«متاح التسجيل الآن» رابط التقديم على وظائف بنك مصر 2024    استقرار سعر الذهب اليوم.. وعيار 21 يسجل 3580 جنيهاً    قفزة جديدة.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024    30 دقيقة تأخير لخط «القاهرة - الإسكندرية».. الثلاثاء 8 أكتوبر 2024    سعر الدولار اليوم في البنوك ومكاتب الصرافة    طن الحديد يرتفع 1169 جنيهًا.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024    حدث ليلا.. آخر تطورات الحرب على غزة ولبنان وموقف ترامب وهاريس من ذكرى 7 أكتوبر    ترامب يكشف قيمة المساعدات الخارجية المقدمة لكييف    وزارة الصحة في غزة: إسرائيل تعمدت تدمير القطاع الصحي    في هذه الحالة.. «ترامب» يتعهد بجعل غزة أفضل من موناكو (تفاصيل)    هل إمام عاشور صفقة القرن للأهلي؟.. رد مفاجئ من أمير توفيق    ثروت سويلم يكشف حقيقة إجراء قرعة لبطولة الدوري الموسم الجديد    أجواء دافئة والعظمى في القاهرة 33.. حالة الطقس اليوم    إيمان العاصي: «حياتي كلها متلخصة في بنتي ريتاج»    ابنة علاء مرسي تتحدث عن والدها....ماذا قالت؟ (فيديو)    رئيس "دينية الشيوخ": مبادرة "بداية" محطة مضيئة على طريق وطننا العزيز    تصاعد المواجهة بين حزب الله وجيش الاحتلال.. غارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    ريحة من الشيخ زايد إلى الحدائق، أسباب انتشار الدخان الخانق في 6 أكتوبر    تامر عاشور وحماقي في حفل واحد، اعرف الميعاد والمكان    أبو الوفا رئيسا لبعثة منتخب مصر في موريتانيا    اكتشفي أهم فوائد واستخدامات، البيكنج بودر في البيت    تغطية إخبارية لليوم السابع حول حقيقة انفجارات أصفهان وسيناريوهات الرد الإسرائيلى    خطة النواب: مصر مطالبة بدفع 1.3 مليار دولار لصندوق النقد الدولي لهذا السبب    6 سيارات إطفاء لسيطرة على حريق محطة صرف صحي ب أبو رواش    جريمة هزت أسيوط| قتل شقيقه ووضعه في حفرة وصب عليه أسمنت    مفتي الجمهورية الأسبق يكشف عن فضل الصلاة على النبي    هل يوجد إثم فى تبادل الذهب بالذهب؟ أمين الفتوى يجيب    ارتفاع حاد في أسعار النفط بعد تصاعد التوترات في الشرق الأوسط    منير مكرم يكشف آخر التطورات الصحية لنشوى مصطفى: عملت دعامات وخرجت من المستشفى    معلومات عن إلهام عبد البديع بعد طلاقها.. انفصلت في نفس شهر زواجها    إيمان العاصي تكشف ل«صاحبة السعادة» عن أصعب مشاهد «برغم القانون»    أمن مطار القاهرة يحبط محاولة تهريب كمية من النقد الأجنبي بحوزة مسافرة عربية    «أخذت أكبر من حجمها».. تعليق صادم من عصام الحضري بشأن أزمة قندوسي    رياضة ½ الليل| 76 ركلة جزاء بين سموحة والزمالك.. الأبرز    لماذا كان يصوم الرسول يوم الاثنين والخميس؟.. «الإفتاء» تجيب    بلاغة القرآن| تعرف على تفسير سورة الناس    ملف يلا كورة.. مجموعات الأبطال والكونفدرالية.. تصريحات أمير توفيق.. وقرعة الدوري المصري    «أحمد» يحول بدلة تحفيز العضلات إلى علاج لزيادة قدرة التحمل: تغني عن المنشطات    خمسة لطفلك| تعرف على أهمية الوجبات المدرسية للأطفال    صحة المنوفية تنظم دورات تدريبية للأطقم الطبية    بالصور.. محافظ المنيا يشهد حفل الجامعة بالذكرى ال51 لانتصارات أكتوبر المجيدة    «إسقاط عضوية إسرائيل».. ننشر بيان مؤتمر التحالف التقدمي العالمي    حدث منتصف الليل| تفاصيل عودة خط قطارات السكة الحديد لسيناء.. والمهن الطبية تعلن زيادة مساهمات الأمرا    المدير الفني لنادي بلاك بولز: الزمالك أحد أكبر فرق إفريقيا ومواجهته صعبة.. والمصري البورسعيدي مميز    حسام حسن يحدد موعد انضمام صلاح ومرموش لمنتخب مصر    ننشر نص التحقيقات مع صاحب الاستديو في واقعة سحر مؤمن زكريا| خاص    رئيس مجلس أمناء حياة كريمة: تجار أعلنوا رغبتهم المشاركة فى حملة توفير اللحوم بأسعار مخفضة    4 جثث و 6 مصابين إثر حادث تصادم في بني سويف    القس منذر إسحق: نريد الحياة للجميع ولا سلام دون عدل    أبناء الجالية المصرية بالسعودية يحتفلون بذكرى نصر أكتوبر المجيد    مصرع 5 أشخاص وإصابة 5 آخرين إثر انهيار منجم في زامبيا    «خانتني بعد ما وعدتني بالزواج».. محاكمة المتهم بقتل سائحة سويسرية بالفيوم اليوم    حزب الله يقصف تجمعًا لقوات الاحتلال وصفارات الإنذار تدوى فى الجليل الغربى    عمرو خليل: فلسطين هي قضية العرب الأولى منذ عام 1948.. فيديو    تنسيقية شباب الأحزاب: الرعاية الصحية ركيزة قادرة على دعم الحياة الكريمة    «النواب» يوافق على زيادة حصة مصر في صندوق النقد الدولي    رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة شغل وظائف معلم مساعد 2024    جامعة عين شمس تنظم احتفالية كبيرة بمناسبة الذكرى 51 لانتصارات أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزائري مولود معمري عندما واجه الإرهاب الاستعماري
نشر في التحرير يوم 12 - 06 - 2015

واجه الأدب الجزائرى أشكالا عديدة من الاستبعاد، والتهميش، والإهمال النقدى، وهذا يعود إلى عدة أسباب، أولها يكمن فى طبيعة اللغة التى كان يكتب بها كبار المبدعين الجزائريين، فقد كانوا غير قادرين على تجاوز خندق اللغة الفرنسية، التى فرضت عليهم منذ أن وطأ الاستعمار الاستيطانى الفرنسى أرض الجزائر فى عام 1830، وعمل على محو اللغة الوطنية تمامًا، وحاول أن يعيد تشكيلها وفقًا لأغراضه الاستعمارية، فكانت اللغة الفرنسية، هى لغة المدارس والمحاكم والصحف والمجلات، وبالتالى أصبحت لغة التعبير فى كل الفنون المكتوبة مثل الشعر والقصة والرواية، أو الفنون المرئية مثل المسرح والسينما وغيرها من الفنون.
ولذلك فكان القراء والنقاد والمثقفون العرب بعيدين إلى حد كبير عن هذه الفنون، ولم يتعرض أحد لها بالسلب ولا بالإيجاب على وجه الإطلاق، وعندما قامت ثورة يوليو عام 1952 فى مصر، بدأ الاهتمام بحركات التحرر العربية والإفريقية، وكانت الثورة الجزائرية، باعتبارها ثورة عربية وإفريقية، على رأس اهتمامات القيادة المصرية، واعتبرها جمال عبد الناصر شخصيا، قضية مصيرية ومصرية وعربية وإفريقية فى الوقت نفسه، واعتبرها امتدادا للثورة المصرية، واحتضن قادتها فى القاهرة، وأمدهم بالسلاح الذى وفره لهم، ولذلك أعلن المجاهدون الجزائريون الكفاح المسلح فى نوفمبر عام 1953.
وبدأت الثورة الجزائرية توضع على الخارطة المصرية، وشهدت الصحف والمجلات والإذاعة المصرية نشاطا محمودًا وقويا يقدّم الثورة الجزائرية، ومبدعيها، وفى أول يناير عام 1953 كتب الدكتور طه حسين مقالا نقديا لافتا عن رواية «الربوة المنسية» للكاتب الجزائرى مولود معمرى، هذه الرواية المكتوبة باللغة الفرنسية، والتى تدور أحداثها فى ظل ثبات عميق من الجيل القديم، الذى يستكين لكل ما هو قائم، وكذلك فى ظل جيل جديد طموح نحو الثورة بشكل كبير.
وكان هذا المقال الأول لأهم كاتب وناقد ومفكر مصرى، بمثابة جواز المرور للكاتب الشاب المولود فى 28 ديسمبر عام 1917، والذى كان يلفه التجهيل والاستبعاد العفوى من قِبل القراء والنقاد العرب، والمتعمد من قِبل الاستعمار الفرنسى، الذى لا يستحسن وجود مثل هذه الأصوات على الساحة الثقافية والإبداعية.
وكان يعمل طوال الوقت على إسكات مثل هذه الأصوات بشكل مسلح، إما بتوقيفهم فى السجون والمعتقلات.
وإما باستهدافهم وقتلهم، وإما بخطفهم، ولا يعلم عنهم أحد أى شىء عن مصائرهم.
وفى 12 يونيو عام 1957 كتب المحرر الأدبى والفنى لجريدة «المساء»، الكاتب والصحفى أنور عبد الملك -قبل أن يترك هذا المجال ويتخصص فى شؤون علم الاجتماع والفكر الاستشراقى- مقالًا طويلًا تحت عنوان «الإرهاب لن يخيف الكتاب الجزائريين لمواجهة الاستعمار»، واستفاض المقال الطويل فى التعريف بمولود فرعون، وأخبرنا أن معمرى تعرض للخطف فى 5 أبريل 1957، ولا يعلم عنه أحد شيئا، وحاول عبد الملك أن يلقى بعض الضوء على أدب معمرى، وقد اعتبر أن روايتيه «الربوة المنسية» و«نوم الرجل العادل» من عيون الأدب الجزائرى، وكذلك الأدب العربى المكتوب بلغة أخرى.
وهذه القضية شغلت الساحات النقدية والفكرية والثقافية، وهى التى تتعلق بهوية هذا الأدب، هل نعتبره أدبا جزائريا، لأنه مهموم بالقضية الجزائرية وثورتها التحررية، وتدور أحداث وقائع هذا الأدب فى الأراضى الجزائرية، أم أن هذا الأدب يمثل الأدب الفرنسى، لأنه مكتوب بلغة المستعمر، وبالتالى فاللغة هى وعاء المشاعر وطريقة التفكير وحاملة لطبيعة الشخصية الفرنسية؟
ولكن كانت رواية «الربوة المنسية» لمعمرى، تؤكد بشكل يكاد يمثل خللا فنيا الهوية الجزائرية، فبطل الرواية كلما تعرض لموقف ما، ويتعرض للسؤال، يقول إنه جزائرى، وإنه يعبر عن الهوية المفقودة والغائبة والمضطهدة والمستبعدة، وعندما يسأل أحدهم بطل الرواية: «هل كنت فى السجن؟»، فيرد عليه: «أنا فى الجزائر»، على اعتبار أن الجزائر سجن كبير، يسجن فيه الجزائريون جميعا، وعن هذه الإشكالية عبّر كتاب جزائريون كثيرون، منهم محمد ديب ومولود فرعون ومالك حداد الذى صرح بأنه مسجون فى لغته.
وبعد أن تحررت الجزائر، راح اسم مولود معمرى يكبر ويطير فى معظم بقاع العالم، وفى ديسمبر عام 1966 حضر إلى القاهرة لحضور اجتماعات اللجنة التحضيرية لمؤتمر الكتاب الإفريقى الآسيوى، وفى أول يناير 1967 أجرت الكاتبة الصحفية والناقدة خديجة قاسم حوارًا معه، ونوّهت بمقدمة الحوار عن روايته المهمة «الربوة المنسية» قائلة عنها: «يكشف معمرى الصراع فى قرية جبلية تقع فى منطقة تقع فى منطقة البربر بالجزائر، يعيش فيها جيلان مختلفان، القديم المتمسك بالغيبيات والقضاء والقدر، والاستسلام العاجز، والجيل الجديد الذى تعلم تعليما أوروبيا، ويتمرد على الحاضر، ثم تنشب الحرب العالمية الثانية، وتمزق كل المجتمع الجزائرى، ويسأل أحد أبطال الرواية زميله: هل أنت فى السجن؟، فيجيبه: أنا فى الجزائر، فكلا الحالين سواء».
وفى الحوار يتحدث معمرى عن المشكلات التى تواجه وتعترض كتّاب آسيا وإفريقيا، ويعتبر معمرى أن المشكلة الرئيسية التى تواجه الكاتب فى بلاد مثل بلادنا، أنه ليس موظفا فى الدولة، فهو إنسان متحرر من جميع القيود، يتحرك ويصرخ ويفزع، وتحركه أحاسيسه وانفعالاته، ويعبر عن كل هذا بقلمه، وهى مشكلة لأن الكاتب يجد نفسه أحيانا فى مواجهة الدولة التى لا توفر الحرية الكافية لكى تتحقق حرية الكاتب.
ظل مولود معمرى طوال حياته يناضل من أجل الحرية فى مواجهة المستعمر، وبعد زوال المستعمر راح ليواجه الرجعيين والمستبدين فى بلاده، إنها حياة مفعمة بكل معانى النضال والنبل والكفاح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.