ننشر أسعار الذهب اليوم الجمعة 11 أكتوبر    تعرف على سعر الريال السعودي اليوم في البنوك    أسعار الفراخ في بورصة الدواجن البيضاء اليوم الجمعة 11-10-2024    ماسك يستعرض سيارة أجرة آلية طال انتظارها، وهذا موعد طرحها وسعرها (فيديو)    نيبينزيا يتهم الولايات المتحدة بالتغاضي عن الجرائم الإسرائيلية    باحث سياسي: الإدارة الأمريكية تتفق مع إسرائيل على تقويض النفوذ الإيران    الجيش الإسرائيلي يعلن اغتال قياديا في حركة الجهاد بالضفة الغربية    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مدينتي يطا وقلقيلية بالضفة الغربية المحتلة    أوباما يواجه مجتمع السود وخوفهم من انتخاب سيدة    موعد مباراة مصر وموريتانيا والقنوات الناقلة في تصفيات أمم إفريقيا    بعد ساعات من دفنه، وفاة أُم حزنًا على ابنها شهيد لقمة العيش بالإسماعيلية    «قرأوا الفاتحة في قعدة التعارف».. معلومات عن زوج مريم الخشت    اليوم، إطلاق 5 قوافل طبية ضمن مبادرة رئيس الجمهورية حياة كريمة    دينا عن سر رشاقتها: «الرقص مهم جدا وبيشغَّل الهرمونات»    دعاء يوم الجمعة مكتوب.. اغتنم ساعة الاستجابة بأفضل الأدعية لليوم المبارك وما ورد عن الرسول    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 11 أكتوبر 2024    إصابة 5 أشخاص في انقلاب سيارة ميكروباص بكفر الشيخ    انتشال جثة سائق لودر سقطت عليه صخور جبلية أثناء عمله في قنا    فلسطين.. إصابات جراء قصف طائرات الاحتلال منزلًا في جباليا شمال قطاع غزة    اليوم.. قطع المياه لمدة 7 ساعات عن عدد من مناطق الجيزة    ميوزك أورد وجينيس وفوربس.. أبرز 20 جائزة حققها الهضبة طوال مشواره    إيمان العاصي تكشف رد فعل ماجد الكدواني بعد مشاهدة حلقات «برغم القانون»    اليوم.. الأوقاف تفتتح 16 مسجدًا بالمحافظات    اختللاط أنساب.. سعاد صالح تحذر المواطنين من أمر خطير يحدث بالقرى    علي جمعة يكشف شروط الصلاة على النبي    حبس المتهمين بسرقة المساكن بالشروق    عاجل.. حقيقة ايجابية عينة بنتايك    «متعملش زي حسين لبيب».. رسالة مثيرة من إبراهيم سعيد ل أحمد بلال لهذا السبب    لدينا «صلاح ومرموش».. ربيع ياسين: «المنتخبات الموجودة بتترعب من منتخب مصر»    أحمد السجيني: تعديلات في قانون البناء لحل مشكلة الإحلال والتجديد    نهى عابدين: أنا تركيبة صعبة ومش سهل أي حد يتعامل معايا وثقتي في الآخرين صفر (فيديو)    صاعقة في ويمبلي.. اليونان تهزم إنجلترا في الوقت القاتل    هشام حنفي: مباراة موريتانيا في متناول منتخب مصر وتصريحات حسام حسن تثير الجدل    الأوقاف تعقد «لقاء الجمعة للأطفال» في 27 مسجدًا    عدوان جديد في قلب بيروت و22 شهيدا وحزب الله يتصدى ل8 عمليات تسلل للاحتلال    أوقاف شمال سيناء تنظم ندوات ضمن المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان»    هاشتاج دار الأوبرا المصرية يتصدر منصة X قبل افتتاح مهرجان الموسيقى العربية    خذ قسطا من الراحة.. برج الجدي حظك اليوم الجمعة 11 أكتوبر 2024    رضا عبد العال يوجه رسالة لحسام حسن    هؤلاء معرضون للحبس والعزل.. تحذير عاجل من نقيب المأذونين    وفاة سيدة حزنًا على ابنها بعد 24 ساعة من دفنه في الإسماعيلية    دار الإفتاء تحذر من التحايل لاستعمال سيارات ذوي الإعاقة    القبض على معلمة تشاجرت مع طالبات داخل إحدى المدارس بحلوان    «يخرج الحى من الميت».. إنقاذ طفل من رحم والدته بعد وفاتها في أسيوط    لو بتعاني منه في بيتك.. 5 طرق للتخلص من بق الفراش    روفكون الفائز بنوبل فى الطب لتليفزيون اليوم السابع: اكتشافى سيفيد ملايين البشر    عضو بالتصديري للحاصلات الزراعية يطالب بخطوات جريئة لمساندة القطاع الصناعي    سياسيون: زيارة الرئيس السيسي لإريتريا خطوة محورية لتعزيز الأمن والاستقرار    قراءة سورة الكهف يوم الجمعة: دروسٌ في الإيمان والثبات على الحق    وزير الصحة: إيزيس التخصصي يوفر 28 سريرًا و26 ماكينة غسيل كلوي لدعم صحة المرأة في جنوب الصعيد    وكيل بنتايك: لا نفهم سر الحملة الدائرة حول تعاطي اللاعب للمنشطات.. وسنتخذ الإجراءات القانونية    محمود فوزى بندوة التنسيقية: الرئيس السيسى موقفه واضح إزاء القضية الفلسطينية    أصعب نهار على «ميدو».. «النقض» ترفض دعواه وتلزمه بدفع 8.5 مليون جنيه لقناة النهار    متحدث التعليم: تطوير نظام التقييم ليصبح أكثر شمولية وتركيزًا على المهارات والقدرات    أخبار × 24 ساعة.. بدء التشغيل التجريبى للمتحف المصرى الكبير الأربعاء المقبل    محمد أمين: السادات كان يدرك منذ البداية ما يحتاجه من الحرب    وزير التعليم العالي والبحث العلمي يتفقد المشروعات الإنشائية بجامعة الأقصر (صور)    محافظ شمال سيناء يشهد إحتفال مديرية التربية والتعليم بذكري انتصارات أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطبيب السيسى
نشر في التحرير يوم 08 - 06 - 2015

يحق للرئيس السيسى أن يصف نفسه بأى وصف يراه، فإذا كان وصف نفسه بالطبيب، وهذا إحساسه بنفسه، فليكن، وإذا كان يعتقد أن الله منحه القدرة على التشخيص والعلاج، وقال ذلك علنا، فليقل لنا الرئيس الذى نال ثقة الناس فى انتخابات لم يطرح خلالها برنامجا انتخابيا، أى تشخيص يراه اليوم بعد عام كامل فى الرئاسة، وعام سبقه فى مركز الفعل خلال المرحلة الانتقالية، وعام سبقه كوزير دفاع فى حكومة الإخوان، وعام ونصف العام كعضو فاعل فى المجلس العسكرى الحاكم، وأعوام كثيرة فى القوات المسلحة، متدرجا فى المواقع حتى صار مديرا للمخابرات الحربية خلال حكم مبارك.
كل هذا الاحتكاك بأنظمة الحكم المتعاقبة، والاقتراب والمشاركة، لا تجعل عبد الفتاح السيسى كأى رئيس بلا خبرة، جاء ليتفحص موضع قدميه أولا قبل أن يحاول أن ينفذ رؤيته أو أجندته، أو حتى أجندة جماعته وحزبه، هو قادم من قلب دولاب الدولة، ومن جوار أزماتها، ومن داخل مشكلاتها، لكن رغم كل ذلك لم يقدم برنامجا رئاسيا وهو مرشح، واستمر لا يطرح رؤية مكتملة وإنما أفكار هنا ومشروعات هناك، ووعود فى هذا الاتجاه، وكأنها جزر منعزلة يأمل أن يلتحم بعضها مع بعض يوما ما.
رغم هذا المنطق يطرح نفسه باعتباره طبيبا يجيد التشخيص وتحديد العلاج، والحقيقة أن السياسيين الذين تفرض عليهم طبائع أدوارهم التعامل مع الواقع والممكن لتكييفه مع المفترض والمأمول هم أطباء بالفعل حين يتعاطون مع مشكلات مجتمعاتهم، كان «دى سلفا» ليس طبيبا فحسب وإنما جراح ماهر، وضع المريض «البرازيلى» على طريق التعافى والانطلاق، لكن دى سلفا سياسى بمعنى الاحتكاك بالناس والتفاعل معهم وعيش حالة المواءمات والمداولات والمكسب والخسارة والفشل والنجاح، اعتاد أن يحاسب غيره من الحكام، وأن يحاسبه غيره من المعارضين، والرئيس السيسى حتى بعكس سابقيه القادمين من المؤسسة العسكرية لم يمارس السياسة كعبد الناصر والسادات، ولم يجر تجهيزه مسبقا للحكم كمبارك الذى قضى 6 سنوات نائبا للرئيس، وإنما خلع الزى العسكرى ولبس حُلة المرشح الرئاسى، وفورا كان رئيسا.
قد لا يعيبه ذلك نظريا، المسائل ليست شرطية، لكن حين تضع ذلك مع عدم توافر برنامج، وعدم طرح رؤى متكاملة أو تصورات تتعاطى مع مشكلات المجتمع بجد، ومع تجنيب الرئيس للسياسيين، وعدم إفصاحه عن فريق رئاسى واضح بوجوه مدنية لديها صلاحيات واضحة، يكون فى الأمر تغييب كامل للسياسة كفعل وفكر وإطار للترتيب والتنظيم والتعاطى مع مشكلات المجتمع.
البرنامج عند السياسى هو جمع بين التشخيص وروشتة العلاج عند الطبيب، لكن الرئيس السيسى يطرح نفسه فى صورة الطبيب دون أن يقدم التشخيص، حتى بعد عام فى الحكم، يتحدث الإعلام عن إنجازات تبدو مثل تعليق لوحات على حائط مشروخ، يحدثونك عما يجرى تعليقه، ولا يحدثونك عن تصورهم للتعامل مع الحائط ككل، مواجهة شروخه، وتطوير دهاناته وبنيته الأساسية والتعامل مع مسببات هذا التردى التى جعلت الحائط كله فى حاجة إلى ترميم.
أىّ تشخيص أمين للحالة فى مصر، مع الأخذ فى الاعتبار تجارب الحكم السابقة، لن يخرج عن مرضين أساسيين: «الاستبداد والفساد»، فهل هذا هو ذات التشخيص الذى فى ذهن وعقل الطبيب السيسى؟
عندما تتابع كلماته وخطاباته تجد فيها إدانة واضحة لحكم الفرد فى وصفه لعهد مبارك، وحكم الفرد هو بداية صناعة الاستبداد، فماذا فعل لتجنب هذا المرض وما خطته للعلاج منه، إذا كان عام كامل مر يبدو فيه كرئيس محور كل شىء واللاعب الأوحد، بلا برلمان ولا رقابة، ووسط حشد إعلامى مؤيد، ودعم من مؤسسات الدولة لتجفيف المجال العام، وحالة حقوقية لا تسر عدوا ولا حبيبا؟
يتحدث الطبيب السيسى كثيرا عن الفساد ومواجهته بنيات كبيرة، هو أيضا يضع يديه على هذا المرض، لكنه يتحرك فى علاجه بالمسكنات، لأن هناك من يعتقد حوله أنه يمكن مكافحة الفساد مع ترسيخ شكل من الاستبداد حتى لو زعم أنه مؤقت، والحقيقة أنه لا يمكن مكافحة الفساد دون برلمان حقيقى، والبرلمان الحقيقى لن يأتى سوى بعملية سياسية تنافسية حقيقية وليست شكلية، ودستور يحكم بالفعل ولا يوضع فى الأدراج، وقضاء مستقل دون شبهات، وأجهزة رقابة ومحاسبة وشفافية وتداول للمعلومات وحرية إعلام. دون هذه «الروشتة» المكتملة، لا يمكن مكافحة خطر الفساد، ودون الخروج من أفكار حكم الفرد، لا يمكن مواجهة توحش الاستبداد، ودون تشخيص سياسى أمين وبرنامج علاجى يتصدى لهذين الخطرين، لن يتعافى المريض وسيبقى أسيرَ أوجاعه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.