المتهم: الناس كلها بتقول «يا مُزّة».. ولو الكلمة دى تحرش يبقى الشعب كله لازم يدفع المجنى عليها: السائق ضحية وليس مجرما.. وندمت على تحرير له لما عرفت أنه هيتسجن حُكم محكمة جنح قصر النيل، الصادر برئاسة المستشار أحمد عبد الله بتغريم مدحت طلعت، 28 سنة، 5 آلاف جنيه، عقوبة على تحرشه لفظيا بالمجنى عليها مارينا س. ذ. 20 سنة، طالبة جامعية، وقت مشتاركتها وقفة احتجاجية نسائية بميدان الأوبرا، عشية تنصيب «السيسى» رئيسا للجمهورية، أثار التساؤلات، حتى إن المجنى عليها نفسها تمنت لو لم تتقدم ببلاغ ضده، والسبب أن الشاب مدحت لم تتعدَّ جريمته معاكسة لفظية من النوع الدارج فى الشارع المصرى حينما وصف الفتاة ب«المزة» فى إشارة إلى جمالها، وهى معاكسة تتردد آلاف المرات على مسامع السيدات والبنات طيلة سيرهن فى الشارع. «التحرير» حاورت المجنى عليها مارينا والمتهم مدحت طرفى الواقعة المثيرة التى شغلت الرأى العام لأيام مضت. البداية كانت بمفاجأة فجرتها مارينا أمام قاضى التحقيقات بتنازلها عن محضر التحرش المقدم منها ضد سائق التاكسى، وهو ما جعل القاضى يكتفى بتطبيق الحد الأدنى من العقوبة وهى الغرامة وقيمتها 5 آلاف جنيه، حيث بدأت مارينا حديثها قائلة: «كنت مشاركة فى وقفة نسائية احتجاجية بميدان الأوبرا السبت الماضى، وفى أثناء وقوفى رافعة إحدى اللافتات المناهضة للتحرش فوجئت بسائق تاكسى يقول لى (يا مزة)، فقمت بالنظر إليه باستغراب واستنكار لما بدر منه، ولكنه نظر إلىّ وتكلم مستهزئا: (أيوه انتى مُزة)، وهو ما استفزنى بشدة ودفعنى إلى الطرق بشدة على سيارته، وذلك لتنبيه باقى الحملة بوجود (متحرش لفظى)، وبالفعل احتشد المشاركون وقاموا بإنزاله من السيارة، وتسليمه إلى الشرطة الموجودة للتأمين». مارينا أكملت حديثها منوهة بأنه «على الرغم من عدم اقتناع الضباط الموجودين بالوقفة بجسامة الحدث فإنهم قاموا باتخاذ كل الإجراءات القانونية تجاهه، وأحسست بتناقض غريب بداخلى، وذلك لاقتناعى الكامل بخطأ المتهم وضرورة عقابه ولضمان عدم حدوث فعل مماثل لفتاة أخرى، وبين معارضة ما قمت به، وذلك لأن المتحرش هو ضحية لمنظومة فاسدة، وانعدام الأخلاق»، وأضافت: «فكرت فى المعاملة التى سوف يلقاها السائق داخل السجن، ومستقبل أسرته». وتضيف الفتاة الجامعية: «بعد ليلة من التصارع النفسى بداخلى قررت الذهاب إلى النيابة والتحدث مع السائق والتناقش معه لكى أستطيع أخذ قرار بشأن تلك الواقعة، وحينما ذهبت إلى المحكمة فوجئت بأن الجلسة قد حددت ليوم الثلاثاء الماضى بسرعة لم أكن أتوقع أنها موجودة فى القضاء المصرى، حيث إن الواقعة حدثت السبت والجلسة الثلاثاء! وحينما تقابلت مع المتهم فى المحكمة (قبل العرض على القاضى) وتكلمت معه أحسست بأنه بالفعل ضحية وليس مجرما، حيث كان اللقاء بيننا كالتالى: قلت له: مش انت إنسان؟ رد قائلا: آه، فقلت له: هل هاتبقى مرتاح ومطمن لما كل ما تعدى من قدام حد يرمى كلمة على جسمك أو شكلك أو يضربلك كلكس بالعربية أويمد إيده عليك؟ انت ترضها لنفسك؟ قالى: لأ طبعا، قلت له: خلاص ما دام ماترضهاش لنفسك يبقى ما ترضهاش ليا ولا لأى حد لأنه إنسان زيى زيك». وأضافت مارينا قائلة إنها «حينما دخلت إلى قاضى التحقيق وأخبرته بقرار تنازلى تعجب، فقمت بشرح أسبابى له، فأخبرنى بأن القانون ينص على وجوب الحكم حتى مع التنازل، وذلك لضمان حق المجتمع»، واختتمت مارينا أنها حين علمها بالغرامة الكبيرة الموقعة على السائق تمنت بأن يرجع الزمن إلى الوراء خمسة أيام فقط حتى لا تحرر محضرا. وعلى الجانب الآخر بدا السائق المتهم منفعلا وقال ل«التحرير»: «أنا مظلوم... وماعملتش حاجة ومش عايز اتكلم مع الصحافة»، وبعد تهدئته استأنف الحديث: «كنت قادما من الدقى متوجها إلى التحرير وشاهدت عند ميدان الأوبرا مجموعة من الفتيات على جانبى الطريق، واقتربت واحدة منهن لإعطائى منشورا عن التحرش لإلصاقه على السيارة، فتحدثت إليها قائلا (ماشى يا مزة)، ولم أتحرش بها، وفوجئت بأنها قامت بالصياح بصوت عالٍ: (إلحقونى متحرش)، وقامت بالطرق بشدة على السيارة، والتف حولى عدد من الفتيات والسيدات الموجودات بالميدان، مما استدعى أفراد الشرطة الذين قاموا بإلقاء القبض على دون التحدث معى أو الاستفسار عن الواقعة». وأضاف مدحت بأنه «ابن بلد وما ينفعش اعاكس علشان عندى إخوات بنات»، لافتا إلى أن القانون الجديد للتحرش يمنح الفتيات مبررا للزج بالشباب إلى السجون دون أدلة، لافتا إلى أن كلمة «مزة» هى كلمة دارجة عند المصريين، وأن جميع أطياف الشعب يستخدم تلك الكلمة، متسائلا: «هل يعنى ذلك بأن الشعب المصرى كله متحرش؟ وإذا كان كده يبقى كل الناس لازم تدفع غرامات». واستكمل السائق: «حكم المحكمة تسبب فى خراب بيتى، حيث إننى سائق تاكسى على باب الله وأعمل طيلة اليوم لتلبية احتياجات أسرتى وأعيش فى الجراج وليس لى سكن بالمعنى المفهوم، وأوفر جزءا من عملى اليومى لتسديد ديونى، وأصبحت مهددا بالسجن 90 يوما لعدم تمكنى من دفع الغرامة، ومش عارف أسرتى هتعيش ازاى فى غيابى».