«والآن.. أيها الإخوان.. المجتمعين في هذا الصوان.. من سالف العصر والأوان.. أسلم حسن أفندي القبطان.. وابن حميدو القرصان.. المفتاح الذهبي للباخرة نورماندي تو»..هكذا إفتتح الريس حنفي شيخ الصيادين حفل تدشين الباخرة العملاقة نورماندي تو.. وبنظرة بسيطة إلي الباخرة المهيبة قبل قيام الست أم حميدة بتدشينها سوف يبدو للرائي من الوهله الأولي أن الباخرة كانت بحاجة إلي الكثير من الإصلاحات قبل بيعها.. هذا بالإضافة إلي أنها ينقصها الكثير والكثير لكي نستطيع إطلاق لقب باخرة عليها من الأساس.. ولكن الريس حنفي قرر بيعها علي تلك الحالة.. لهذا كان طبيعياً أن تختفي تحت المياه وتغرق بمجرد تدشينها ! بنفس هذا المنطق الإفتتاحي إختار النظام الحاكم تدشين مشروع التوريث بالإعتداء علي المتظاهرين والناشطين السياسيين من قبل قوات الأمن أثناء إحيائهم لذكري وقفة عرابي أمام قصر عابدين أول أمس.. حيث لم يتمكنوا أساساً من الوصول إلي القصر فاكتفوا بالوقفة في ميدان التحرير وهناك تم ضربهم وتفريقهم وهو ما لم يحدث مع «عرابي» نفسه منذ 129 سنه عندما ذهب إلي الخديوي توفيق ليخبره بجملته الشهيرة التي درسناها ضمن منهج التاريخ زمان.. «لقد خلقنا الله أحراراً ولم يخلقنا تراثاً أو عقاراً.. فوالله الذي لا إله إلا هو إننا لن نورث أو نستعبد بعد اليوم».. إذن لم يفعل المتظاهرون شيئاً أكثر من التأكيد علي مقولة عرابي وعلي رفضهم للتوريث فانضربوا واتبهدلوا آخر بهدله.. حدث هذا بينما مشروع التوريث لم يدخل حيز التنفيذ الرسمي بعد.. فما بالكم بقي بالتوريث عندما يصبح أمراً واقعاً.. وما الذي يمكن أن يحدث وقتها.. هذا ما لا يمكن لأحد أن يتنبأ به.. ولكن المؤكد أن مصير مشروع التوريث لن يختلف كثيراً عن مصير نورماندي تو.. تو.. تو!