رغم مرور أكثر من 19 شهر على قيام الثورة التى أشعل العمال المصريين شرارتها بإضراباتهم المتوالية والتى بدأت فى ديسمبر 2006 والعمال فى معركة دائمة من أجل الانتصار للحريات النقابية، فحتى الآن لم يصدر قانون الحريات النقابية والحكومات المتعاقبة بعد الثورة تجرم حق العمال فى الإضراب، وحتى الآن لم تضع الحكومة حد أدنى للأجور، وكأن العمال هم الفصيل المجتمعى الذى عليه أن يتحمل الضربات فى كافة العصور ورغم اختلاف الظروف السياسية.. سواء فى عهد المخلوع أو حتى عقب قيام الثورة المجيدة. فلم تكمل حكومة قنديل شهرها الثانى إلا وكأنها قد تذكرت أنها لم توجه ضربتها للطبقة العاملة المصرية إلا وخرجت علينا بقانون جديد للطوارئ بدعوى مواجهة حالات البلطجة، لتذكر فى المادة 16 من القانون الحالات التى ينطبق عليها هذا القانون ومنها حالة «الاعتداء على الحق فى العمل»، وهو ذات النص تقريبا الذى جاء فى المرسوم بقانون رقم 34 لسنة 2011 الذى أصدره المجلس العسكرى فى شهر ابريل 2011 والمسمى بقانون «تجريم الاعتداء على حرية العمل وتخريب المنشآت»، والذى بموجبه تم تحويل العشرات من العمال إلى المحاكمات العسكرية وتم الحكم على 11 موظفا بحي غرب الإسكندرية بالحبس 6 أشهر على خلفية قيامهم بالتظاهر ضد رئيس الحي للمطالبة بتطهير الأحياء والمحليات، وإبعاد العسكريين عن تولي مناصب قيادية بالأحياء، وقد جاء الحكم على خلفية بلاغ تقدم به رئيس الحي ضد الموظفين يتهمهم فيه بتعطيل العمل والتظاهر مما دعا المحكمة لتطبيق أحكام قانون منع التظاهر ضدهم، لينفى ذلك ادعاء الحكومة أن الاعتداء على الحق فى العمل ليس معناه الإضراب متناسين أن ذات النص قد حوكم به العمال على مدار الأشهر الماضية. إضافة إلى أن القانون المقترح يتضمن عديداً من المواد التى تتجاوز بكثير هدف مواجهة ظاهرة البلطجة والجريمة إلى تقييد الحريات العامة والخاصة وإعادة السلطات والمحاكمات الاستثنائية إلى البلاد دون أى حاجة لذلك، ومنها حقوق الاجتماع والتنقل والتظاهر والاعتصام، وعودة المحاكمات العسكرية للمدنيين. إن مؤتمر عمال مصر الديمقراطى ودار الخدمات النقابية والعمالية إذ يعلنان رفضهم لقانون الطوارئ البديل والمزمع إصداره خلال الأسابيع القادمة، يؤكدان على أن حق العمال المصريين فى الإضراب هو حق قد انتزعه العمال ودفعوا فى سبيله الكثير من التضحيات، قد انتزعوه فى ظل ديكتاتورية النظام البائد على الرغم من وجود العديد من الموانع القانونية التى كانت تحظر هذا الحق، سواء فى قانون العمل المصرى رقم 12 لسنة 2003، أو حتى فى قانون العقوبات، حيث كان من الأولى لحكومات ما بعد الثورة أن تسعى لإزالة هذه المعوقات بدلا من أن تزيد الطين بله وتضيف المزيد من القيود على حق الإضراب والاعتصام. إن مؤتمر عمال مصر الديمقراطى ودار الخدمات النقابية والعمالية إذ يؤكدان على أن حق العمال فى الإضراب هو حق تكفله كافة المواثيق والاتفاقيات الدولية الموقعة عليها مصر، وهو حق ثابت بأحكام المحكمة الدستورية العليا، يدعوان كافة القوى الحية والديمقراطية فى مصر إلى ضرورة مواجهة إصدار مثل هذا القانون الذى يعود بنا أجواء ما قبل ثورة يناير المجيدة .