اتصل بي أكثر من طبيب بعد مقالي السابق لحوارات جانبية مؤلمة و إبداء آرائهم في الطب المصري و الحالة المؤسفة التي وصل إليها الأطباء و المرضي بعد تدهور كل شيء وبلا أي أمل، متسائلين عن المصري الأسترالي الذي عاش حياة هادئة بعيداً عن وطنه يراوده الحلم بالعودة بين الحين والآخر لرؤية أقاربه يتجول الشوارع بعشق يغلفه الحرمان من العيش بين أحبابه والأسف لما وصل إليه حال المصريين و بالرغم من كل الاحتياطات و الرعاية اللازمة التي حصل عليها في بلاد المهجر جاء ليلقي وجه رب كريم كان أحن عليه في ما أصابه من الإهمال الذي صدمه و شاهده عن قرب حين فاجأته أعراض الأنفلونزا، ليخبر أسرته التي جاءت إليه مسرعة متجهين به إلي مستشفي قصر العيني الفرنساوي ويصرخ أحدهم بل نذهب به إلي دار الفؤاد لتستقر الآراء علي نقطة النهاية، حيث وصل "محمد محمد مصطفي علي" في الثانية عشرة ظهر يوم الجمعة 11/12 ليقضي ست ساعات كاملة في الإستقبال بالمستشفي و الآلام تتزايد و الحرارة ترتفع و ما زال السادة الأطباء يشتبهون في التهاب رئوي أصاب الرجل !! كما لو كانت مصر في عزلة عن مرض أنفلونزا الخنازير !! مر الوقت دون أن يصل طبيب حتي الثانية عشرة من منتصف الليل .. أخيرا و بعد 12 ساعة كاملة هل هلال البيه الدكتور و الأهل يصرخون : إنها أنفلونزا الخنازير و المستشفي يؤكد أنها حالة التهاب رئوي عادي ، ظل الرجل يتناول جرعات علاج في اتجاه مختلف تماما، الحرارة ترتفع و البلغم يصحبه دماء و الحالة تتدهور مثل حال الطب في مصر إلي أن أصابه نزيف حاد، مما استوقف أهل المريض و في إصرار جماعي طلبوا فحصه كمصاب بأنفلونزا الخنازير H1N1 فظهرت النتيجة إيجابية !! ليتم وضع المريض في الحجر الصحي ومعه أنبوبة أكسجين يشتم فيه رائحة " جاز " فجأة يخرج المريض عن صبره يطالبهم بإعادته فوراً إلي استراليا، حيث الرعاية الصحية الإنسانية للمرضي ، الأكسجين مختلط برائحة السولار والمستشفي ليس به أطباء و لا تمريض ، كان يخشي قبل مجيئه أي أعراض للمرض فأحضر معه العلاج ( عقار التاميفلو ) ليختفي من حقيبته بعد إعطائه جرعة مضاعفة تتسبب في نزيف حاد خلال ربع ساعة فقط، و نظراً لوجوده في الحجر لم تشعر الأسرة بوفاته و قد ظل مُلقي علي أرض حجرة الحجر حتي اكتشفت وفاته " سامية عباس " إحدي أقاربه و هي في حالة زعر فالأطباء و الممرضون في غيبوبة أخري و معزل عن المرضي .. يجب علي المريض الذي يذهب إلي قصر العيني الفرنساوي أن يحمل معه وصيته ، و الغريب أيضاً و ما أثار حفيظة أهل المتوفي أن أحداً لم يطلب منهم إجراء تحاليل H1N1 بعد مخالطة المريض .. ثم إخفاء المستشفي بحقيقة الحالة بالرغم من إصرار الأسرة علي الحصول علي تقرير بما تعرض له المريض، إلا أن المستشفي ذكر في تقريره الموجه إلي السفارة الأسترالية أن المريض مات بالتهاب رئوي والحمد لله أنهم لم يسجلوه منتحراً. الطبيب الذي وصل إلي المريض بعد طول انتظار باطني لم يكن بالمستشفي متخصص في الأمراض الصدرية ، لو لم تكن مصر في حالة طوارئ طبية كيف يكون الحال ؟ الرأي الذي رجَّح الذهاب إلي مستشفي دار الفؤاد يعلم جيدا أن الرعاية تختلف لأن البيزنس هو المتحكم حتي في أعمار المواطنين في مصر و مدة بقائهم علي قيد الحياة بالرغم من دفع أسرته مبلغ خمسة آلاف جنيه عداً و نقداً لإستلام جثمانه والخروج به بعيدا عن مقبرة القصر العيني. إنها إرادة الله ولا راد لقضائه لكن من يحمي صحة المصريين إذا انصرف وزير الصحة إلي متابعة البيزنس الخاص به ؟ منْ يحتمل دعاء مريض ليس لديه المال للحصول علي الصحة ؟ ومتي يعامل المواطن لكونه إنسان حتي يعود الطبيب و الممرض إلي رعاية المريض لكونه كائنا ضعيف لا حول له ولا قوة و ليس امتصاص دمه و القضاء علي آخر ما يملك ؟ حنان خواسك