تعهدات كثيرة ووعود بالجملة قطعها الرئيس عبد الفتاح السيسى على نفسه قبل توليه رئاسة الجمهورية فى إصلاح عديد من الملفات والقضايا الرئيسية بالدولة لا سيما فى ما يتعلق بالإعلام، إلا أن عددا من خبراء الإعلام والجماعة الصحفية أعربوا عن عدم رضاهم عن علاقة الرئيس بالإعلام فى العام الأول. وأوضح خبراء الإعلام، أن الرئيس على الرغم من نجاحاته وإنجازاته فى بعض الملفات الخارجية والداخلية فإن الإعلام خلال العام الماضى تراجع بشكل كبير، بسبب غياب كثير من الملفات، أبرزها عمل ميثاق شرف للعمل الإعلامى وتأسيس نقابة الإعلاميين، ووضع تشريعات وقواعد منظمة للعمل الإعلامى والصحافة، ومساندة ودعم الصحف القومية وانتشالها من كبوتها، وعدم التعرض للصحفيين فى قضايا النشر، فضلا عن تعهداته بعدم عودة نظام مبارك، إلا أن إعلام المخلوع لا يزال يمارس نفس آلياته حاليا. الكاتب الصحفى ورئيس تحرير جريدة «صوت الأمة»، عبد الحليم قنديل، قال ل«التحرير»، إن الأداء الإعلامى خلال العام الأول لحكم السيسى تأثر بما حدث للسياسة والاقتصاد والتغيرات التى طرأت عليه، موضحًا أن الإعلام ليس بمعزل عما حدث خلال الفترة الماضية، ولا يمكن فصله عن هذه القضايا الرئيسية. وأشار إلى أن الإعلام الخاص أصبح له رجال أعمال لديهم المليارات، ويمتلكون أكثر من وسيلة ما بين فضائية وصحيفة وحزب، من أجل التحكم فى مقاليد عديد من الأمور، مشددًا على أن المفارقة الكبرى ظهرت وتجلت فى وجود رئيس جديد يحكم، لكن بنظام قديم، مشيرا إلى أن هناك فوضى واضحة، والأجدى من ذلك أنه لا توجد قضية شعبية يتبناها الإعلام. ونو أن الإعلام تأثر بشكل مباشر بما يحدث، لأن الإعلام الخاص مملوك لما نسميهم رجال الأعمال، لافتا إلى أن الإعلام فى المرحلة الحالية يسير بأسلوب أن مَن يملك يحكم، بحسب قوله. وأشار قنديل إلى أنه وفقا لهذه المتغيرات يمكن أن نحدد ملمحين فى ما يتعلق بقضايا الإعلام، الأول يتمثل فى طبيعة الملكية المؤثرة على الحالة الإعلامية التى يمتلكها المليارديرات والحيتان ورجال الأعمال، والثانى أنه لا توجد قضية للإعلام رغم الإلحاح بضرورة وجود إعلام التعبئة. الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة، صلاح عيسى، قال، إن الرئيس السيسى استطاع أن يضع أسسا للإعلام خلال العام الأول من حكمه، لافتا إلى أنه لم يتبق سوى التأسيس لنظام إعلامى جديد، وفقا للقواعد التى وضعها دستور 2014، بحيث يقوم على جناحين، الأول الحرية، والثانى المسؤولية. وأضاف أنه خلال هذا العام كانت الشواهد بأكملها توضح أن الإعلام كان يتمتع بمساحة من الحرية رغم الظروف التى كانت تمر بها البلاد والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وأشار، إلى أن أغلب التشريعات الصحفية والإعلامية متعلقة بصياغة مشروعات قوانين الصحافة والإعلام، كما أن ميثاق الشرف الإعلامى من المهام التى تقوم بها النقابات المهنية المعنية، وهى رهن إرادة المصريين، لافتًا إلى أن تفعيل ميثاق الشرف الإعلامى يتطلب تأسيس نقابة للإعلاميين، لأنها المنوط بها ذلك، مضيفا أن هناك عديدا من التفاصيل يرتبط ارتباطا وثيقا بصدور التشريعات التى تضع اللمسات الأخيرة على مشروعات قوانينها حاليا. وأوضح عيسى، أنه تم إرسال مشروعى القانون إلى نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة ونقابة الإعلاميين وممثلى الصحافة الخاصة، لكى تناقشها كل هيئة من الهيئات، وتقدم ما تقترحه فى إلغاء أو تعديل أو إضافة، ثم طرحها للمناقشة العامة، ثم يتم تجميع الملاحظات وعرضها على لجنة الخمسين لمناقشة التشريعات قبل عرضها على الحكومة. وقال «حريصون على تقديم مشروعات قوانين مدروسة بشكل جيد، واقتربنا من نهايتها وعرضها على الحكومة»، مشيرا إلى أن اللجنة الوطنية هى المختصة باقتراح التشريعات ولجنة التسعة الاستشارية فقط، مشيرا إلى أن اللجنة تسعى لإقامة تشريع جديد أوسع درجة من الحرية والاستقلال للصحافة، سواء أكان خاصا يصدر عن شركات وأوسع درجة من الالتزام بالمسؤولية الوطنية والإعلام فى نفس الوقت. بينما قال الخبير الإعلامى، ياسر عبد العزيز، إن الرئيس أظهر اهتماما بالغا بالإعلام خلال السنة الأولى من رئاسته، موضحا أن هذا يعكس إدراكه الدور الخطير الذى يلعبه الإعلام فى التسويق السياسى، موضحا أن اهتمام الرئيس لم يكن لتنظيمه وتطويره، ولكن من أجل استخدامه لتوصيل رسائله. وأوضح أنه بشكل عام وضع الإعلام سيئ جدا -بحسب تعبيره- لكن الرئيس لديه مسؤولية عن هذا الأمر، كما أنه تشاركه فى المسؤولية جهات عديدة منها الحكومة والإعلاميون أنفسهم والمؤسسات الإعلامية والقائمون على الإعلام الخاص، وبالتالى لا يمكن تحميل الرئيس المسؤولية وحده عن هذه الحالة المتدنية التى وصل إليها الإعلام، ولا يمكن إعفاؤه من أنه أيضا استخدم الإعلام بشكل برجماتى، وكان هناك ما يمكن أن يفعله من أجل إصلاح النظام الإعلامى أو الحد من انتهاكات خطيرة تتفاعل فيه، ولكنه لم يفعله، وفى مقابل ذلك يسود انطباع قوى، وترجح إشارات عديدة أن ثمة تدخلات حدثت من أجل توجيه الأداء الإعلامى فى أداء معين. وأشار إلى أن هناك خطرا على الرئاسة فى حال استمرار هذه الأوضاع على ما هى عليه أو قد تزداد سوءا، وهناك فرصة أن يركز الرئيس اهتمامه على تنظيم الأداء الإعلامى. وأضاف، أنه كان من المفترض أن يتم إنجاز التشريعات الإعلامية والصحفية، لكن الجماعة الصحفية والإعلامية لم تنجح فى إنجازها خلال العام الأول، كما أن مشروع نقابة الإعلاميين كان جاهزا ومنطقيا، وتم التوافق عليه، ووصل إلى السلطة التنفيذية، لكن لم يتم اتخاذ إجراءات حياله، وهنا نؤكد أن تراجع الحالة الإعلامية مسؤولية مشتركة. ولفت إلى أن نقابة الإعلاميين النقابة المعنية بوضع ميثاق الشرف الإعلامى، مشددا على ضرورة إيجاد ضوابط لمنع تدخلات السلطة التنفيذية فى المجال الإعلامى، فضلا عما يُثار بين الوقت والآخر بأن جهات قامت بمنع صدور عدد من صحيفة كذا أو حذف مقال من صحيفة كذا أو إيقاف برنامج تقدمه مذيعة كذا، كلها أخبار نسمعها تؤكد أن هناك تدخلا من السلطة التنفيذية. بينما قال الدكتور حسن عماد مكاوى، عميد كلية إعلام القاهرة السابق ووكيل المجلس الأعلى للصحافة ل«التحرير»، إن الرئيس كان يعول الكثير دائما على الإعلام وينتظر منه الكثير، لكنه يدرى أو لا يدرى أن الإعلام يمر بحالة مخاض أو حالة إعادة ترتيب للبيت، وبالتالى يتسم أداؤه فى معظمه بالعشوائية والارتجال والتخبط، والإعلام الرسمى تهاوى بسبب تكدس العمالة وعدم وجود تمويل لإنتاج أعمال جيدة والإعلام الخاص له أجنداته الخاصة. ونوه بأن الرئيس وحده ليس المسؤول عن تأخر إصدار التشريعات الصحفية والإعلامية، لكن الجماعة الصحفية والإعلامية تشرذمت وانقسمت وتمزقت منذ إقرار الدستور، وهو ما تسبب فى تأخر إصدار التشريعات قرابة 9 أشهر كاملة، وأدى إلى هذا الأمر. وأضاف أن الإعلام خلال العام الماضى كان يعانى بشكل حقيقى من سيطرة رؤوس الأموال ورجال الأعمال على الإعلام الخاص، وهم أشخاص معدودون على أصابع اليد، وقد تكون أهدافهم متناقضة بعض الشىء مع أهداف رئيس الجمهورية. بينما قال الكاتب الصحفى الكبير محمد العزبى، فى تصريحات ل«التحرير»، إن حرية الصحافة لم تتحقق إلا قليلا جدا، مشيرا إلى أنه دائما كان هناك حصار لحرية الصحافة، إذا لم يكن بالرقيب ورئيس التحرير فبسطوة رأس المال، مضيفًا أن الصحافة مصابة بأكثر من داء، أولها عدم تفهم القيادة بالدولة معنى حرية الصحافة، لأن النظام يعتبرها فى أغلب الأوقات وسيلة لكشف الحسنات فقط وليس السيئات، ثانيا الإعلانات التى أصبحت كارثة حقيقية فى سيطرتها على الصحف، فضلا عن الدخل المتدنى للصحف، قائلا «المناخ العام الصحفى يعانى من قيود أحيانا من حرير وأخرى من حديد»، حسب تعبيره.