انفراجة قريبة فى الأزمة بين مصر إثيوبيا بخصوص سد النهضة، هذا ما يبدو بعد التصريحات المتكررة من الجانبَين وتحديدًا من أديس أبابا، حيث أعلنت ترحيبها بأى مقترحات مصرية حول الأزمة، ودعت مصر للانضمام إلى اللجنة الثلاثية مع السودان، وفي المقابل جاءت تصريحات مصرية مرحّبة بالتفاوض الجاد للوصول إلى حلول مرضية للجميع. فى هذا السياق، علمت «التحرير»، من مصادرها الخاصة، أن لجنة الأمن المائى التى شكلتها وزارة الخارجية وتضم خبراء، أبرزهم الدكتور محمود أبو زيد وزير الرى الأسبق ورئيس المجلس العربى للمياه، قدّموا تقريرًا وافيًا بشأن المطالب أو الشروط التى يجب على مصر التمسُّك بها، للحفاظ على حقوقها التاريخية فى المياه. أبو زيد أكد أن هناك تقريرًا تم رفعه إلى وزارة الخارجية حول شروط ومطالب مصر من إثيوبيا فى ما يتعلق بأزمة سد النهضة، مضيفًا أنه يعتقد أن «الخارجية» رفعت التقارير إلى الجهات المختصة لتكون جاهزة فى أى مفاوضات جادة والتى باتت قريبة جدًّا. رئيس المجلس العربى للمياه كشف عن بعض ما جاء بالتقرير، والذى يتمثّل فى مشاركة القاهرة مع أديس أبابا فى تشغيل السد وإعادة تحديد المقاسات والارتفاعات الخاصة به لعدم التأثير على حصة مصر من المياه، إلى جانب إعادة النظر فى سعة التخزين. وزير الرى الأسبق رحَّب بالتصريحات الإيجابية من الجانب الإثيوبى، مشيرًا إلى أن الحوار هو الخيار الأمثل لحل المشكلات بين الطرفين والتوصل إلى حلول مرضية للجميع دون التسبب فى أى ضرر وأى خلافات يحكّم فيها خبراء دوليون. وفى السياق نفسه، اقترح وزير الرى الأسبق الدكتور محمد نصر علام، أن تتقدّم مصر بمبادرة تطرح خلالها مطالبها ووسائل تحقيقها، بشرط أن تتوفر فيها ثلاثة أشياء، أولها أن لا يكون هناك طرف مهزوم من الناحية السياسية، وثانيها أن تحترم مصر احتياجات إثيوبيا من المياه والسدود، لتحقيق تنمية ومراعاة عدم المساس بحصة القاهرة من المياه، وثالثها أن تقوم المبادرة على مبدأ عدم الإضرار طبقًا لاتفاقية الأممالمتحدة عام 1997، والاتفاق المبرم بين مصر وإثيوبيا عام 1993. علام طالب فى تصريحات خاصة بأن تكون هذه المبادرة للتفاوض بين البلدين ثم تطرح بعد ذلك على المستوى الإقليمى لإنهاء الأزمة، مشيرًا إلى أن مصر ترحّب بأى مفاوضات جادة للحفاظ على حقوقها وحصتها من المياه، لافتًا إلى أن اللجنة الثلاثية أثبتت فشلها وعدم جدواها، كما أن دخول السودان فى المفاوضات أمر غير مجدٍ، لموقفها المنحاز مع أديس أبابا. وأوضح علام أن المفاوضات الثنائية الأفضل للخروج بنتائج إيجابية تطرح على المستوى الإقليمى، للوصول إلى توافق عام وإنهاء الأزمة، مطالبًا بضرورة الدخول فى مفوضات جادة لأن التصريحات لا قيمة لها خصوصًا لاستمرار إثيوبيا فى بناء السد. من جانبه، أكد خبير الرى والمياه الدكتور مغاورى شحاتة، أن تصريحات إثيوبيا حول المفاوضات مع مصر تتميّز بالمرواغة والخداع، مشيرًا إلى أن تقرير اللجنة الثلاثية واضح للجميع، حيث طالب أديس أبابا بالتوقف عن إنشاء السد لضرره البالغ على مصر. خبير المياه والرى أوضح أن المقترحات المصرية يعلمها جيدًا الجانب الإثيوبى، وتتمثَّل فى المشاركة فى إدارة هذا السد وتقديم أديس أبابا دراسة مستوفاة لتلاشى كل المخاطر، إلى جانب الاعتراف بحصة مصر التاريخية من المياه وإخطارها مسبقًا بأى مشروعات يتم إنشاؤها على النيل. شحاتة أوضح أن مصر لا تعترض على رغبة إثيوبيا فى توليد الكهرباء ومستعدة لمساندتها فى ذلك، ولكن بشرط عدم المساس بحقوقها فى المياه، مطالبًا أديس أبابا بالتوقف عن بناء السد والجلوس على طاولة مفاوضات حقيقية جادة، للتوصّل إلى حلول لإنهاء الأزمة.