ارتاح البعض إلى الاعتقاد بأن «داعش» ينهزم، والحقيقة أن المؤشرات التى تدفع بهذا الاتجاه كثيرة ومتعددة، ولكن هل يمكن الاكتفاء بها لإطلاق مثل هذا الحكم؟ على المستوى العسكرى سُجل نجاح ضربات التحالف الدولى جوًّا وهجمات الجيش العراقى والبشمركة والقوات الكردية بسوريا فى صد تمدد داعش أرضا. حيث سيطر البشمركة والجيش العراقى على مناطق كثيرة كانت قد دخلها داعش الصيف الماضى، وبالمثل حررت القوات الكردية فى سوريا معززة بمقاتلى الجيش الحر كوبانى فى معركة استمرت عدة أشهر ضد داعش . حيث تقدر الخسائر البشرية فى صفوف داعش بين ألف إلى 6 آلاف بينهم قيادات عليا ذات خبرة عسكرية كبيرة. وبالمثل سُجل هروب بعض قادة داعش من صفوفها بعد اختلاس أموال وأيضا هروب بعض عناصرها، بينهم شرعيون عادوا إلى ديارهم مقتنعين بخطأ خيار داعش بعد أن عايشوه عن قرب. بينما فشل آخرون فى الهروب فأعدم تنظيم داعش نحو 200 منهم من جنسيات عربية وأوروبية. فضلًا عن رصد انخفاض المتسللين عبر الحدود التركية للالتحاق ب داعش ، حيث قدّر موقع ذاويك انخفاض المتسللين من 50 إلى 5 فقط يوميا فى المتوسط. وذلك كنتيجة للإجراءات الوقائية التى اتخذتها الدول الغربية والعربية فى المطارات لمنع تسلل المتطرفين للالتحاق ب داعش . كما يُرجح أيضا انخفاض العوائد المالية ل داعش بسبب تشديد الرقابة الحدودية فى تركيا، مما عطل عمليات تهريب النفط. كما أثّر بالقطع انخفاض أسعار النفط العالمية سلبًا على عوائد داعش من النفط الخام المُباع فى السوق السوداء. إلى جانب انخفاض شعبية داعش فى مناطق نفوذه، فقد رُصدت أعمال انتقامية ضد مسؤولى الحسبة نتيجة لغلظتهم فى تنفيذ أحكام عنيفة ضد الأهالى. فضلًا عن تزايد عداء العشائر ل داعش وولاتها، خصوصًا عشيرة الشعيطات فى دير الزور والبونمر بهيت وغيرهما، مما يُرجح انخراط العشائر بشكل فاعل فى قتال داعش ، بالإضافة إلى تراجع كثافة حضور داعش على وسائل التواصل الاجتماعى بعد إلغاء نحو 180 ألف حساب على تويتر مؤيدة للتنظيم وحذف المئات من الفيديوهات الترويجية التى تم بثها من قبل. ورغم أهمية هذه المؤشرات، فإنها لا تكفى فى رأيى للقول بأن داعش يترنح، فهذا أقل ما يمكن حصده بعد حملة قادتها أمريكا وحشدت لها أكثر من 800 ضربة جوية بتكلفة 1.2 مليار دولار فى 6 أشهر. لأنه فى المقابل تتوالى إعلانات البيعة ل داعش فى سيناء وليبيا وبعض مناطق ريف دمشق وغيرها، وفى ذلك صعود للخلايا النائمة وهو الأخطر. وأيضا تستمر طاقة غضب الشباب العربى ضد سياسات دولهم مما يعنى تجنيد المزيد منهم. ولذا فقد تتراجع داعش كدولة تسيطر على أقاليم واسعة، ولكنها تبقى كتنظيم إرهابى يخرب فى مختلف الأقطار ويحقق ضربات موجعة. وحدها الدولة العادلة تستطيع أن تهزم داعش بكل صوره عندما تصل إلى مناطق نفوذ داعش ليس فقط بقواتها المسلحة ولكن أيضا بخدماتها ومشاريعها الاقتصادية، فتوفر فرصة بديلة لشبابها وتعطى قيمة رمزية للالتحاق بمشروعها بدلًا من الالتحاق بمشروع إرهابى وتخريبى. حينها فقط يمكن القول إن داعش هُزم.