فريد زهران: دعم التحالف التقدمي العالمي للقضية الفلسطينية وإسقاط عضوية إسرائيل انتصار للضمير الانساني    عيار 21 الآن بعد آخر انخفاض.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 8-10-2024 بالصاغة    أسعار الفراخ والبيض اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024 في أسواق الأقصر    أسعار الدولار اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024    لنقل المحولات.. انقطاع التيار الكهربائي عن مدينة الطور بجنوب سيناء    أسعار الحديد والأسمنت في مصر اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024: ارتفاعات جديدة في السوق المحلية    وزير الخارجية الإيرانى: أى هجوم على البنية التحتية الإيرانية سيتبعه رد    كوريا الشمالية تطلق بالونات قمامة تجاه جارتها الجنوبية لليوم الثاني على التوالي    مظاهرات تجوب مدنا أمريكية تنديدا بالعدوان على غزة    رغم اقتراب الإعصار ميلتون.. بايدن لا يزال يخطط لزيارة ألمانيا    السفير أمجد العضايلة: تنسيق مصرى - أردنى تجاه القضايا العربية    أمير توفيق يكشف كواليس التحقيق معه في أزمة قندوسي    أمير توفيق يكشف أسباب فشل الأهلي في ضم 8 صفقات..وقصة بن شرقي    مدرب بلاك بولز: الأهلي ملك إفريقيا.. وهذا رأيي في مواجهة الزمالك    موقف أحمد القندوسي من الانتقال إلى الزمالك    استدعاء محمود صابر لمنتخب مصر والإصابة تبعد دونجا عن مباراة موريتانيا    مصرع شخصين وإصابة 12 آخرين فى حادث تصادم بمدخل مدينة العبور    «الأرصاد» تحذّر المواطنين من الشبورة.. وتوقعات بارتفاع درجات الحرارة    اليوم.. نظر أولى جلسات محاكمة المتهمين بواقعة سحر مؤمن زكريا    وزير الخارجية يبحث مع نظيره المكسيكى حادث إطلاق نار أسفر عن مقتل 3 مصريين    إيمان العاصي تتصدر تريند "جوجل".. فما القصة؟    الأفلام الفلسطينية حاضرة بقوة في قاعات وفعاليات ومهرجانات السينما المصرية    لماذا توصي الولايات المتحدة مواطنيها بعدم السفر إلى رواندا؟    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهم بقتل السائحة السويسرية في الفيوم    تعرف على الأوراق المطلوبة لتسليم التابلت لطلاب الصف الأول الثانوي    عاجل:- ترامب يتعهد بتحويل غزة إلى وجهة عالمية أفضل من موناكو    عبد العاطي يؤكد لنظيره الأمريكي على ضرورة اتفاق قانوني ملزم لتشغيل السد الإثيوبي    «متاح التسجيل الآن» رابط التقديم على وظائف بنك مصر 2024    ابنة علاء مرسي تتحدث عن والدها....ماذا قالت؟ (فيديو)    رئيس "دينية الشيوخ": مبادرة "بداية" محطة مضيئة على طريق وطننا العزيز    30 دقيقة تأخير لخط «القاهرة - الإسكندرية».. الثلاثاء 8 أكتوبر 2024    تامر عاشور وحماقي في حفل واحد، اعرف الميعاد والمكان    اكتشفي أهم فوائد واستخدامات، البيكنج بودر في البيت    تغطية إخبارية لليوم السابع حول حقيقة انفجارات أصفهان وسيناريوهات الرد الإسرائيلى    جريمة هزت أسيوط| قتل شقيقه ووضعه في حفرة وصب عليه أسمنت    خلال ساعات.. محاكمة المتهمين في واقعة سحر مؤمن زكريا    مفتي الجمهورية الأسبق يكشف عن فضل الصلاة على النبي    هل يوجد إثم فى تبادل الذهب بالذهب؟ أمين الفتوى يجيب    خطة النواب: مصر مطالبة بدفع 1.3 مليار دولار لصندوق النقد الدولي لهذا السبب    6 سيارات إطفاء لسيطرة على حريق محطة صرف صحي ب أبو رواش    رياضة ½ الليل| 76 ركلة جزاء بين سموحة والزمالك.. الأبرز    أمن مطار القاهرة يحبط محاولة تهريب كمية من النقد الأجنبي بحوزة مسافرة عربية    منير مكرم يكشف آخر التطورات الصحية لنشوى مصطفى: عملت دعامات وخرجت من المستشفى    لماذا كان يصوم الرسول يوم الاثنين والخميس؟.. «الإفتاء» تجيب    بلاغة القرآن| تعرف على تفسير سورة الناس    معلومات عن إلهام عبد البديع بعد طلاقها.. انفصلت في نفس شهر زواجها    إيمان العاصي تكشف ل«صاحبة السعادة» عن أصعب مشاهد «برغم القانون»    «أحمد» يحول بدلة تحفيز العضلات إلى علاج لزيادة قدرة التحمل: تغني عن المنشطات    خمسة لطفلك| تعرف على أهمية الوجبات المدرسية للأطفال    صحة المنوفية تنظم دورات تدريبية للأطقم الطبية    حسام حسن يحدد موعد انضمام صلاح ومرموش لمنتخب مصر    رئيس مجلس أمناء حياة كريمة: تجار أعلنوا رغبتهم المشاركة فى حملة توفير اللحوم بأسعار مخفضة    حدث منتصف الليل| تفاصيل عودة خط قطارات السكة الحديد لسيناء.. والمهن الطبية تعلن زيادة مساهمات الأمرا    بالصور.. محافظ المنيا يشهد حفل الجامعة بالذكرى ال51 لانتصارات أكتوبر المجيدة    القس منذر إسحق: نريد الحياة للجميع ولا سلام دون عدل    أبناء الجالية المصرية بالسعودية يحتفلون بذكرى نصر أكتوبر المجيد    «النواب» يوافق على زيادة حصة مصر في صندوق النقد الدولي    رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة شغل وظائف معلم مساعد 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طه حسين يقدم مولود فرعون.. الكاتب الجزائري الشهيد
نشر في التحرير يوم 13 - 12 - 2014

لم يكن الانحياز المصرى، شعبًا وقيادة، للقضية الجزائرية فى مواجهة الاستعمار الفرنسى الاستيطانى ينطوى على أى نوع من الترف أو الاستعراض، إذ كان الثوار الجزائريون يعيشون فى القاهرة، ويديرون أمر تدبير الكفاح المسلح بالاتفاق مع القيادة المصرية، التى كانت بدورها تتعاون بكل طاقتها فى هذه القضية العادلة، وكان على رأس هؤلاء الثوار أحمد بن بيلا، الذى أصبح بعد قيام الثورة، وحصول الجزائر على استقلالها عام 1962، أول رئيس جزائرى فى الدولة المستقلة.
وكانت القاهرة تشارك الثوريين خطوة خطوة، ومنذ إعلان الكفاح المسلح فى الجزائر، على القوات الفرنسية المحتلة، كانت الصحف المصرية لا تتوانى عن نشر تفاصيل الثورة الجزائرية بامتياز، وكانت التحقيقات الصحفية، والدراسات السياسية، والبورتريهات عن كل قيادات الثورة، لا تغيب عن الصحافة المصرية بشكل يومى، وكانت صحيفتا المساء و الجمهورية على وجه الخصوص، تخصصان مانشيتاتهما دومًا للقضية الجزائرية، على اعتبار أن القضية ليست جزائرية محلية فقط، بل إنها قضية عربية ذات طابع إنسانى كبير.
وإذا كانت القيادة السياسية المصرية ودعمها الدائم للثورة الجزائرية، كان واضحًا بقوة على مدى عقد كامل، فالكتّاب والمثقفون المصريون لم يفوّتوا مناسبة صغيرة أو كبيرة للتعريف بالكتّاب والفنانين والشعراء الجزائريين، والقضية الجزائرية.
ولم يكن القارئان المصرى والعربى، يعرفان سوى النادر عن الأدب الجزائرى، حتى كتب الدكتور طه حسين مقاله الشهير فى جريدة الجمهورية عن رواية الربوة المنسية المكتوبة بالفرنسية، للكاتب مولود معمرى، وقد نالت الرواية آنذاك تقريعًا ونقدًا سلبيًّا من الجزائريين أنفسهم، واتهموه بأنه أغرق فى الكتابة الغرائبية، وأفرط فى الكتابة المحلية، وصرَّح معمرى تصريحات واضحة فى الفن أزعجت الكتّاب المتشنجين بالواقعية الساذجة، وكاد هذا التشنج الواقعى أن يطيح بمعمرى وكتابته، فأرسل معمرى كتابه إلى طه حسين فى القاهرة، فكتب عنه مقالًا منصفًا أنهاه ب: صاحب هذا الكتاب أخ لنا من أهل الجزائر، لا أعرفه ولا أكاد أحقّق اسمه الذى يحمله كتابه هذا مكتوبًا باللغة الفرنسية.. وكتابه رائع أشد الروعة وأقصاها، بحيث يمكن أن يعد خير ما أخرج فى الأدب الفرنسى فى أثناء هذه الأعوام الأخيرة... ، وراح طه حسين يستفيض فى قراءة الرواية، ويتمنّى أن تحصل على إحدى الجوائز الكبرى فى فرنسا، وكتب المقال فى عام 1954، وبعدها بدأت حملة واسعة للتعريف بالأدب الجزائرى.
ونشرت مجلة الرسالة الجديدة مقالات عن كاتب ياسين، وكتب الناقد الفنى والأدبى -آنذاك- أنور عبد الملك، سلسلة مقالات فى مجلة المجلة عام 1957 عن محمد ديب وكاتب ياسين ومولود فرعون ومولود معمرى وغيرهم، وصدر كتاب عن سلسلة اقرأ عام 1958، عنوانه الأدب الجزائرى للناقد إبراهيم الكيالى، وتمت ترجمة أعمال قصصية وروائية لكتاب جزائريين، مثل مجموعة فى المقهى لمحمد ديب التى كتب عنها يحيى حقى.
وكانت القضية الجزائرية على المستوى الثقافى والفنى تتسع بدرجات قصوى فى القاهرة، ويزداد الاهتمام بها، والتعريف بتفاصيلها يومًا بعد يوم، ومن بين هؤلاء حظى الكاتب الروائى مولود فرعون باهتمام خاص جدا، إذ بدأت صحيفة المساء المصرية نشر كتابه يوميات معركة الجزائر مسلسلًا، بعد أن ترجمه للمرة الأولى إلى اللغة العربية الكاتب والصحفى عبد العاطى جلال، وكان فرعون قد اغتالته رصاصات القوات المسلحة الفرنسية فى 15 مارس 1962 على أرض الجزائر، إذ إنه كان أحد العناصر الثورية الخطيرة بالنسبة للاستعمار الفرنسى، فلم يجدوا سوى تصفيته واغتياله.
وقد صدرت لمولود عدة نصوص بحثية وإبداعية، كان أولها أيام قبائلية وهو كتاب لرصد عادات وتقاليد الجزائريين الأمازيغ، وصدر عام 1954، ثم روايته التى نالت اهتمامًا عالميا، وهى رواية ابن الفقير ، وهى تسجل ما يشبه السيرة الذاتية، بالإضافة إلى روايته الرائعة الدروب الوعرة ، وهى من أولى الروايات التى انشغلت بقضية المسيحيين الذين يعانون من رجعية العادات والتقاليد، وصدرت له عدة كتب أخرى، كان آخرها هذا الكتاب الذى نشر فى فرنسا فى عام استشهاده، ونشرته القاهرة فى صحيفة المساء .
وكان كتاب معركة الجزائر عبارة عن يوميات الثورة، يسجلها يومًا بيوم، وفى إحدى الحلقات التى نشرت فى 15 ديسمبر عام 1962، يقول فرعون فى 24 فبراير: قتل خمسة فى آيت-فراح، إنه القدر، واحد فقط حاول الهرب، ويبدو أنه قد دافع عن نفسه قبل أن يسقط، ويبدو أن هذا الشاب قدّم نفسه ضحية كى يحاول حماية هاربين آخرين.. وفى تامزاريت قتل سبعة، كما أن شابا كان مقبوضًا عليه وترك مطلق السراح فى المعسكر، فضربوه بالرصاص، بينما كان يجرى لالتقاط بالونة قذفها أحدهم بقدمه وأمره أن يعيدها إليه .
هامش
عندما دعتنى وزارة الثقافة الجزائرية للمشاركة فى الاحتفال بمرور خمسين عامًا على استشهاد مولود فرعون، كان الاحتفال مهيبًا، وبذلت الدولة مجهودًا كبيرًا فى إخراج هذا الاحتفال على أكمل وجه، وشارك كتاب جزائريون كبار، مثل رشيد بوجدرة وحبيب السايح وغيرهما، كما أن كتّابًا فرنسيين ومنحازين للقضية الجزائرية تمت دعوتهم لحضور الاحتفال، هذا الاحتفال شمل دراسات وبحوثًا فى أدب فرعون، وأُقيم معرض خاص بكل الطبعات الفرنسية والترجمات العربية وغير العربية لكتب فرعون، وبعد احتفال العاصمة، ذهبوا بنا إلى مسقط رأسه فى تيزى هبل، حيث أهله الأمازيغ، الذين استقبلونا على مشارف القرية وبكل ترحاب وحب، وهم يشعرون بالفخر والاعتزاز بكاتبهم العظيم، ووقفنا أمام مقبرة الشهيد، وقد أطلقت القوات المسلحة 21 طلقة تحية للشهيد، وعزفت الفرقة الموسيقية العسكرية السلام الجمهورى، وجدير بالذكر أن معظم القامات الجزائرية لم تتخلّف يومًا واحدًا عن الاحتفال.
وكان معى من مصر الكاتب والصحفى هشام أصلان، وكنا نتبادل كل أشكال الدهشة لهذا الاحتفال المهيب، وبالطبع كنا نفكر ونتأمل فى ما يحدث لكتابنا بعد أن يرحلوا مثل نجيب محفوظ وفتحى غانم وخيرى شلبى وكثيرين من القامات المصرية العظيمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.