحزبية، حيث «لا يوجد ما يستدعى المداهنات فى العمل الإسلامى»، على حد قوله.