صحيفة «وول ستريت جورنال» نشرت تقريرا لروبرت ساتلوف المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى؛ تناول فيه كيفية تعامل الولاياتالمتحدة مع الوضع السياسي الجديد في مصر بعد صعود الإسلاميين إلى السلطة. ساتلوف قال إنه من وجهة النظر الأمريكية، الوضع في مصر أشبه بالكابوس، فبعد عام واحد من نجاح ميدان التحرير في الإطاحة بالطاغية مبارك، يستعد الإسلاميون للاستفادة من «سلطة الشعب». وأوضح أنهم على عكس الليبراليين أو العلمانيين أثبتوا براعة وذكاء في العملية الانتخابية، بعدما فاز حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي للإخوان المسلمون وحزب النور الأكثر تشددا بنحو ثلثي المقاعد في البرلمان المصري؛ ودفع كلاهما الضريبة الكلامية بالحديث عن احترام التزامات مصر الدولية، إلا أن القادة الأمريكيين لا يمكنهم تجاهل حقيقة أن الشراكة الأمنية بين واشنطنوالقاهرة لأكثر من 30 عاما في خطر شديد. وتابع أنه رغم معسول الكلام الذي يردده البعض حول صعود الإسلاميين وأن مسؤولية الحكم ستدفعهم نحو الإعتدال؛ فإن التجربة تشير إلى خلاف ذلك، وقد أثبتت الحكومات الإسلامية في إيران والسودان وغزة صمودا وعندا لا هوادة فيه تحت الضغوط الدولية الكبيرة التي ليس من المرجح أن تواجه مصر أي منها قريبا. وضرب مثلا بنموذج تركيا التي مرت بأجيال من الحكم الذي يشرف عليه العسكريون قبل صعود الإسلاميين، ما أدى إلى ابتعادها عن الساحة الدولية بسبب سياسة الجنرالات، وذلك قبل أن تتوصل إلى صيغة للحكم. ورجح أن تعهد قادة الإخوان بطرح معاهدة السلام المصرية-الإسرائيلية للاستفتاء الشعبي، مجرد استراتيجية يعتقدون أنها ستسمح لهم بفسخ المعاهدة دون تلقي اللوم عن ذلك، وهكذا فإن الجماعة سترواغ لإلغاء الاتفاقية التي منعت الحرب لأكثر من ثلاثة عقود ما يوضح تفضيلها للتطرف على الواقعية. وجزم أن مصر تحت حكم الإخوان تظهر ميلا نحو التأجيج، بدلا من مكافحة التطرف العنيف، مدللا على ذلك بدعوة الإخوان للجماعة الاسلامية للانضمام إلى ائتلاف، وهو ما اعتبره مصدرا للقلق الشديد؛ لافتا إلى أن الجماعة الإسلامية منظمة إرهابية وفقا للتصنيف الأمريكي، وأحد أهم أولوياتها مطالبة واشنطن بإطلاق سراح عمر عبد الرحمن، «الشيخ الكفيف» المتورط في الهجوم على مركز التجارة العالمي عام 1993. واعتبر أن واشنطن ما زالت تملك بعض الأصول للحفاظ على أسهمها في مصر، مثل المساعدات العسكرية الأمريكية التي تقدر ب 1.2 مليار دولار والتي تمثل ميزانية مشتريات للقوات المسلحة المصرية، لافتا إلى الإسلاميين يريدون ابتعاد الجيش عن السياسة، ولكنهم يريدون تجنب تهمة إضعاف البلاد ماديا. وقال إن رسالة واشنطن لقادة القاهرة الجدد لتحديد علاقتها بمصر، ينبغي أن تتلخص في أن الدعم المباشر وغير المباشر يجب أن يكون مشروطا بتعاونهم في الحفاظ على السلام مع إسرائيل، والحفاظ على التعددية السياسية والحقوق الدينية وحقوق الأقليات، وبناء على ما سيفعله حكام مصر الجدد بشأن هذه القضايا. وفيما يتعلق بإسرائيل، فإن مجرد عدم إلغاء معاهدة السلام ليس كافيا، بعد أن تم تجريد العلاقة بين مصر وإسرائيل من محتواها كثيرا؛ حتى أنه لم يتبق فيها الكثير سوى مجرد غياب الحرب. ورأى في التزام مصر باستثمار الموارد البشرية والمادية لتأمين شبه جزيرة سيناء اختبارا أكثر فائدة؛ لأن هذه الجهود ستمنع المنطقة من أن تصبح مثل غزة في الخمسينيات وجنوب لبنان في السبعينيات، ملاذا آمنا للإرهابيين الذين من المرجح أن يجروا مصر وإسرائيل إلى الصراع في نهاية المطاف. وإختتم أن مجرد حماية أمن مصر وإسرائيل والدفاع عن التعددية وحقوق الأقليات ستكون بعيدة كل البعد عن الشراكة القوية التي كانت متأصلة في السنوات الماضية، ولكن بفرض أن الولاياتالمتحدة ستتعامل مع الوضع الحالي فإن هذا النهج سيمثل فرصة أفضل للحفاظ على أكثر ما يهم المصالح الأمريكية على المدى الطويل.