في دور الأيتام يتنسم المرء عبير الانسانية الجميلة، حيث صغار شاء الله ان يحرموا من نعمة الأبوة، وكبار اصطفاهم الله ليحتضنوا هؤلاء المحرومين ويفيضوا عليهم حناناً وفهماً واحتواء، ويحظوا من خلالهم بشرف صحبة الرسول صلي الله عليه وسلم في الجنة، ومقابل كل هذه الرحمة يتأقلم اليتيم مع الدار ويشعر أنها كل شيء له في الحياة.. لكن ماذا لو طرد من جنته الصغيرة وأصبح بلا مأوي أو اقارب يحتمي بهم بحجة انه وصل الي سن لا تسمح له بالبقاء داخل الدار، هنا تتغير لون الحياة أمام عينيه ويشعر بنار اليتم الحقيقي، هذا بالضبط حال ماهر سعد 17 عاماً والذي دخل الي مكتبي يسبقه دمعة كأنه طائر جريح طعن بسكين الغدر، وبدموع لا تنقطع بدأ ماهر في سرد مأساته قائلا نبتت بذرة طفولتي داخل دار جمعية أولادي والكائنة ب 29 شارع 206 دجلة بالمعادي بمحافظة حلوان، عشت بين أمي البديلة وأشقائي حياة هادئة راضيا بما قسمه الله لي، وحين اكملت العام الحادي عشر لم يخطر ببالي قط أن المآسي تنتظرني حيث فوجئت في صباح أحد الأيام بقيام أحد المسئولين باصطحابي الي دار الاحداث بمحافظة الجيزة بحجة أنه لم يعد لي مكان في هذا الدار، وقتها شعرت بالخوف الشديد من المجهول الذي ينتظرني، وبالفعل فوجئت بمعاملة قاسية داخل الاحداث لم أتعود عليها قط، فتقدمت بشكوي لوزارة التضامن الاجتماعي وبدلاً من رفع الظلم الواقع علي وإنصافي فوجئت باضطهادي وحبسي بسجن العقابية بالمرج لمدة شهرين، وبعد خروجي من السجن عدت مرة ثانية الي الاحداث لكنهم رفضوا استقبالي وطالبوني بتنفيذ أي جريمة خارج اسوار الاحداث حتي أتمكن من الرجوع اليها مرة اخري، وبين عشية وضحاها اصبحت بلا مأوي وبلا أسرة أتجرع نار اليتم والحرمان وحدي. من جانبنا نضع مأساة ماهر سعد مرسي محمد بين يدي الدكتور علي مصيلحي وزير التضامن الاجتماعي لمد يد المساعدة له وذلك بتوفير العيش الشريف والمأوي الآمن له، فبالرغم من كل هذه الشدائد التي عاشها ويعيشها مازال الأمل يراوده بالعودة الي أشقائه وأمه بدار الأيتام.