واحد من أشهر الصفعات فى السينما المصرية، تلك التى قام بها المعلم حنفى حين نزل ب«قلم» محترم على خد مدام حنفى معلنا انتقال السلطة منها إليه فما كان من مدام حنفى إلا أن «فقعت زغرودة» فرحة بالنهاية السعيدة للفيلم. عبد الفتاح القصرى أو المعلم حنفى بطل واحد من أجمل وأمتع أفلام السينما المصرية «ابن حميدو» هو جدع صادق شهم لكنه مسالم يقبل على نفسه أن تتحكم به زوجته «مدام حنفى» أو الفنانة الجميلة سعاد أحمد، فكانت كلما نطق بكلمة أو عبّر عن رأى أو ثار على وضع لا يعجبه هاتفا «أنا قلت كلمة وكلمتى لا ممكن تنزل الأرض أبدا» إذا بها تنظر إليه مكشرة عن أنيابها قائلة «حنفى» فلا يكون من المعلم حنفى إلا أن يرد صاغرا «خلاص هتنزل المرة دى لكن اعملى حسابك المرة الجاية لا ممكن تنزل أبدا». ظل حنفى تاركا لزوجته الحبل فتشبثت هى بالسلطة وكانت بنتاه حميدة وعزيزة هما الضحايا، بل إنه حين تعّرف على حسن وابن حميدو كانت هى المتحكمة فى سير العلاقة ووقفت تشرف بنفسها على حفل إطلاق السفينة نورماندى هاتفة مع المعلم حنفى «أيها الإخوان المجتمعين فى هذا الصوان من سالف العصر والأوان نسلم حسن أفندى القبطان وابن حميدو أفندى القرصان المفتاح الذهبى للباخرة العظيمة نورماندى تو.. تو.. تو.. سيرى يا نورماندى باسم الله مجراكى ومرساكى» لكن نورماندى لم تنطلق بل غرقت! هكذا صارت حالنا، مثل حال المعلم حنفى حين عبّرنا عن رأينا وثُرنا فوقفت لنا مدام حنفى بالمرصاد فما كان لنا إلا أن سلمنا السلطة إليها. وقفنا نتفرج عليها وهى تتحكم بنا فقتلت أولادنا وقامت بتعذيبهم وسحلهم وتبولت عليهم بل واستباحت أعراضهم أيضا، لماذا؟ لأننا ارتضينا أن نكون لعبة فى يد مدام حنفى فكانت النتيجة أن غرقت نورماندى. وحين شعرت مدام حنفى بخروج بناتها عن السيطرة قررت أن تأتى بالباز أفندى ليحقق لها كل مخططاتها فما كان من الباز أفندى إلا أن لفق الاتهامات لحسن وابن حميدو ليتخلص منهما، وربما لو تم تصوير الفيلم الآن لكان توفيق الدقن قرر أن يدس لهما أجندة بدلا من الحشيش ويخرج مهللا بأنهما تم تدريبهما فى إيران، وأنهما يتلقيان تمويلا من أمريكا، وأن قواته كانت تدافع عن نفسها أمام القراصنة الكبار حسن وابن حميدو قبل أن «يشخط» فى وجه أى صحفى يسأله عن حقيقة ما حدث أو يدافع عن الأبرياء الذين قُتِلوا، قائلا «مين البعض دول؟ إنت من البعض؟» ثم ينسحب تاركا أتباعه يكملون مهمتهم المقدسة لإبقاء السلطة فى يد مدام حنفى. هل كان المعلم حنفى يدرك حقا ما يفعله؟ هل كان يعلم أن رضاه أمام سطوة زوجته قد يجنى على ابنتيه عزيزة وحميدة؟ هل كان يعرف أن صمته العاجز المستكين سوف يؤدى إلى هذه النهاية المفزعة؟ ولو كان المعلم حنفى يعرف المستقبل هل كان سيثور أمام سطوة زوجته أم سيحنى لها رأسه ويتركها تفعل به ما تريد؟ ربما كان ليثور ضدها أو ربما كان سيتحالف معها من أجل مصالحه دون أن يدرك أن أولاده سيكونون من ضحاياه. إلى كل معلم حنفى ما زال قابعا فى منزله راضيا بمعرفة الأخبار من التليفزيون المصرى قائلا إن الباز أفندى راجل محترم وطيب وندّيله فرصة، انزل واعرف الحقيقة بنفسك قبل أن تجد الثورة راحت وتترحم فعلا على الأيام الماضية، انزل فلم يعد هناك شىء باق بعد أن أجهضوا الثورة وأسقطوا الشهداء وتبولوا على أولادنا ولفقوا لهم التهم وهتكوا عرض البنات، انزل قبل أن تندم حين لا ينفع الندم، انزل فإن نورماندى مصيرها فى يدك، إما أن تتركها لمدام حنفى لتغرق بها وبنا، وإما أن نتعاون معا لننقذها حتى تصل الباخرة العظيمة نورماندى إلى بر الأمان. انزل واصفع مدام حنفى حتى تنزل التترات بالنهاية السعيدة وتسير نورماندى.