فى مانشيت مثير نشرته جريدة «الأخبار»، وفى صفحتها الأولى بتاريخ 14 سبتمبر 1957، يقول: «صاحب الجلالة يتدخل ليحصل لناريمان على الطلاق من أدهم النقيب»، وكانت حكاية ناريمان هذه تشغل الرأى العام المصرى والعربى منذ أن ارتبط بها الملك فاروق، بعدما أجبر أهلها على ترك خطيبها وحبيبها الدكتور محمد زكى هاشم الذى كان يعمل فى مجلس الدولة آنذاك، وافتعل زيارة خاطفة إلى أحد الجواهرجية ليراها ويصافحها، ثم يطلب يدها من والدها، هى الطفلة المدللة عند أهلها، وهرولت العائلة نحو هذا الزواج الملكى السعيد، والذى سوف يفتح كل أبواب الخير واليسر والسعادة للعائلة كلها، وقد تم هذا الزواج بالفعل فى 6 مايو 1951، لكن هذه السعادة المأمولة لم تحدث، إذ حدثت الثورة فى 23 يوليو 1952، أى بعد 14 شهرا من الزواج، وفى 26 يوليو غادر الملك المخلوع مصر وعرشها وشعبها وطموحاته على ظهر الباخرة «المحروسة»، من ميناء الإسكندرية، واصطحب معه زوجته ناريمان. وفى 6 أكتوبر من العام نفسه طلبت ناريمان، وأم ولى العهد أحمد فؤاد الطلاق، لكن فاروقا لم يلبِّ الطلب، لكنها حصلت عليه فى فبراير عام 1954، بعد أن تنازلت عن حضانة ابنها أحمد فؤاد، وكانت قد كتبت مذكراتها فى مجلة إنجليزية، وترجمها كاتب لبنانى ونشرت فى لبنان فى ذلك الوقت، وسردت حكايتها حتى ذلك الوقت، لكنها بعد شهور قليلة تزوجت من الدكتور أدهم النقيب، وأنجبت منه ابنها الثانى أكرم، وتنجح فى الطلاق منه بعد أن تدخل كثيرون ومنهم صاحب الجلالة كما يقول المانشيت، لكن على الصفحة الثالثة وفى ذات الجريدة تنشر الجريدة أكثر من مانشيت، يقول المانشيت الأول: «ناريمان تعاتب فريد الأطرش فى لبنان»، أما المانشيت الثانى فيقول: «عندما أقسمت ناريمان أن تصفع فريد الأطرش، ما سبب العتاب!»، وتجرى الصحيفة حوارا مع السيدة أصيلة هانم صادق، وتطرق الحوار إلى أسئلة خاصة ومحرجة وليست إنسانية، أسئلة من طراز: «ألم تجتمع ناريمان مع فريد الأطرش فى لبنان عند وجوده منذ أسبوعين؟ من أين تنفقان؟ وهل بعتما المصاغ الذى تركه لكما الملك لتعيشا منه؟»، وهكذا أسئلة حادة وجارحة، لكن فى ما يخص الفنان فريد الأطرش نفت السيدة أصيلة خبر لقاء ناريمان مع فريد الأطرش، وحكاية نزولهما فى فندق واحد، لا يعنى أنهما التقيا، وقصة ناريمان وفريد لا تبدأ فى تلك اللحظة من الزمان، لكن لها جذور قديمة، إذ إن فريد الأطرش كان قد تعرَّف عليها بعد طلاقها وعودتها إلى مصر، وراحت صديقات ناريمان يقمن لها حفلات سمر، وكانت محطمة الأعصاب، وحالتها النفسية فى الحضيض، إذ فقدت البيت الملكى والزوج والولد والجاه والمال وكل أشكال الأبَّهة التى كانت تعيش فيها، وأصبحت مواطنة مصرية عادية أو شبه عادية. وفى إحدى الحفلات كان فريد حاضرا بنجوميته الفنية، وغنَّى فى تلك الحفلة البعيدة، وأبدت ناريمان إعجابها بما غنَّاه، وأثنت عليه وعلى غنائه، بل إنها طلبت منه فى الحفل أن يغنى بعضا من أغانيه التى تحبها، مما أثلج صدر فريد، وجعله يهتم بها اهتماما خاصا، بعد أن تزوجت سامية جمال الرجل الأمريكانى الذى أسلم وغيّر اسمه إلى عبد الله شبرد كينج، وكانت قد يئست من زواج فريد منها، فأقبلت على تجربتها القصيرة مع الرجل الأمريكانى، وحاول فريد أن يتقرب من ناريمان، ربما انتقاما من سامية جمال، وربما من الملك فاروق الذى عنّف سامية عندما عقدت علاقة عاطفية مع فريد، وهذا جانب من صراع فاروق مع غرمائه من الفنانين والساسة ورجال الأعمال حول المرأة عموما، لكن بعد هذا اللقاء الذى تم بين فريد وناريمان راح فريد يكلّف أبو السعود الإبيارى بكتابة قصة فيلمه «قصة حبى»، واشترط على أبو السعود أن يكون اسم البطلة «نورا»، وهو الاسم الذى كان فاروق يدلل به ناريمان، وبعدها اجتمع فريد مع محمود فهمى إبراهيم الذى كتب لفريد عددا وافرا من الأغانى، وكلّفه فريد بكتابة أغنية يذكر فيه اسم نورا، وبالفعل كتب له الأغنية التى تبدأ ب: «نورا يا نورا يا سنيورة.. يا وردة غالية ف بنّورة». وبعد ذلك شاعت فى الأوساط علاقة فريد بناريمان، وأنه تقدم إلى خطبتها، وردا على ذلك أصدرت السيدة أصيلة والدة ناريمان بيانا لتوضيح هذا الالتباس، ونفت هذا الكلام جملة وتفصيلا، وقالت فيه ما يجرح فريد الأطرش، إذ قالت فى نص بيانها: «إن فريد لم يتقدم إلى خطبة ابنتها، ولا بد أن يعرف الفوارق الاجتماعية بين الطرفين، حيث لا تعتقد أنه يفكر فى مثل هذا التفكير»، وبعد نشر هذا البيان صُدم فريد من هذه اللهجة الحادة، وما اعتبره إهانة بالغة له ولأسرته، وكما تقول صحيفة «الأخبار» فإن صحف العالم اهتمت بالخبر ونشرته، وقالت صحيفة «الديلى إكسبريس» إن ناريمان حطّمت أسطوانات فريد. وإزاء ذلك أصيب فريد بأزمة صحية حادة، واستدعى «كونصلتو» من ستة أطباء يباشرون حالته، وقاموا بعمل أشعات على صدره بعد أن نقلوا جهاز الأشعة إلى منزله، حيث لم يكن قادرا على مغادرة المنزل، لكنه استدعى الصحفيين إلى منزله، وقال فى ما يشبه المؤتمر الصحفى: «إننى أقولها بصراحة تامة بأن ناريمان سوف تندم فى يوم ما على الكلمات التى قالتها، وإنها هى التى كانت ستكسب من وراء زواجى بها قبل أن أكون أنا الرابح، لكن بعد هذا التصريح أغلقت الباب نهائيا على مجرد التفكير فى هذا الزواج، وأنا لا أقول هذا الكلام لمجرد التفاخر أو الغرور، لكننى متأكد من أننى ابن أصل ومن عائلة كريمة، وفوق هذا فإننى (عصامى)، بنيت حياتى من عرقى وكفاحى، ولم أعتمد على صلة القرابة أو المصاهرة لكى أمتصّ الأموال أو أكسب بطرق غير مشروعة»، وأثار هذا الكلام السيدة ناريمان، والسيدة أصيلة، والكلام عن الأصل والجذور أثارهما بشكل جارح، فتبادل الطرفان التصريحات والبيانات، وكانت الصحافة تعمل على إشعال وقود الحرب بين الطرفين.