ليست عندى غير كلمة واحدة أكررها لكل من يتمنى عمل فيلم من الأجيال الشابة: قبل أن تتعب فى الإجابة عن سؤال التكنيك والحرفة وكيفية تصوير الفيلم لا بد أن تسأل نفسك: إنت عايز تعمل الفيلم ليه وعايز تقول إيه من خلاله؟ أرجوكم اشتغلوا على السيناريو أضعاف ما تبذلونه من جهد على الصورة لو ماعندكش حاجة عايز تقولها أو إحساس عايز توصله ماتلعبش فى الكاميرا، لأنها فعلًا مش لعبة.. أصعب شىء فى الفن هو وجهة النظر وليس التكنيك.. والتكنيك لا بد أن يكون فى خدمة الفكرة ووجهة النظر وليس العكس أبدًا أبدًا.. والأفكار والرؤى ووجهات النظر تحتاج إلى شغل طويل من خلال التجربة المباشرة والقراءة والتأمل فى الحياة والناس.. كلكم تعشقون السينما، وهذا أمر رائع، لكن مَن سيكمل ويترك بصمة، إذ هو الذى سيستوعب هذا الدرس. أشاهد أحيانًا «القناة الثانية» فى التليفزيون المصرى بعد أن أصبحت فضائية.. طبعًا اختلفت عن زمان كثيرًا جدًّا، لكنى أحاول أن ألتمس بعض الحنين إلى ماضيها العظيم.. «القناة الثانية» كانت نافذتنا الرائعة على العالم والفنون من خلال برامج «العالم يغنى» و«جولة الفنون» و«كاميرا 9» و«فن الباليه» و«تياترو» و«عالم البحار» و«صوت الموسيقى» وفيلم العصر الأجنبى، وسهرات حلقات «كولومبو»، ومسلسل «جذور»، وسهرات ميسترى موفى، وبرنامج أوسكار العظيم، وجولة الكاميرا، وبرنامج الأطفال من تقديم بابا ماجد، وكنت والله أتفرج على برنامج للأطفال بالألمانية التى لا أعرف منها كلمة لمجرد أن مقدمته مذيعة جميلة ولطيفة اسمها ليلى موسى.. «القناة الثانية» هى سميحة الخولى ومديحة كمال ويوسف شريف رزق الله وسناء منصور ومنى جبر وأمانى ناشد وحمدية حمدى وهند أبو السعود والمعد الكبير الراحل الذى لم يأخذ حقه أبدًا يحيى تادروس الذى قدم فى ما بعد مع سامية الأتربى حكاوى القهاوى، وكان هو أيضًا معد برنامج كاميرا 9.. حتى نشرات الأخبار بالإنجليزية كنت أتابعها لكى أتعلم منها النطق السليم للغة من علِى جوهر وسليم رزق الله وميرفت محسن والرائع إبراهيم الكردانى.. وكنت أتعلم نطق الفرنسية من أداء مذيع النشرة الفرنسية نيقولا بركات. لولا القناة الثانية ما عرفت معنى الفن والجمال، استمروا أرجوكم وكونوا على مستوى تاريخكم العظيم. أنا مدين لكم بالكثير. «سألت أبى وأنا صغير عن سر نجاح الأفلام الهندية فقال لى: لأنها تحقق العدل على الشاشة فى ظرف 3 ساعات فقط بينما قد تعيش وتموت دون أن تراه فى الواقع». (من حوار أميتاب باتشان مع منى الشاذلى) نعم عبد الحليم التقى أحمد زكى. قرأت أن عادل إمام دعا صديقه العندليب لمشاهدة مسرحية «مدرسة المشاغبين» اللى كانت حديث البلد، ذهب عبد الحليم ورأى العرض ووقع من الضحك طبعًا وهنأ الأبطال، ومنهم أحمد زكى، لكن اهتمامه كان أولًا بعادل وسعيد صالح.. ما كان يتوقع أحد أن يلعب زكى دور عبد الحليم بعد هذا اللقاء بسنوات طويلة. الغريب هو تشابه حياة الاثنين: هما من نفس المحافظة، وعانيا من اليتم فى سن صغيرة، ومن أسرتين فقيرتين، وهما موهبتان استثنائيتان بامتياز. كانوا يقولون إن الشاعر العظيم هو الذى يقرأ 3 آلاف بيت شعر ويستوعبها ثم ينساها، وأنا أقول لك إنه لكى تكون مخرجًا مهمًّا شاهد أفلام كبار المخرجين فى كل مكان وأوان، تعلّم منهم، وتأثر بهم، لكن عندما تصنع فيلمك الأول، انْسَ ما شاهدت، وإياك أن تقلد ما شاهدت، كل المطلوب منك فقط هو أن تعبّر عن نفسك وتجربتك بصدق وبطريقتك الخاصة مهما كانت. هذه هى أول خطوة: أن تكون صوتك لا أصوات الآخرين، وأن تستوعب التجارب الفنية وتتعلم منها لا أن تنقلها. لأنه مغنٍّ أخنف، فإن كلمة «موجة» تتحول على لسانه إلى «نوجة».. وحشتنى النوجة بتاعة زمان! سهرت منذ أيام متابعًا برنامجًا على التليفزيون التونسى (التلفزة التونسية الفضائية) يتضمن تسجيلًا لحلقة نادرة لسحور من منزل الفنانة الراحلة عليّا التونسية فى شهر رمضان من عام 1971، استضافت فيه فايدة كامل ولبلبة ومحمد العزبى ومجموعة من مطربى تونس الرائعين. الكل غنى وأطرب وأنا انبسطت وتمنيت أن تذاع هذه الحلقة على الفضائية المصرية.. يعيشكم يا أهل تونس يا سمّيعة وربنا يرحم عليّا صاحبة الصوت الرائع. يقول سيدنى لوميت (كتاب فن الإخراج السينمائى- ترجمة أحمد يوسف- المركز القومى للترجمة) إن مارلون براندو أعاد تصوير لقطة 34 مرة فى الفيلم الذى أخرجه لوميت بعنوان (the fugitive kind) دون تذمر ودون أن يطلب تغيير الحوار أو تأجيل التصوير، لكن لوميت يكشف عن أن براندو كان يختبر المخرجين فى أول يوم تصوير، فيقدم نوعين من الأداء للقطة الواحدة: أحدهما عميق وصادق من الداخل، والثانى سطحى من الخارج، وفى ضوء قرار المخرج بطبع أىٍّ من اللقطتين يواصل براندو اختيار الطريقة المطلوبة طوال الفيلم.. يعنى لم يكن يتعب نفسه ويقدم كل ما عنده مع مخرج غير فاهم. كل فيلم عظيم من الناحية الفنية هو بالضرورة فيلم هام فى تاريخ السينما، لأنه يضيف إلى رصيدها كفن مستقل، لكن العكس ليس صحيحًا. يعنى ليس كل فيلم هام هو بالضرورة فيلم عظيم.. هناك أفلام متواضعة جدا من الناحية الفنية، ولكنها هامة فى تاريخ السينما مثل فيلم «أنشودة الفؤاد» الذى يستمد أهميته من كونه أول فيلم غنائى مصرى أو فيلم «إسماعيلية رايح جاى» الذى أعاد الجمهور للسينما، وفتح المجال لجيل كامل من شباب الممثلين والفنيين، وفتح الباب أمام مرحلة الإيرادات المليونية من السوق المصرية، رغم أنه فيلم متواضع فنيا. أهمية الفيلم لا تعنى بالضرورة أنه على مستوى فنى رفيع. لذا وجب التنويه. ليست عندى غير كلمة واحدة أكررها لكل من يتمنى عمل فيلم من الأجيال الشابة: قبل أن تتعب فى الإجابة عن سؤال التكنيك والحرفة وكيفية تصوير الفيلم لا بد أن تسأل نفسك: إنت عايز تعمل الفيلم ليه وعايز تقول إيه من خلاله؟ أرجوكم اشتغلوا على السيناريو أضعاف ما تبذلونه من جهد على الصورة لو ماعندكش حاجة عايز تقولها أو إحساس عايز توصله ماتلعبش فى الكاميرا، لأنها فعلًا مش لعبة.. أصعب شىء فى الفن هو وجهة النظر وليس التكنيك.. والتكنيك لا بد أن يكون فى خدمة الفكرة ووجهة النظر وليس العكس أبدًا أبدًا.. والأفكار والرؤى ووجهات النظر تحتاج إلى شغل طويل من خلال التجربة المباشرة والقراءة والتأمل فى الحياة والناس.. كلكم تعشقون السينما، وهذا أمر رائع، لكن مَن سيكمل ويترك بصمة، إذ هو الذى سيستوعب هذا الدرس. أشاهد أحيانًا «القناة الثانية» فى التليفزيون المصرى بعد أن أصبحت فضائية.. طبعًا اختلفت عن زمان كثيرًا جدًّا، لكنى أحاول أن ألتمس بعض الحنين إلى ماضيها العظيم.. «القناة الثانية» كانت نافذتنا الرائعة على العالم والفنون من خلال برامج «العالم يغنى» و«جولة الفنون» و«كاميرا 9» و«فن الباليه» و«تياترو» و«عالم البحار» و«صوت الموسيقى» وفيلم العصر الأجنبى، وسهرات حلقات «كولومبو»، ومسلسل «جذور»، وسهرات ميسترى موفى، وبرنامج أوسكار العظيم، وجولة الكاميرا، وبرنامج الأطفال من تقديم بابا ماجد، وكنت والله أتفرج على برنامج للأطفال بالألمانية التى لا أعرف منها كلمة لمجرد أن مقدمته مذيعة جميلة ولطيفة اسمها ليلى موسى.. «القناة الثانية» هى سميحة الخولى ومديحة كمال ويوسف شريف رزق الله وسناء منصور ومنى جبر وأمانى ناشد وحمدية حمدى وهند أبو السعود والمعد الكبير الراحل الذى لم يأخذ حقه أبدًا يحيى تادروس الذى قدم فى ما بعد مع سامية الأتربى حكاوى القهاوى، وكان هو أيضًا معد برنامج كاميرا 9.. حتى نشرات الأخبار بالإنجليزية كنت أتابعها لكى أتعلم منها النطق السليم للغة من علِى جوهر وسليم رزق الله وميرفت محسن والرائع إبراهيم الكردانى.. وكنت أتعلم نطق الفرنسية من أداء مذيع النشرة الفرنسية نيقولا بركات. لولا القناة الثانية ما عرفت معنى الفن والجمال، استمروا أرجوكم وكونوا على مستوى تاريخكم العظيم. أنا مدين لكم بالكثير. «سألت أبى وأنا صغير عن سر نجاح الأفلام الهندية فقال لى: لأنها تحقق العدل على الشاشة فى ظرف 3 ساعات فقط بينما قد تعيش وتموت دون أن تراه فى الواقع». (من حوار أميتاب باتشان مع منى الشاذلى) نعم عبد الحليم التقى أحمد زكى. قرأت أن عادل إمام دعا صديقه العندليب لمشاهدة مسرحية «مدرسة المشاغبين» اللى كانت حديث البلد، ذهب عبد الحليم ورأى العرض ووقع من الضحك طبعًا وهنأ الأبطال، ومنهم أحمد زكى، لكن اهتمامه كان أولًا بعادل وسعيد صالح.. ما كان يتوقع أحد أن يلعب زكى دور عبد الحليم بعد هذا اللقاء بسنوات طويلة. الغريب هو تشابه حياة الاثنين: هما من نفس المحافظة، وعانيا من اليتم فى سن صغيرة، ومن أسرتين فقيرتين، وهما موهبتان استثنائيتان بامتياز. كانوا يقولون إن الشاعر العظيم هو الذى يقرأ 3 آلاف بيت شعر ويستوعبها ثم ينساها، وأنا أقول لك إنه لكى تكون مخرجًا مهمًّا شاهد أفلام كبار المخرجين فى كل مكان وأوان، تعلّم منهم، وتأثر بهم، لكن عندما تصنع فيلمك الأول، انْسَ ما شاهدت، وإياك أن تقلد ما شاهدت، كل المطلوب منك فقط هو أن تعبّر عن نفسك وتجربتك بصدق وبطريقتك الخاصة مهما كانت. هذه هى أول خطوة: أن تكون صوتك لا أصوات الآخرين، وأن تستوعب التجارب الفنية وتتعلم منها لا أن تنقلها. لأنه مغنٍّ أخنف، فإن كلمة «موجة» تتحول على لسانه إلى «نوجة».. وحشتنى النوجة بتاعة زمان! سهرت منذ أيام متابعًا برنامجًا على التليفزيون التونسى (التلفزة التونسية الفضائية) يتضمن تسجيلًا لحلقة نادرة لسحور من منزل الفنانة الراحلة عليّا التونسية فى شهر رمضان من عام 1971، استضافت فيه فايدة كامل ولبلبة ومحمد العزبى ومجموعة من مطربى تونس الرائعين. الكل غنى وأطرب وأنا انبسطت وتمنيت أن تذاع هذه الحلقة على الفضائية المصرية.. يعيشكم يا أهل تونس يا سمّيعة وربنا يرحم عليّا صاحبة الصوت الرائع. يقول سيدنى لوميت (كتاب فن الإخراج السينمائى- ترجمة أحمد يوسف- المركز القومى للترجمة) إن مارلون براندو أعاد تصوير لقطة 34 مرة فى الفيلم الذى أخرجه لوميت بعنوان (the fugitive kind) دون تذمر ودون أن يطلب تغيير الحوار أو تأجيل التصوير، لكن لوميت يكشف عن أن براندو كان يختبر المخرجين فى أول يوم تصوير، فيقدم نوعين من الأداء للقطة الواحدة: أحدهما عميق وصادق من الداخل، والثانى سطحى من الخارج، وفى ضوء قرار المخرج بطبع أىٍّ من اللقطتين يواصل براندو اختيار الطريقة المطلوبة طوال الفيلم.. يعنى لم يكن يتعب نفسه ويقدم كل ما عنده مع مخرج غير فاهم. كل فيلم عظيم من الناحية الفنية هو بالضرورة فيلم هام فى تاريخ السينما، لأنه يضيف إلى رصيدها كفن مستقل، لكن العكس ليس صحيحًا. يعنى ليس كل فيلم هام هو بالضرورة فيلم عظيم.. هناك أفلام متواضعة جدا من الناحية الفنية، ولكنها هامة فى تاريخ السينما مثل فيلم «أنشودة الفؤاد» الذى يستمد أهميته من كونه أول فيلم غنائى مصرى أو فيلم «إسماعيلية رايح جاى» الذى أعاد الجمهور للسينما، وفتح المجال لجيل كامل من شباب الممثلين والفنيين، وفتح الباب أمام مرحلة الإيرادات المليونية من السوق المصرية، رغم أنه فيلم متواضع فنيا. أهمية الفيلم لا تعنى بالضرورة أنه على مستوى فنى رفيع. لذا وجب التنويه. ليست عندى غير كلمة واحدة أكررها لكل من يتمنى عمل فيلم من الأجيال الشابة: قبل أن تتعب فى الإجابة عن سؤال التكنيك والحرفة وكيفية تصوير الفيلم لا بد أن تسأل نفسك: إنت عايز تعمل الفيلم ليه وعايز تقول إيه من خلاله؟ أرجوكم اشتغلوا على السيناريو أضعاف ما تبذلونه من جهد على الصورة لو ماعندكش حاجة عايز تقولها أو إحساس عايز توصله ماتلعبش فى الكاميرا، لأنها فعلًا مش لعبة.. أصعب شىء فى الفن هو وجهة النظر وليس التكنيك.. والتكنيك لا بد أن يكون فى خدمة الفكرة ووجهة النظر وليس العكس أبدًا أبدًا.. والأفكار والرؤى ووجهات النظر تحتاج إلى شغل طويل من خلال التجربة المباشرة والقراءة والتأمل فى الحياة والناس.. كلكم تعشقون السينما، وهذا أمر رائع، لكن مَن سيكمل ويترك بصمة، إذ هو الذى سيستوعب هذا الدرس. أشاهد أحيانًا «القناة الثانية» فى التليفزيون المصرى بعد أن أصبحت فضائية.. طبعًا اختلفت عن زمان كثيرًا جدًّا، لكنى أحاول أن ألتمس بعض الحنين إلى ماضيها العظيم.. «القناة الثانية» كانت نافذتنا الرائعة على العالم والفنون من خلال برامج «العالم يغنى» و«جولة الفنون» و«كاميرا 9» و«فن الباليه» و«تياترو» و«عالم البحار» و«صوت الموسيقى» وفيلم العصر الأجنبى، وسهرات حلقات «كولومبو»، ومسلسل «جذور»، وسهرات ميسترى موفى، وبرنامج أوسكار العظيم، وجولة الكاميرا، وبرنامج الأطفال من تقديم بابا ماجد، وكنت والله أتفرج على برنامج للأطفال بالألمانية التى لا أعرف منها كلمة لمجرد أن مقدمته مذيعة جميلة ولطيفة اسمها ليلى موسى.. «القناة الثانية» هى سميحة الخولى ومديحة كمال ويوسف شريف رزق الله وسناء منصور ومنى جبر وأمانى ناشد وحمدية حمدى وهند أبو السعود والمعد الكبير الراحل الذى لم يأخذ حقه أبدًا يحيى تادروس الذى قدم فى ما بعد مع سامية الأتربى حكاوى القهاوى، وكان هو أيضًا معد برنامج كاميرا 9.. حتى نشرات الأخبار بالإنجليزية كنت أتابعها لكى أتعلم منها النطق السليم للغة من علِى جوهر وسليم رزق الله وميرفت محسن والرائع إبراهيم الكردانى.. وكنت أتعلم نطق الفرنسية من أداء مذيع النشرة الفرنسية نيقولا بركات. لولا القناة الثانية ما عرفت معنى الفن والجمال، استمروا أرجوكم وكونوا على مستوى تاريخكم العظيم. أنا مدين لكم بالكثير. «سألت أبى وأنا صغير عن سر نجاح الأفلام الهندية فقال لى: لأنها تحقق العدل على الشاشة فى ظرف 3 ساعات فقط بينما قد تعيش وتموت دون أن تراه فى الواقع». (من حوار أميتاب باتشان مع منى الشاذلى) نعم عبد الحليم التقى أحمد زكى. قرأت أن عادل إمام دعا صديقه العندليب لمشاهدة مسرحية «مدرسة المشاغبين» اللى كانت حديث البلد، ذهب عبد الحليم ورأى العرض ووقع من الضحك طبعًا وهنأ الأبطال، ومنهم أحمد زكى، لكن اهتمامه كان أولًا بعادل وسعيد صالح.. ما كان يتوقع أحد أن يلعب زكى دور عبد الحليم بعد هذا اللقاء بسنوات طويلة. الغريب هو تشابه حياة الاثنين: هما من نفس المحافظة، وعانيا من اليتم فى سن صغيرة، ومن أسرتين فقيرتين، وهما موهبتان استثنائيتان بامتياز. كانوا يقولون إن الشاعر العظيم هو الذى يقرأ 3 آلاف بيت شعر ويستوعبها ثم ينساها، وأنا أقول لك إنه لكى تكون مخرجًا مهمًّا شاهد أفلام كبار المخرجين فى كل مكان وأوان، تعلّم منهم، وتأثر بهم، لكن عندما تصنع فيلمك الأول، انْسَ ما شاهدت، وإياك أن تقلد ما شاهدت، كل المطلوب منك فقط هو أن تعبّر عن نفسك وتجربتك بصدق وبطريقتك الخاصة مهما كانت. هذه هى أول خطوة: أن تكون صوتك لا أصوات الآخرين، وأن تستوعب التجارب الفنية وتتعلم منها لا أن تنقلها. لأنه مغنٍّ أخنف، فإن كلمة «موجة» تتحول على لسانه إلى «نوجة».. وحشتنى النوجة بتاعة زمان! سهرت منذ أيام متابعًا برنامجًا على التليفزيون التونسى (التلفزة التونسية الفضائية) يتضمن تسجيلًا لحلقة نادرة لسحور من منزل الفنانة الراحلة عليّا التونسية فى شهر رمضان من عام 1971، استضافت فيه فايدة كامل ولبلبة ومحمد العزبى ومجموعة من مطربى تونس الرائعين. الكل غنى وأطرب وأنا انبسطت وتمنيت أن تذاع هذه الحلقة على الفضائية المصرية.. يعيشكم يا أهل تونس يا سمّيعة وربنا يرحم عليّا صاحبة الصوت الرائع. يقول سيدنى لوميت (كتاب فن الإخراج السينمائى- ترجمة أحمد يوسف- المركز القومى للترجمة) إن مارلون براندو أعاد تصوير لقطة 34 مرة فى الفيلم الذى أخرجه لوميت بعنوان (the fugitive kind) دون تذمر ودون أن يطلب تغيير الحوار أو تأجيل التصوير، لكن لوميت يكشف عن أن براندو كان يختبر المخرجين فى أول يوم تصوير، فيقدم نوعين من الأداء للقطة الواحدة: أحدهما عميق وصادق من الداخل، والثانى سطحى من الخارج، وفى ضوء قرار المخرج بطبع أىٍّ من اللقطتين يواصل براندو اختيار الطريقة المطلوبة طوال الفيلم.. يعنى لم يكن يتعب نفسه ويقدم كل ما عنده مع مخرج غير فاهم. كل فيلم عظيم من الناحية الفنية هو بالضرورة فيلم هام فى تاريخ السينما، لأنه يضيف إلى رصيدها كفن مستقل، لكن العكس ليس صحيحًا. يعنى ليس كل فيلم هام هو بالضرورة فيلم عظيم.. هناك أفلام متواضعة جدا من الناحية الفنية، ولكنها هامة فى تاريخ السينما مثل فيلم «أنشودة الفؤاد» الذى يستمد أهميته من كونه أول فيلم غنائى مصرى أو فيلم «إسماعيلية رايح جاى» الذى أعاد الجمهور للسينما، وفتح المجال لجيل كامل من شباب الممثلين والفنيين، وفتح الباب أمام مرحلة الإيرادات المليونية من السوق المصرية، رغم أنه فيلم متواضع فنيا. أهمية الفيلم لا تعنى بالضرورة أنه على مستوى فنى رفيع. لذا وجب التنويه. ليست عندى غير كلمة واحدة أكررها لكل من يتمنى عمل فيلم من الأجيال الشابة: قبل أن تتعب فى الإجابة عن سؤال التكنيك والحرفة وكيفية تصوير الفيلم لا بد أن تسأل نفسك: إنت عايز تعمل الفيلم ليه وعايز تقول إيه من خلاله؟ أرجوكم اشتغلوا على السيناريو أضعاف ما تبذلونه من جهد على الصورة لو ماعندكش حاجة عايز تقولها أو إحساس عايز توصله ماتلعبش فى الكاميرا، لأنها فعلًا مش لعبة.. أصعب شىء فى الفن هو وجهة النظر وليس التكنيك.. والتكنيك لا بد أن يكون فى خدمة الفكرة ووجهة النظر وليس العكس أبدًا أبدًا.. والأفكار والرؤى ووجهات النظر تحتاج إلى شغل طويل من خلال التجربة المباشرة والقراءة والتأمل فى الحياة والناس.. كلكم تعشقون السينما، وهذا أمر رائع، لكن مَن سيكمل ويترك بصمة، إذ هو الذى سيستوعب هذا الدرس. أشاهد أحيانًا «القناة الثانية» فى التليفزيون المصرى بعد أن أصبحت فضائية.. طبعًا اختلفت عن زمان كثيرًا جدًّا، لكنى أحاول أن ألتمس بعض الحنين إلى ماضيها العظيم.. «القناة الثانية» كانت نافذتنا الرائعة على العالم والفنون من خلال برامج «العالم يغنى» و«جولة الفنون» و«كاميرا 9» و«فن الباليه» و«تياترو» و«عالم البحار» و«صوت الموسيقى» وفيلم العصر الأجنبى، وسهرات حلقات «كولومبو»، ومسلسل «جذور»، وسهرات ميسترى موفى، وبرنامج أوسكار العظيم، وجولة الكاميرا، وبرنامج الأطفال من تقديم بابا ماجد، وكنت والله أتفرج على برنامج للأطفال بالألمانية التى لا أعرف منها كلمة لمجرد أن مقدمته مذيعة جميلة ولطيفة اسمها ليلى موسى.. «القناة الثانية» هى سميحة الخولى ومديحة كمال ويوسف شريف رزق الله وسناء منصور ومنى جبر وأمانى ناشد وحمدية حمدى وهند أبو السعود والمعد الكبير الراحل الذى لم يأخذ حقه أبدًا يحيى تادروس الذى قدم فى ما بعد مع سامية الأتربى حكاوى القهاوى، وكان هو أيضًا معد برنامج كاميرا 9.. حتى نشرات الأخبار بالإنجليزية كنت أتابعها لكى أتعلم منها النطق السليم للغة من علِى جوهر وسليم رزق الله وميرفت محسن والرائع إبراهيم الكردانى.. وكنت أتعلم نطق الفرنسية من أداء مذيع النشرة الفرنسية نيقولا بركات. لولا القناة الثانية ما عرفت معنى الفن والجمال، استمروا أرجوكم وكونوا على مستوى تاريخكم العظيم. أنا مدين لكم بالكثير. «سألت أبى وأنا صغير عن سر نجاح الأفلام الهندية فقال لى: لأنها تحقق العدل على الشاشة فى ظرف 3 ساعات فقط بينما قد تعيش وتموت دون أن تراه فى الواقع». (من حوار أميتاب باتشان مع منى الشاذلى) نعم عبد الحليم التقى أحمد زكى. قرأت أن عادل إمام دعا صديقه العندليب لمشاهدة مسرحية «مدرسة المشاغبين» اللى كانت حديث البلد، ذهب عبد الحليم ورأى العرض ووقع من الضحك طبعًا وهنأ الأبطال، ومنهم أحمد زكى، لكن اهتمامه كان أولًا بعادل وسعيد صالح.. ما كان يتوقع أحد أن يلعب زكى دور عبد الحليم بعد هذا اللقاء بسنوات طويلة. الغريب هو تشابه حياة الاثنين: هما من نفس المحافظة، وعانيا من اليتم فى سن صغيرة، ومن أسرتين فقيرتين، وهما موهبتان استثنائيتان بامتياز. كانوا يقولون إن الشاعر العظيم هو الذى يقرأ 3 آلاف بيت شعر ويستوعبها ثم ينساها، وأنا أقول لك إنه لكى تكون مخرجًا مهمًّا شاهد أفلام كبار المخرجين فى كل مكان وأوان، تعلّم منهم، وتأثر بهم، لكن عندما تصنع فيلمك الأول، انْسَ ما شاهدت، وإياك أن تقلد ما شاهدت، كل المطلوب منك فقط هو أن تعبّر عن نفسك وتجربتك بصدق وبطريقتك الخاصة مهما كانت. هذه هى أول خطوة: أن تكون صوتك لا أصوات الآخرين، وأن تستوعب التجارب الفنية وتتعلم منها لا أن تنقلها. لأنه مغنٍّ أخنف، فإن كلمة «موجة» تتحول على لسانه إلى «نوجة».. وحشتنى النوجة بتاعة زمان! سهرت منذ أيام متابعًا برنامجًا على التليفزيون التونسى (التلفزة التونسية الفضائية) يتضمن تسجيلًا لحلقة نادرة لسحور من منزل الفنانة الراحلة عليّا التونسية فى شهر رمضان من عام 1971، استضافت فيه فايدة كامل ولبلبة ومحمد العزبى ومجموعة من مطربى تونس الرائعين. الكل غنى وأطرب وأنا انبسطت وتمنيت أن تذاع هذه الحلقة على الفضائية المصرية.. يعيشكم يا أهل تونس يا سمّيعة وربنا يرحم عليّا صاحبة الصوت الرائع. يقول سيدنى لوميت (كتاب فن الإخراج السينمائى- ترجمة أحمد يوسف- المركز القومى للترجمة) إن مارلون براندو أعاد تصوير لقطة 34 مرة فى الفيلم الذى أخرجه لوميت بعنوان (the fugitive kind) دون تذمر ودون أن يطلب تغيير الحوار أو تأجيل التصوير، لكن لوميت يكشف عن أن براندو كان يختبر المخرجين فى أول يوم تصوير، فيقدم نوعين من الأداء للقطة الواحدة: أحدهما عميق وصادق من الداخل، والثانى سطحى من الخارج، وفى ضوء قرار المخرج بطبع أىٍّ من اللقطتين يواصل براندو اختيار الطريقة المطلوبة طوال الفيلم.. يعنى لم يكن يتعب نفسه ويقدم كل ما عنده مع مخرج غير فاهم. كل فيلم عظيم من الناحية الفنية هو بالضرورة فيلم هام فى تاريخ السينما، لأنه يضيف إلى رصيدها كفن مستقل، لكن العكس ليس صحيحًا. يعنى ليس كل فيلم هام هو بالضرورة فيلم عظيم.. هناك أفلام متواضعة جدا من الناحية الفنية، ولكنها هامة فى تاريخ السينما مثل فيلم «أنشودة الفؤاد» الذى يستمد أهميته من كونه أول فيلم غنائى مصرى أو فيلم «إسماعيلية رايح جاى» الذى أعاد الجمهور للسينما، وفتح المجال لجيل كامل من شباب الممثلين والفنيين، وفتح الباب أمام مرحلة الإيرادات المليونية من السوق المصرية، رغم أنه فيلم متواضع فنيا. أهمية الفيلم لا تعنى بالضرورة أنه على مستوى فنى رفيع. لذا وجب التنويه.