مدير "تعليم دمياط" يتفقد سير العملية التعليمية بمدارس إدارة الروضة التعليمية    الأولي مصريًا.. تعرف على ترتيب جامعة القاهرة في تصنيف "ليدن" الهولندي    الرئيس السيسي: "حصتنا من المياه ثابتة على مدي عشرات ويمكن مئات السنوات"    وزير التعليم العالي يلتقي نظيره الفرنسي لبحث سُبل التعاون المُشترك (تفاصيل)    البنك المركزي يحدد 5 شروط لاستفادة شركات السياحة من تمويل وزارة المالية    بعد طول انتظار.. محافظ الغربية يعلن بدء رصف طريق كفور بلشاي/بسيون    وزير الخارجية: صمود الاقتصاد المصري حول التحديات إلى تنمية مستدامة    رئيس جهاز مدينة بدر يتفقد المرحلة الثالثة لسكن موظفي العاصمة الإدارية    رئيس القابضة للمياه يشهد توقيع بروتوكول تعاون بين مياه سوهاج ومؤسسة الزهراوان    محمود فوزي: وحدة النسيج الوطني سبيلنا للحفاظ على البلد    حزب الله يعلن قصفه بالصواريخ قاعدة عسكرية إسرائيلية    وزير الصحة العراقي: التعامل مع النازحين كان أول ملفاتنا بعد تحرير البلاد    المجلس الوطنى الفلسطينى:انتهاكات المستوطنين باقتحام الأقصى إرهاب منظم    أحمد حمدي يساند الزمالك أمام بيراميدز    المتحدة للرياضة تنشر صوراً من التجهيزات الأخيرة لغرفتي ملابس الزمالك وبيراميدز    ختام البرنامج التدريبي «بداية قادة الجامعات» ضمن مبادرة بداية    1000 قرص تامول.. المشدد 10 سنوات ل تاجر مخدرات بأسيوط    19 نوفمبر.. تأجيل محاكمة المتهم بسحل عامل الدليفري في الإسكندرية    مصرع طالب بطلق ناري في مشاجرة بقنا    مفيش فرامل.. إصابة 4 أشخاص صدمتهم سيارة ميكروباص ب شبين القناطر في القليوبية    ضبط 160 أسطوانة بوتاجاز خلال حملات تفتيشية بالمنيا    «نافذة على فلسطين».. برنامج أفلام خاص في مهرجان الجونة السينمائي    بالأرقام.. تامر عاشور الأكثر جماهيرية في سهرات مهرجان الموسيقى العربية الدورة 32    3 قرارات جديدة من رئيس جامعة أسيوط بشأن قيادات جامعية (تفاصيل)    صلاة واحدة تغفر الذنوب مهما بلغت.. مرة في الشهر أو العمر تكفيك    قافلة جامعة عين شمس تقدم خدمتها ل10 آلاف مواطن بحلايب والشلاتين وأبو رماد    الرئيس السيسي: لابد من مراجعة الموقف مع صندوق النقد الدولي    أبرزها ممارسة الرياضة.. فوائد عديدة للوقاية من مرض هشاشة العظام    في يومه العالمي.. 6 أطعمة مفيدة للوقاية من هشاشة العظام    160 مليون عبوة ل 467 مستحضرا دوائيا منذ أغسطس حتى أكتوبر 2024.. هيئة الدواء المصرية تسعى لتثقيف المريض بكيفية الاستخدام والتحضير والتخزين    استشهاد 759 فلسطينيًا برصاص الاحتلال في الضفة المحتلة منذ أكتوبر الماضي    «شبح الإكس يطاردهم».. 3 أبراج تعتقد أن شريكها السابق أفضل    مهرجان القاهرة الدولي للطفل العربي يكشف عن أعضاء لجنة تحكيم مسابقة عصام السيد    87 شهيدا ومفقودا وأكثر من 40 مصابا جراء مجزرة الاحتلال فى بيت لاهيا شمال غزة    نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى كتاب جديد لمصطفى بكري    ندب الدكتور حداد سعيد لوظيفة رئيس جهاز التفتيش الفني على أعمال البناء    رد الجنسية المصرية ل24 شخصًا.. قرارات جديدة لوزارة الداخلية    الأم تلحق بابنتها.. وفاة مسنة متأثرة بإصابتها في حريق منزل بالفيوم    وكيل أوقاف الدقهلية ورئيس جامعة المنصورة يفتتحان معرض الكتاب بالمكتبة المركزية    «القاهرة» الأولي على إفريقيا في تصنيف "ليدن" الهولندي    حكم استخدام زخارف المصحف في ديكورات الأفراح.. الأزهر للفتوى يوضح    «مفاجأة في الهجوم».. شوبير يكشف عن تغييرات في تشكيل الأهلي أمام سيراميكا    الفنان محمد فوزي.. ذكرى وفاة عبقري الموسيقى    هاتريك ميسي يقود إنتر ميامي لرقم قياسي في الدوري الأمريكي    ما معنى «والله يعلم وأنتم لا تعلمون»؟.. أسرار الآية (216)    مفتي الجمهورية يوضح حكم عمليات تجميل الأنف    هل مقولة "اللي يحبه ربه يحبب فيه خلقه" صحيحة ولها أصل في الشرع؟.. الإفتاء توضح    إسرائيل تُهاجم 175 هدفًا في غزة ولبنان خلال ال24 الماضية    ماذا يحدث فى الكنيسة القبطية؟    «ارتفاع عز وهبوط الاستثماري».. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 20 أكتوبر 2024    التشكيل المتوقع لمواجهة ليفربول ضد تشيلسي يوم الأحد    اليوم.. محاكمة 6 متهمين في «خلية الحدائق»    دياب: إعلان مواعيد مباريات الدورى خلال ساعات.. وانتخابات رابطة الأندية نهاية الشهر    أمريكا تُحقق في تسريب المعلومات بشأن خطط إسرائيل لمهاجمة إيران    حزب الله يعلن قصف مستوطنة روش بينا جنوب شرق صفد بالصواريخ    ملف يلا كورة.. قرعة الدوري.. الهزيمة الأولى لأرسنال.. و"يد الأهلي" بطلًا لأفريقيا    "عاري الصدر".. كريم فهمي في أحدث جلسة تصوير وفنان يسأل: "ممكن نوع التان؟"    هشام يكن: الزمالك سيدخل لقاء بيراميدز بمعنويات عالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود عزت يقود إعادة إحياء التنظيم الخاص للإخوان
نشر في التحرير يوم 28 - 04 - 2015


كتب - عبد الحفيظ سعد وهاني ياسين ومحمد البرمي:
قبل 75 عاما أسَّس حسن البنا النظام الخاص، ليكون بمنزلة الجناح العسكرى لجماعة الإخوان المسلمين، ظل التنظيم يعمل بشكل سرى، وأسند إليه تنفيذ العمليات المسلحة، لكنه مع الوقت توسَّع وتحوَّل إلى غول داخل الجماعة، وراح ينفِّذ عديدا من العمليات الإرهابية، ونتج عن ذلك أن تبرَّأ البنا منه قائلا قولته الشهيرة «ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين». لكن المرشد الثانى للإخوان، حسن الهضيبى، سعى لفرض السيطرة على التنظيم، عن طريق استقطاب أحد قياداته، وهو سيد فايز، لكن أفراد التنظيم الخاص قاموا باغتيال فايز، وأدرك الهضيبى صعوبة السيطرة على التنظيم الخاص، ومع المواجهات بين الإخوان وعبد الناصر بدأ التنظيم الخاص -اللقيط- يبحث عن أب يرعاه، فوجد ضالته فى سيد قطب، من هنا بدأت خلايا التنظيم الخاص تنشط داخل السجون خلال الستينيات. ومع الإصدار الثانى للإخوان بعد الصلح مع السادات كان من الصعب أن يظهر التنظيم الخاص على السطح بشكل علنى، خصوصا أن الجماعة تبنَّت استراتيجية سلمية وسياسية فى طرحها، لكن هذا لم يمنع أبناء سيد قطب أن يسيطروا على الجماعة كلها، وصارت لهم اليد العليا فيها. بعد قيام ثورة 30 يونيو عاد من جديد التنظيم «اللقيط»، وسط سعى واضح من الجماعة بالعمل على إحيائه مرة ثانية بشكل جديد ليقود المواجهات المسلحة مع النظام.
محمود عزت.. الرجل الحديدى عاد ليقود الجماعة
لماذا اختفى الدكتور محمود عزت، النائب الثانى لمرشد الإخوان المسلمين، عضو مكتب الإرشاد، والمعروف داخل التنظيم ب«الرجل الحديدى»؟ لماذا لم يظهر بعد عزل الرئيس الإخوانى محمد مرسى؟ لماذا لم يشارك عزت فى اعتصامى مؤيدى المعزول بميدان النهضة أو رابعة العدوية؟
«التحرير» تحاول ضمن هذا التقرير الموجز الإجابة عن كل هذه الأسئلة، بما يرجح أن عزت تولى مؤخرًا منصبًا قياديا حتم عليه السرية، لا سيما أنه من أخطر العناصر داخل جماعة الإخوان المسلمين، لما هو معروف عنه بأنه الرجل الأقوى داخل التنظيم، وعلى الرغم من هذا فلم يعرف أحد بعدُ إلى أين توجه عزت بعد غيابه، فى الوقت الذى ترددت فيه الأقاويل حول وجوده فى غزة، وربما دعّم هذا الرأى ما ذكره موقع إسرائيلى فى وقت سابق من أن عزت وعددًا آخر من قيادات جماعة الإخوان المسلمين فى مصر تمكنوا من الهرب والإقامة بقطاع غزة، وذكر المصدر أن نائب المرشد يقيم بفندق «بيتش هوتيل» وأنه هو من يقود ويخطط لأعمال العنف الحالية التى تشهدها مصر، فى حين يذهب البعض إلى أنه موجود فى تركيا، إلا أن المصادر كلها تجمع على أن عزت هو من يقود الجماعة بالفعل بشكل خفى غير معلن، خصوصًا أن معظم قيادات الإخوان مطاردون من جانب السلطات المصرية، فضلًا عن وجود عدد كبير من القيادات فى السجون.
اسمه: محمود عزت إبراهيم، أحد أبرز قيادات جماعة الإخوان المسلمين، والمرشد الحالى للجماعة بصفة مؤقتة، ولد فى 13 أغسطس 1944 بالقاهرة، وهو عضو مكتب الإرشاد بالجماعة، وأستاذ بكلية الطب فى جامعة الزقازيق، متزوج، وله خمسة أولاد، حصل على الثانوية العامة سنة 1960، وحصل على بكالوريوس الطب عام 1975، والماجستير 1980، والدكتوراه عام 1985، من جامعة الزقازيق، إضافة إلى حصوله على دبلوم معهد الدراسات الإسلامية عام 1998، وإجازة قراءة حفص من معهد القراءات عام 1999.
تعرَّف عزت إلى الإخوان المسلمين فى عام 1953، وانتظم فى صفوف «الإخوان» سنة 1962، وكان وقتها طالبًا فى كلية الطب، ثم اعتُقل سنة 1965، وحُكِم عليه بالسجن عشر سنوات، قبل أن يخرج سنة 1974، وكان وقتها طالبًا فى السنة الرابعة، وأكمل دراسته وتخرج فى كلية الطب عام 1976، وظلَّت صلتُه بالعمل الدعوى فى مصر مركزة على النشاط الطلابى، حتى ذهب للعمل فى جامعة صنعاء فى قسم المختبرات سنة 1981، ثم سافر إلى إنجلترا ليكمل رسالة الدكتوراه، ثم عاد إلى مصر ونال الدكتوراه من جامعة الزقازيق سنة 1985، واختير عضوًا فى مكتب الإرشاد سنة 1981.
اعتُقل ستةَ أشهُر على ذمة التحقيق فى قضية الإخوان المعروفة بقضية «سلسبيل»، وأُفرِج عنه فى مايو سنة 1993، وفى عام 95 حُكِم عليه بالسجن خمس سنواتٍ لمشاركته فى انتخابات مجلس شورى الجماعة، واختياره عضوًا فى مكتب الإرشاد، وخرج عام 2000، ثم اعتقل فى 2 يناير 2008 بسبب مشاركته فى مظاهرة وسط القاهرة احتجاجًا على الهجوم الإسرائيلى على قطاع غزة.
بعد اعتقال محمد بديع فى 20 أغسطس 2013، عيّنت جماعة الإخوان المسلمين محمود عزت مرشدًا عامًّا مؤقتًا، ويعد هو المسؤول الأول عن «جهاز أمن الدعوة» داخل الجماعة، فضلًا عن مسؤوليته عن الجهاز الاستخباراتى للجماعة، كما شارك سيد قطب فى نفس الزنزانة فى السجن، ومن ثم يعد من الجناح القطبى، أو ما يعرف ب«تيار الصقور» داخل الإخوان.
ويرى المحللون أن محمود عزت أحد المتحكمين فى إدارة الإخوان حاليا، ويعد الشخص الأول لتحريك التنظيم الخاص المسلح، لا سيما أن شباب الجماعة يحبونه، لدرجة أنْ أطلقوا عليه لقب «الثعلب الداهية»، حيث إنه يجيد المراوغة والإفلات من جميع الأزمات الأمنية التى يتعرض لها.
الجماعة الإرهابية لجات للخلايا العنقودية
لم يعد هناك مجال للشك فى عودة التنظيم الخاص التابع لجماعة الإخوان إلى الواجهة من جديد، بعد عدة عقود من التجميد، فقد عاد التنظيم فى إصداره الجديد، يختلف عن نسخته الأولى التى وضعها حسن البنا، وقام ببنائه عبد الرحمن السندى.
عملية إحياء التنظيم الخاص (الإرهابى) للإخوان، كشفت عنها سلسلة الهجمات الإرهابية التى شنتها الجماعة مؤخرًا، واعتمدت فيها على تنظيمات عنقودية، وبأسلوب توجيه ضربات خاطفة وسريعة ومركزة فى أكثر من جهة، وفى توقيت واحد. وتزامنت العمليات الإرهابية التى يقوم بها تنظيم الإخوان، مع صدور تكليفات من التنظيم الدولى للإخوان، بالعمل على تجميع التنظيمات المسلحة والمتناثرة فى تنظيم موحد، وذلك بعد اجتماعين منفصلين عقدا فى تركيا وبريطانيا، واتخذا قرارًا بالعمل على تجميع هذه الخلايا لتعمل فى إطار واحد، يعتمد على مبدأ تحديد أهداف واحدة للهجمات والعمليات الإرهابية، دون قيادة مركزية.
عملية إعادة النظام الخاص تسعى لتجنيد 10 آلاف مقاتل للقيام بعمليات العنف، مع العمل على استراتيجية استهداف المناطق الحيوية، على غرار ما فعلته مؤخرًا حركة «العقاب الثورى» من استهداف مدينة الإنتاج الإعلامى، والتهديد بمزيد من العمليات مستقبلًا، لا تطول المنشآت فقط، بل تطول أيضًا الشخصيات، مما يدل على أننا أمام عودة للتنظيم الخاص من جديد، خصوصًا مع وجود عمليات نوعية مثل استهداف ضباط الشرطة.
هذه المرة لم يعد التنظيم كما كان سابقًا، حيث اعتمدت النسخة الجديدة منه على طريقه التنظيمات الجهادية فى إنشاء خلايا صغيرة عنقودية تعمل بشكل سرى تحت مسميات متعددة لا يربط بينها وبين غيرها أى رابط أو تنسيق أو معرفة لتفادى ضرب الخلايا أمنيا.
أنباء مؤكدة أشارت إلى أن هناك مشاورات جديدة بين قيادات التنظيم بالخارج، لا سيما التيار القطبى المسيطر على الجماعة، بقيادة محمود عزت، على أن لا يتم الاعتماد على قيادة واحدة للتنظيم حتى لا يسهل استهدافها، مع تشكيل مجموعات فى مختلف محافظات مصر من خلال خلايا تستطيع القيام بعمليات نوعية تجاه البنية التحتية، وبعض الشخصيات العامة فى الدولة، خصوصًا أن الجماعة لديها الكثير من الأفراد الذين تم تدريبهم فى سيناء وفى غزة، إبان حكم الرئيس المعزول محمد مرسى، كما يسعى التنظيم إلى استقطاب شباب من الذين قُتل لهم مشاركون فى اعتصامى رابعه والنهضة، بهدف الانتقام.
مصادر مقربة ذكرت أن هذه التنظيمات تابعة للإخوان ويتم تمويلها وتوجيهها من قبل التنظيم الذى يضع لها سياسات التحرك، وأوضحت المصادر أنهم يعرضون على باقى التنظيمات أن يعملوا معهم ووفق رؤيتهم وتحت قيادتهم، إلا أن التنظيمات الأخرى ترفض ذلك لوجود تباين فكرى وعقدى بينهم وبين «الإخوان» التى لا تزال تعمل وفق الرؤية القديمة، والتى تتعارض مع توجه التنظيمات الأخرى.
المصادر قالت إن تمويل هذه الخلايا يأتى من خارج مصر عبر القيادات الموجودة بالخارج والتى تقوم بإرسال التمويل بمبالغ صغيرة حتى لا تثير الشك، وعلى دفعات متوالية لتمويل العمليات وإنشاء ورش تصنيع الأسلحة المحلية والمتفجرات والعبوات الناسفة.
ومما هو جدير بالملاحظة، ما قام به مؤخرًا العديد من الحركات والتنظيمات السرية بالإعلان عن نفسها، ومن بينها «العقاب الثورى» و«الحسم»، و«المقاومة الشعبية»، و«مولوتوف»، و«وولع»، و«ثوار»، وغيرها من الحركات التى خرجت مؤخرًا، معلنة ليس فقط عن أهدافها، بل وعن كل عملية يقومون بها، مما يطرح عددًا من التساؤلات حول انتماء هذه التنظيمات، ومن يقف خلفها؟ ومن يحركها ويمولها؟ والتى وصل الحد بها إلى إرسال بيانات لرعايا وشركات أجنبية فى مصر، ومطالبتهم بالرحيل، موجهًا إليهم تهديدًا واضحًا، جاء فيه «إعطاء فرصة لجميع الرعايا الأجانب من جميع الجنسيات العربية والأجنبية والإفريقية، وجميع موظفى الشركات العاملة بمغادرة البلاد فورًا، وإلا فسوف تكون جميع أنشطتها محل استهداف من الثوار»، حسب وصف البيان، ولم يسلم رعايا السفارات فى مصر، والسائحون الراغبون فى القدوم من تلقى تهديدات واضحة بالمغادرة وإلغاء أى خطط لزيارة مصر، حسب البيان الذى قال: «جميع رعايا السفارات من الدبلوماسيين والسفراء، تم إعطاؤهم مهلة لمغادرة أراضى الوطن، وجميع السائحين الراغبين فى القدوم إلى مصر عليهم إلغاء رحلاتهم، فغير مرحَّب بهم على أرض مصر فى تلك الأيام العصيبة».
المتابع للمشهد يدرك أن «الإخوان» بدأت خطوات جديدة فى إعادة النظام الخاص فى صور شتى وتنظيمات مختلفة، وعلى الرغم من إصرارها على إنكار علاقتها بأحداث العنف أو التحريض عليه، وفى بعض الأحيان شجب العمل واستنكاره، فإن بعضًا من السقطات المتتالية، أو ربما التى تكون عن عمد من قِبل بعض المحسوبين على الإخوان يوضح ويؤكد علاقتهم بتلك التنظيمات، وأبرزها ما نشر مؤخرًا على موقع الإخوان فى مقال مجهَّل من الاسم تحت مسمى «رسالة إلى صفوف الثوار» يطالب فيه بإعداد العدة والاستعداد لما هو قادم، والتلميح بتوجيه ضربات متتالية ضد الدولة، مما يوضح أن هذا توجه الجماعة ككل، إضافة إلى ما ذكره المتحدث الرسمى باسم الإخوان، محمد منتصر، (المؤكد أن الاسم مستعار) حيث ذكر أن القادم أسوأ من ذلك، «وما زال فى الجعبة الكثير»، على حد قوله، ومما يدل أيضًا على ذلك موجة التحريض التى تتبناها قيادات الخارج ليل نهار على توجيه الضربات عبر القنوات التى يملكونها، واستحسان ما تفعله التنظيمات من عمليات مسلحة ضد الدولة والمدنيين، وربما يفسر هذا قيام الإخوان باختيار مكتب إدارى جديد يدير التنظيم، للتمويه على عمل نشاط العنف.
وعلى الرغم من كون المنهل والمنبع واحد لكل أفكار الحركات الإسلامية الحديثة، والتى استمدت أصول أفكارها من كتب «أبو الأعلى المودودى - الشيخ الباكستانى» الذى أسس هناك للجماعة الإسلامية، أو «سيد قطب - الإخوانى الذى أصبح صاحب مدرسة لها فكرها الخاص وأتباعها ومؤيدوها» إلا أنه صار بعد ذلك تنوع للأفكار يصعب معه الحديث عن مرجع واحد، مما أفرز كل هذا الكم من الجماعات والتنظيمات، والتى لم تكتف بكتب المودودى وقطب، وإنما لجأت فى كثير من الأحيان إلى فتاوى بن لادن والظواهرى اللذين انتقلا بالمفهوم التكفيرى من فكر مدوّن بالكتب، إلى واقع عملى فرض نفسه، ليس على نطاق محدد، بل تمادى ليكون رؤية عالمية شاملة انتقلت عبر عناصر «القاعدة» إلى العالم.
4 أقنعة للإخوان الإرهابية
العديد من المسميات ظهر على السطح دفعة واحدة، لا سيما عقب فض اعتصامى رابعة، والنهضة، والذى أفرز العديد من التشكيلات المسلحة مثل «ولع»، و«مولوتوف»، و«حسم» و«كتبية الإعدام»، التى باتت تعلن عن نفسها عبر صفحات الإنترنت بشكل علنى. وعلى الرغم من كثرة المسميات التى تزيد على 20 كيانًا، بعضها يحمل أكثر من مسمى واحد، فإن كل هذا لا يزيد على كونه حالة من التشتيت للأجهزة الأمنية لتصعيب المتابعة والرصد. «التحرير» ستقدم بانوراما سريعة عن هذه التنظيمات خلال السطور القادمة.
المقاومة الشعبية
أعلنت عن نفسها بتنفيذ عدد من العمليات التى استهدفت قوات الأمن فى مصر والمصالح الاقتصادية للدولة، والتى أدت، حسب المرصد العربى للحقوق والحريات، إلى مقتل 3 وإصابة 16 من أفراد الشرطة، بالإضافة إلى حرق 12 سيارة تابعة للشرطة، وحرق العديد من نقاط وأكشاك المرور، كما تبنت الحركة المسؤولية مع حركة «العقاب الثورى» عن تفجير 56 عبوة ناسفة، ونصب 12 كمينًا لقوات الأمن، والاشتباك مع تلك القوات بالأسلحة الرشاشة فى محافظات عدة، فى الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير، وتبنت أيضًا حرق مبانٍ حكومية وتفجير قطارات وخطوط سكك حديد ومحطات توليد كهرباء وأبراج هواتف محمولة ومحطات مياه.
العقاب الثوري
ظهرت منذ عام تقريبًا، إلا أن الظهور الأقوى لها كان عقب تبنيها تفجير محولات الكهرباء التى تمد مدينة الإنتاج الإعلامى، كذلك قامت بعرض فيديو نشرته على الإنترنت، أظهر مجموعة من الأفراد الملثمين يقودون سيارة ويحملون رشاشًا ويطلقون النيران على كمين للشرطة، كما أعلنت الحركة عن تشكيل هياكل لحماية الثورة فى 15 محافظة، متوعدة بتنفيذ عدد من العمليات فى محافظات مختلفة سيتم الإعلان عنها تباعًا.
كتائب حلوان:
فى 15 أغسطس من العام الماضى، أعلنت «كتائب حلوان» عن نفسها عبر فيديو تم تصويره بمنطقة عزبة الوالدة بحلوان وظهر فيه 14 ملثمًا من التنظيم، لتتوالى الأحداث تباعًا حتى سقطت المجموعة بكامل أعضائها الذين وصلوا إلى 215 متهمًا.
تم الكشف عن حقيقة «الخلية» الإخوانية المسلحة، التى ارتدى أعضاؤها ملابس تشبه ملابس حركة حماس، وترددت أنباء وقتها بأن من يدعم هذه الخلية هو القيادى الإخوانى الهارب أيمن أحمد عبد الغنى، زوج ابنة خيرت الشاطر. وكشفت تحقيقات النيابة العامة فى القضية عن أن العناصر المتهمة نفذت 32 عملية إرهابية، تمثلت فى استهداف الأجهزة الأمنية، ومنشآت تابعة لوزارة الداخلية، وشبكة الطرق، وتخريب أبراج كهرباء الضغط العالى، وأعمدة الإنارة، مما كبد الدولة خسائر فادحة بلغت قيمتها 40 مليونًا.
«كتائب الفرقان»
هى العامل الأهم فى زيادة موجة الإرهاب والعمليات المسلحة خلال الفترة الماضية، بداية من استهداف عدد من المنشآت الحيوية والشخصيات المهمة داخل مصر.
وتنتهج الكتائب نفس الخط الذى تسير عليه «أنصار بيت المقدس» سابقًا فى قيامها بتصوير العمليات التى تقوم بها، وكذلك عمليات الرصد والمتابعة حتى التنفيذ.
تستخدم كتائب الفرقان فى عملياتها قذائف «آر بى جى» وتختار مواقعها بعناية شديدة مثلما فعلت مع العقيد أركان حرب بالجيش محمد الكومى فى 14 أغسطس الماضى، عندما أطلقت الرصاص على سيارته.
جغرافيا العمليات الإرهابية في بر مصر
مع تنامى الموجة الإرهابية العنيفة، بدأت تظهر بؤر جديدة مرشحة لأن تكون أرضا لمواجهة تلك التنظيمات مع أجهزة الأمن، لا سيما أن المناطق القديمة، مثل سيناء، باتت تحت سيطرة الأمن، مما يصعب على العناصر الإرهابية التحرك فيها بحرية.
ومع العمل الذى من المتوقع أن يتجه إلى مزيد من التنظيمية خلال الفترة المقبلة، مما سيستدعى بدوره أن يصحب ذلك تغييرا فى تكتيك العمل المسلح، من ضمنه خلق أرض جديدة للمواجهة، هدفها إرباك وتشتيت الأمن ورفع الضغط عن المناطق القديمة مثل سيناء وغيرها، مما يرجح أن يتجه نشاط التنظيمات الإرهابية إلى محافظات الشرقية، والإسماعيلية، والجيزة، ومناطق مثل حلوان والمطرية، استنادا إلى وجود قاعدة شعبية حاضنة للإخوان فى تلك المناطق التى احتلت الصدارة فى الفترة الماضية على صعيد العمليات المسلحة، إلا أن الأيام القادمة ستشهد دخول مناطق جديدة تكون مرشحة بقوة، لتصبح أرضا لتنفيذ عمليات إرهابية مسلحة، خصوصا مع عودة التنظيم الخاص من جديد.
وحسب ما ذكرته بعض المصادر من وجود عناصر إخوانية تم تدريبها فى السودان خلال الفترة الماضية، مع ما كشفت عنه الأنباء عن أن هناك عديدا من شباب الإخوان تلقوا تدريبات فى سيناء وغزة خلال فترة حكم الإخوان، مما يؤهلهم للقيام بعمليات مسلحة خلال الفترة القادمة، ومن ثم تكون محافظات الصعيد هى المرشحة للقيام بعمليات إرهابية، نظرا لقربها من السودان، فى حين ستكون مناطق الشمال مسرحا للمجموعات التى تدربت فى سيناء وغزة.
ما سبق يؤيده الباحث السياسى، هشام النجار، الذى قال إن شمال سيناء تحديدا ستظل مرشحة لأن تكون مسرحا للعمليات الإرهابية، حيث يستغل الإرهابيون طبيعة البيئة الصحراوية والمساحات الجغرافية الشاسعة للاختباء والإعداد الجيد لعملياتهم، فضلاً عن أنهم يسعون فى الفترة القادمة لإضعاف الحضور الأمنى عموما فى سيناء، لتصبح خالصة لنفوذهم وسيطرتهم، وأوضح أن فى القاهرة أحياء بعينها ربما تشهد تصاعدا فى العنف، خصوصا تلك التى يحظى فيها الإخوان ومؤيدوهم بتأثير ونفوذ مثل المطرية، وغيرها، واستدرك قائلا «المتحكم فى تحديد أماكن العمليات فى الفترة القادمة هو نوعيتها بغض النظر عن جغرافيتها، حيث من المحتمل حدوث عمليات ثأرية بعد الأحكام القضائية ضد قادة الإخوان، وهذه ستكون موجهة لرموز وقيادات أمنية تختص بها خلية (كتيبة الإعدام)، وعمليات ضد الرموز الإعلامية والإعلام عموما، ثم القضاء، وتشترك فيه عدة خلايا صغيرة لا تعلن عن نفسها تنتمى إلى (أجناد مصر)، وجميع هذه الخلايا تستهدف أيضا مؤسسات ومرافق الدولة الحيوية، خصوصا وسائل المواصلات وأبراج شبكة الكهرباء، هذا من ناحية النوعية، أما من الناحية الجغرافية فستتركز العمليات بكثافة فى القاهرة والجيزة وسيناء، وربما بعض محافظات الصعيد، لإثبات ما أعلنه (داعش) مؤخرا أنه سينشئ فرعا له هناك».
خبراء: «الإخوان» تمد التنظيمات الإرهابية بالمال والسلاح
الدكتور كمال الهلباوى، القيادى الإخوانى المنشق، قال إن غالبية التنظيمات التى خرجت بعد 30 يونيو مثل «أجناد مصر» و«العقاب الثورى»، وغيرها ظهرت كرد فعل لسقوط الإخوان، وفض اعتصام «رابعة»، ومحاولة الجماعة تصويرها على أنها مجزرة وجريمة كربلائية، مضيفا أن بعض المنتمين إلى هذه التنظيمات هم شباب من الإخوان وبعضهم من باقى الجماعات الإسلامية.
الهلباوى أوضح أن هناك فرقا كبيرا بين التنظيم الخاص كفكرة، وما قام به فى عهد البنا، وما تفعله هذه المجموعات ممن لا يحملون أى فكر أو هدف أو قضية للدفاع عنها بأى حال، مؤكدا أن استمرار دعم الإخوان هذه التنظيمات وتحريضها على العنف سيساعدان على ظهور المزيد من الجماعات المتطرفة خلال الفترة القادمة، وعلى الدولة أن تكون حذرة فى التعامل مع هذه التنظيمات من خلال أجهزة الأمن.
القيادى الإخوانى المنشق، مختار نوح، قال إن سيطرة التيار القطبى على مكتب الإرشاد قبل ثورة 30 يونيو أسهم بشكل كبير فى صعود التيار المتشدد على قمة السلطة فى الجماعة، وظهر ذلك فى تعنتها ورفضها أى محاولات من الدولة لفض اعتصام «رابعة»، وتبنيها الإرهاب والهجوم على المنشآت العامة، وتشكيل تنظيمات خاصة بمساعدة بعض أفراد السلفية الجهادية والجبهة السلفية، خصوصا أن هناك صلة كبيرة بين هذه الجماعات وقيادات الإخوان، وتنسيقا بينهم فى كثير من العمليات التى يقومون بها بعد حصولهم على دعم مادى من الإخوان، مضيفا أن هناك اختلافا بين الحركات التى ظهرت بعد 30 يونيو، حيث لم يستمر سوى «أجناد مصر» و«العقاب الثورى»، مما يعنى أنهم مدربون عكس «مولوتوف» و«ولع» وغيرها من الحركات الإخوانية التى اختفت بسرعة، أو ربما يكون اندمج أعضاؤها بهذه التنظيمات.
أما الباحث فى شؤون الجماعات الإسلامية، أحمد بان، فيؤكد أن غالبية التنظيمات التى خرجت بعد ثورة 30 يونيو هى نتاج التنظيم الخاص للجماعة، لكنها تعمل بشكل منفصل وسرى وبتنسيق بين الجماعات التكفيرية بشكل عام فى مصر، بما فيها تنظيم «بيت المقدس» فى سيناء، الذى سبق ونشر «أجناد مصر» فيديو يؤكد أنها بايعته، مما يعنى أن هناك تنسيقا وإمدادا بالسلاح لهذه التنظيمات، ولا يمكن إغفال الدور الذى لعبته جماعة الإخوان فى دعم هؤلاء الشباب ماديا.
القيادى السابق بتنظيم الإخوان، صبرة القاسمى، قال إن غالبية من خرج للعنف بعد 30 يونيو هم من عباءة الإخوان ورجالهم، وأوضح القاسمى أن هناك صراعا بين التنظيم الخاص لجماعة الإخوان، و«داعش»، من أجل السيطرة على حركات العنف فى مصر، فالإخوان من جهة يرون أن لهم الريادة فى تنظيم ودعوة الحركات الإسلامية، بما أنها الجماعة الأم، بينما «داعش» يحكم على مخالفيه، بما فيهم الإخوان، بالكفر، ويرى أنه الأولى بضم هذه الحركات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.