عندما طالعت التنويهات على شاشات التليفزيون، وهى تشير إلى أن «الإخوان» على لسان أحد قادتهم، قد عرضوا التراجع خطوة أو خطوتين للوراء، أدركت على الفور أن فى الأمر خطأ أو خديعة كما تعوّدنا من «الإخوان» على مر تاريخهم، خصوصًا حين عرفت أن القائل هو الدكتور جمال حشمت. فقبل أسبوع واحد كان الدكتور حشمت «الذى بدا فى فترة ما بثوب الاعتدال داخل الجماعة» يظهر على شاشة «الجزيرة»، لينضم إلى حملة التهديد والوعيد الإخوانية التى سبقت فشلها العظيم فى 19 مارس. وكان الرجل يؤكد بكل ثقة أن الإخوان راجعون، ويشد من أزر الإرهابيين من جماعته وحلفائها بأن هناك حدثًا يرتب له الإخوان، سيضرب النظام فى العمق فى أقرب وقت!! وبالعودة إلى حديث «الخطوة والخطوتين» والذى عاد الرجل فأوضحه فى تصريحات لاحقة، فإن «التراجع!!» الذى يشير إليه الدكتور حشمت يعنى -قبل أى شىء- عودة المعزول مرسى للحكم!! ويعنى غض النظر عن كل جرائم مرسى والإخوان فى حق الوطن!! ويعنى أنهم كانوا على حق فى كل ما فعلوه!! ولكنهم -وفقًا لوصفة الدكتور حشمت- سيتنازلون من أجل الحبايب ومن أجل الوطن الذى يعيثون فيه فسادًا وإرهابًا وخيانة. أما التنازل -وفقًا لوصفة حشمت- فهو دعوة شباب الثورة للانضمام إلى إخوان الإرهاب وحلفائهم فى سعيهم لتدمير الدولة، مقابل أن يشركوهم معهم بعد ذلك فى السلطة كما فعل سى الغنوشى فى تونس!! يتناسى هذا الطرح أن الشراكة التى حدثت فى تونس كانت هى المطروحة فى مصر بعد ثورة يناير، لكن «الإخوان» آثروا أن يكونوا عملاء لأمريكا بدلًا من أن يكونوا حلفاء للقوى الوطنية فى مصر!! ويتناسى هذا الطرح أن إخوان تونس كانوا فى طريقهم لتقليد إخوان مصر، لولا الموجة الثانية من الثورة المصرية فى 30 يونيو التى اقتلعت حكم الإخوان الفاشى، وأسقطتهم إلى الأبد!! ويؤكد هذا الطرح أن «الإخوان» قد أصبحوا خارج الواقع وخارج الزمن. وأنهم يتصورون أنهم ما زالوا قادرين على الخداع بعد أن سقطت كل الأقنعة عن وجوههم، وبعد أن تحولوا إلى فصيل يجمع بين الإرهاب والخيانة، ويرفع شعار «آسفين يا بن لادن»!! ويقتل المصريين ويهدّد علنًا بحرق مصر، ويتسوّل -بلا خجل- التدخل الأجنبى فى شؤون الوطن الذى لم يعرف يومًا معنى الانتماء إليه!! يتحدث الإخوان (فى برنامج الخوطة والخطوتين) عن تنازلات يقدمونها!! والحقيقة أنهم -بعد السقوط- لا يملكون إلا الإرهاب المنحط الذى يمارسونه مع حلفائهم، وبدعم من أمريكا وأذنابها فى قطر وتركيا، وبالتنسيق مع شراذم الإرهاب التى يجمعونها من كل مستنقعات الإرهاب فى العالم ليوجّهوها ضد مصر.. فهل سيتوبون عن إرهابهم، ويوقفون جرائمهم، ويقدّمون المطلوبين للعدالة، لينالوا جزاءهم، ويعتذرون للشعب، ويتوبون إلى الله عما فعلوا ويفعلون؟! قد تكون التعليمات قد صدرت لإخوان الإرهاب للمشاركة فى الانتخابات البرلمانية القادمة ما داموا قد فشلوا حتى الآن فى منع تنفيذ خطوات خريطة المستقبل. وقد تكون الأخطاء التى وقعت منا بعد 30 يونيو قد أغرت «إخوان الإرهاب» بمحاولة الخداع مرة أخرى، غير مدركين أن الخلاف بين قوى الثورة شىء.. والوحدة فى مواجهة إخوان الإرهاب وحلفائهم شىء آخر!! ويبقى أمران لا بد من الإشارة إليها: ■ أن «الإخوان» قد حكموا على أنفسهم بأن لا يكون لهم حلفاء إلا من العصابات الإرهابية التى خرجت من أحضانهم وتربّت على تكفيرهم للمجتمع، خصوصًا بعد سيطرة القطبيين على التنظيم، ليرفعوا فى النهاية شعار «آسفين يا بن لادن».. فهل يمكن لثوار حقيقيين أن يمدّوا أيديهم لمن استباحوا دماء المصريين وأهدروا كل القيم الإنسانية وأساؤوا للدين الحنيف؟! ■ فى المقابل.. علينا ونحن نواجه إرهاب «الإخوان» وحلفائهم، أن نسرع بتصحيح كل الأخطاء التى نقع فيها، وأن نستعيد وحدة كل القوى التى أنقذت مصر واستعادت الثورة فى 30 يونيو، وأن لا نترك بعض شبابنا يلجأ إلى السلبية أو يبتعد عن صفوف الثورة مهما كان الخلاف فى وجهات النظر. ولنترك «إخوان الإرهاب» لمصيرهم المحتوم. يتقدّمون خطوة فخطوة فى مستنقع الإرهاب، أو يتراجعوا خطوة أو اثنتين فى طريق الخداع والتضليل. وفى الحالتين يكتبون لأنفسهم أسوأ نهاية، بعد أن سقطت عنهم كل الأقنعة!!