الصورة الذهنية التى لا تنسى للأزهر، هى خيول الحملة الفرنسية وهى تدهس صحنه الشريف بسبب آراء أئمته السياسية، ومشايخه وهم يخطبون ضد الاحتلال الإنجليزى، وعبد الناصر وهو يحمس الجماهير من فوق منبره، هذا الدور السياسى الذى افتقده الأزهر طوال الثلاثين عاما الماضية بدأ يستعيده أمس فى لقاء القوى السياسية مع شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب لبحث تفعيل وثيقة الأزهر. الاجتماع الذى بدأ وسط حراسة مشددة للمشيخة من قبل الشرطة العسكرية تحدث فيه الطيب عن أن تنوع الاجتهادات حول استراتيجية المستقبل سيؤدى إلى تقاطع وتنابذ فكرى، ولن يكون حصاده إلا ثمرا مرا للوطن، وأن الدساتير فى حقيقتها إنما هى تعبير عن هوية الأمة، ومصالح المجتمع، كما أن تنوع الاجتهادات حول البناء السياسى القادم لن يكون تنوعا محمودا إلا إذا ظل فى إطار وحدة الوطن. الطيب أضاف أنه إذا كانت الدعوة إلى مبادئ فوق دستورية تمثل عند بعضنا حائلا دون الاتجاه الواحد إلى صياغة البناء الدستورى، فإن البعض الآخر يراها التفافا على إرادة الجماهير، التى أعلنتها فى الاستفتاء الأخير. مضيفا أنه قد أثير جدل طويل حول مدنية الدولة، غير أن العبرة ليست بالألفاظ ولكن بالمضمون والتشريع الذى يحكم المجتمع، والأزهر أعلن أكثر من مرة أنه يقف على مسافة واحدة من جميع الفرقاء، ويتابع بكل دقة أطروحات الجميع حول مستقبل مصر ويعلن أنه لن يخوض غمار العمل السياسى ولا الحزبى، ولن يدخل فى السياسة بمفهومها المعتاد ولكنه يتحمل دورا وطنيا تجذر فى التاريخ للحفاظ على حضارة الأمة وثقافتها وهويتها، ومن منطلق هذا الدور وهذه المسؤولية التى يشعر بثقلها تمت دعوة الجميع للنظر فى التوافق حول وثيقة الأزهر كحل يخرج به الناس من ضيق الاختلاف وخطره إلى سعة الآفاق الرحبة والتعاون الجاد. الطيب أوضح أن وثيقة الأزهر مجرد إطار قيمى يصون شعبنا وثوابته ويعتبر الدولة الوطنية الدستورية ديمقراطية من ثوابت المطالب الوطنية بكل ما تستوجبه من مواطنة كاملة وتداول حقيقى للسلطة يمنع احتكار فريق لها. حضر اللقاء 7 من مرشحى رئاسة الجمهورية هم الدكتور محمد البرادعى والدكتور محمد سليم العوا وعمرو موسى وحمدين صباحى وعبد الله الأشعل وأيمن نور وممثلين عن كل من هشام البسطويسى وعبد المنعم أبو الفتوح، كما حضر ممثلون عن حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين وكذلك الجماعة الإسلامية، بينما تغيبت جماعة الجهاد وعدد من التيارات السلفية، بينما حضر ممثل عن الدعوة السلفية وآخر عن حزب النور، وانتهى اللقاء الذى دام ساعتين إلى توافق جميع الحضور على وثيقة الأزهر كمرشد للدولة المصرية الحديثة القائمة على الديمقراطية ومرجعيتها الشريعة الإسلامية. وانتهى اللقاء الذى أصدر بيانا حمل أسماء جميع القوى ال39 المشاركة فيه، إلى أنه «بعد مناقشات مستفيضة حول الوثيقة تم الاتفاق بالإجماع عليها وعلى ما تحتويه من مبادئ، وتعتبر غير ملزمة لنا جمعيا بوصفها الهادية والاسترشادية للأمة فى هذه المرحلة الدقيقة فى حياتنا».