حالة غير مسبوقة من الهدوء هبطت على شمال سيناء مرة واحدة بلا أى مقدمات بعد حالة عدم الاستقرار والمصادمات العنيفة والمواجهات الدامية التى شهدتها المنطقة خلال الفترة الماضية التى أعقبت ثورة 25 يناير، وهو الأمر الذى يفسره مراقبون فى شمال سيناء بأنه تهدئة وليس هدوءا تم بين جهتين الأولى هى الجماعات الجهادية والثانية هى الأجهزة الأمنية بمختلف أنواعها وأطيافها، وذلك بإشراف مباشر من مؤسسة الرئاسة فى مقابل تعادل وتكافؤ الفرص بين التيارات الدينية التى تعج بها المنطقة الحدودية بشمال سيناء وعلى رأسها الجماعة السلفية الجهادية وجماعة الإخوان المسلمين، وهو الأمر الذى يلقى قبولا حذرا لدى السلطات الأمنية فيما يلاقى مواربة من المواطنين العاديين الذى يجدون أنهم باتوا خارج المشهد الذى أصبح فى عهدة أطراف تتحكم به حسب مصالحها وأهدافها بصرف النظر عن الآخرين لطالما أنهم يغردون خارج أسرابهم. أسبوع كامل منذ بدء التظاهرات المنددة بالإعلان الدستورى والمطالبة بإسقاطه والتى اندلعت بالعاصمة القاهرة وشمال سيناء لم تشهد ولو حادثا فرديا ضد قوات الجيش أو الشرطة ولم تشهد حادث قتل واحداً ولو فردياً ليقيد ضد مجهول، بعد أن كانت المحافظة تشهد يوميا عدة مصادمات ومواجهات بين جماعات مجهولة وبين الأجهزة الأمنية والجيش بجانب الحوادث الفردية المجهولة التى كانت تستهدف مواطنين بصورة فردية بمختلف مناطق المحافظة وخاصة المنطقة الحدودية شمال شرق مدينة العريش، وهو ما يشير إليه الشيخ محمد المنيعى الناشط بشئون القبائل بمدينة الشيخ زويد بأنه ليس وليد الصدفة على الإطلاق، وليس ناتجا بالتأكيد عن فرض السيطرة الأمنية خاصة وأن حالة الهدوء تشمل المنطقة الحدودية، وعلى وجه الخصوص مدينة رفح التى لا تشهد أى تواجد لقوات الجيش والشرطة، سيناء عاشت خلال العامين الماضيين فترة لم تشهدها إلا فى عامى 2004 و2005ابان تفجيرات طابا وشرم الشيخ وما حدث فى القاهرة خلال الأسبوع الماضى اثر تماما على ما يحدث فى سيناء من عمل استخباراتى من الدرجة الاولى حسب المنيعى الذى يؤكد ان أيادى خارجية كانت تعبث بسيناء وعندما انتقلت القلاقل للقاهرة انتقلت معها تلك العناصر الاستخباراتية والدليل على ذلك هو حالة الهدوء الذى تشهدها سيناء، خاصة فى ظل إحجام أبناء القبائل عن المشاركة بالثورة الأخيرة لأنهم تعبوا خاصة أن ما حدث بالقاهرة فرض الهدوء على المنطقة وأعاد لأبناء سيناء الراحة النفسية ولذلك فقد جلسوا ببيوتهم ولم يشاركوا بالمظاهرات . ويؤكد المنيعى أن عناصر استخباراتية أجنبية بمساعدة جماعات جهادية تعبث بأمن واستقرار سيناء ولو هذا الكلام غير صحيح ولو ان ما يقوم بالمواجهات مع الجيش والشرطة هم من أبناء سيناء لكانوا انتهزوا الفرصة وصعدوا من المواجهات والمصادمات ضد السلطات خلال انشغال الدولة كلها بما يحدث بالقاهرة، مشيرا إلى أن هذه هى سيناء بطبيعتها وهدوئها ولكن الحالة النفسية السيئة التى عاشها أبناء سيناء خلال العامين الأخيرين أثرت عليهم، ولربما تعود تلك الجماعات مرة أخرى لسيناء بعد انتهاء أحداث القاهرة وهنا لابد من تحرك هذه الأجهزة الأمنية التى لابد من تطهيرها وتغيير نظريتها تماما، حيث إن مكاتب الأجهزة الأمنية مازالت تعمل مع المهربين لتهريب الوقود لغزة ولابد من تغيير الأجهزة الأمنية الموالية للنظام البائد ولاء منقطع النظير. تأتى وجهة النظر هذه مغايرة تماما لما طرحه شيخ قبيلة شهير - رفض ذكر اسمه – من أن وفدا من الحرية والعدالة قد جاء لمنزله ليعرض عليه محولات كهربائية ومنازل بدوية مقابل استغلال تأثيره على أبناء قبيلته لحثهم على الخروج إلى الاستفتاء على الدستور وضرورة التأكيد عليهم بالتأشير بنعم ، وعندما طلب الشيخ طلبا خاصا به بعيدا عن مصالح المواطنين حيث طلب مبلغاً مالى وصل إلى مائة ألف جنيه تم التداول فى أمر المبلغ ليتم الاتفاق على دفع نصف المبلغ إلا أن الشيخ رفض هذا وذاك وقال انه مقابل هذه المحاولة لشراء إرادة المواطنين فقد بذل كل جهده ليوجه أبناء قبيلته للقيام بما تمليه عليهم ضمائرهم وما يصب فى مصلحة الوطن وليس مصلحة الحرية والعدالة والإخوان المسلمين، وهو الأمر الذى تناقله أبناء القبائل فيما بينهم فى الدواوين والشوارع، مما دفع شخصية قيادية من حزب الحرية والعدالة لتوبيخ الوفد الذى توجه لشيخ القبيلة بالمنطقة الحدودية ليفاوضه من اجل حشد أبناء قبيلته لصالح قول «نعم» للدستور، وبات واضحا أن جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة بات يلعب على العصبية والقبلية من خلال الدفع بأبناء القبائل من أعضاء الحرية والعدالة والإخوان المسلمين لإقناع عائلاتهم وقبائلهم بالتصويت لصالح الدستور، فى مقابل تنميتهم بمكاسب وخيرات ستعم على قبائلهم ومنها الحصول على مناصب قيادية ووظائف ومساكن نشر بتاريخ 17/12/2012