أصابنى حزن شديد لما جاء على لسان السفير ماجد عبدالفتاح، مندوب مصر الدائم فى الأممالمتحدة، من أن مصر رفضت عرضاً بشراء قنبلة نووية.. كان السفير يتحدث مع دبلوماسية أمريكية كما جاء فى وثائق ويكيليكس وكان الحديث عن التسلح النووى فى العالم.. وفاجأ سفيرنا المسؤولة الأمريكية بقوله: لقد جاءتنا عروض بعد انهيار الاتحاد السوفيتى بشراء قنابل نووية، ولكن السلطات المصرية رفضت العرض.. وقد فوجئت المسؤولة بما سمعت، وسألته عن تفاصيل ذلك.. لكن سفيرنا كان أكثر تحديداً.. وقال: جاءنا ذلك من دول الاتحاد السوفيتى.. وأنا كنت فى موسكو وأعرف ذلك.. لكن ما يهم هنا أن أؤكد أننا لو أردنا امتلاك سلاح نووى بهذه الطريقة لفعلنا.. ولكننا مخلصون فعلاً لمبادئ السلام العالمى. ■ مرة أخرى.. أصابنى حزن شديد لما قرأت.. وتساءلت: لماذا رفضت مصر أن تشترى قنبلة نووية؟ وما المنطق الذى حكم الدولة المصرية فى هذا؟.. كيف فوتت علينا السلطة هذه الفرصة العظيمة؟ ■ إننى أدرك تماماً خطورة ما أقول.. وأعرف الصعاب الكبرى التى تواجه مثل هذه الصفقة.. ستكون رحلة القنبلة معرضة لعيون كل أجهزة المخابرات فى العالم.. وسيكون سهلاً لمن يبيع لنا ويقبض أن يبيعنا بعد ذلك ويقبض مرة أخرى.. كما أن الأمر يتجاوز صفقة شراء شحنة من القمح أو حتى سرب من الطائرات.. إن صفقة كشراء قنبلة نووية تحتاج إلى استعداد علمى وتكنولوجى فى مصر، من النقل إلى داخل البلاد، ثم إلى النقل إلى الموقع النهائى، ثم إلى حفظ وصيانة وإدارة وحماية واستخدام موقع مصرى يستضيف قنبلة نووية.. ثم إن عيون العالم وعيون الوكالة لن يكون من السهل إغماضها طوال الوقت.. بل إن الأخطر يتمثل فى ضرورة الإعلان للعالم أننا أصبحنا نمتلك قنبلة نووية.. ذلك أن ما هو أهم من امتلاكها.. هو استخدام استراتيجية الردع بالإعلان عنها. ■ أقول.. إننى أدرك كل ذلك وغيره مما لا يتسع المجال لعرضه.. ولكننى أدرك أيضاً أن بعض السياسة تحتاج إلى مغامرة وأن الوضع القائم بيننا وبين إسرائيل لن يدوم إلى الأبد.. سيأتى فى بلادنا رؤساء وقادة آخرون، وسيأتى فى إسرائيل ساسة وجنرالات آخرون، وما يحكم اللعبة الآن لن يظل حاكماً لها إلى الأبد. إن المعضلة الأساسية التى تواجه العقيدة العسكرية المصرية فى صراعنا مع إسرائيل، هى السلاح النووى الإسرائيلى.. وأذكر أننى سألت الفريق الشاذلى.. ماذا لو كانت إسرائيل قد استخدمت السلاح النووى فى حرب 1973 وكانت إجابته قصيرة وحاسمة.. كان علينا ألا نضع هذا الاحتمال فى حساباتنا.. إهمال بعض الاحتمالات أفضل من التفكير فيها. وقد طور الاستراتيجى العملاق المشير محمد عبدالحليم أبوغزالة أفكاراً مهمة حول كيفية إدارة حرب مع إسرائيل تستخدم فيها إسرائيل السلاح النووى، ورغم ذلك يمكن هزيمتها... (إلى الاثنين المقبل) المصرى اليوم
