على مدار الأشهر السابقة والشعب المصرى يحاول أن يكتشف نفسه ويفوق من غيبته ويكتشف أيضا خصومه ومن يريد الخير لمصر ومن يتربص بالضرر لها.. وبتراكم التجربة بعد الأخرى تتضح الأمور وينكشف المستور وتتوالى الجولات.. جولة ضد الفساد واللصوصية وأخرى ضد التبعية والبحث عن الأمن والأمان وثالثة ضد احتكار السلطة والمصالح العليا والقرارات ويطفو على السطح التيارات الإسلامية وهمها الأوحد هو الاستحواذ على السلطة بشكل فج وغبى تسوده الانانية الفردية والانتقام لما عانوه فى السجون من النظام السابق ودون مراعاة لمصلحة الوطن.. المشكلة أيها القارئ العزيز أن البلد الآن أصبح فى أزمة خطيرة جداً.. حالة استعصاء متوتر بين قوتين ما هما إلا وجهان لعملة واحدة ساعد فى انتاجها أصلا النظام السابق بمساعدة المجلس العسكرى بطريقة أو بأخرى وهكذا يا إخوانى وأخواتى كتب علينا نحن الشعب المصرى المسكين أن نسدد فواتير لعبة المصلحة بين الأطراف المتشحنة والذين عقدوا فيما بينهم اتفاقا غير معلن وإن كنا ندركه ونحصد نتاجه الآن.. فالمجلس العسكرى قد أخطأ فى تقديراته وحساباته حين احتضن التيار السياسى المتأسلم بدافع الظن أن لهم صوتا مؤثرا ومسموعا داخل الشارع المصرى وأنه يمكن أن يستخدمه فى تمرير ما يريد.. وهو أيضا وراء دعم وتلميع السيد شفيق لإعادة بلورة النظام السابق والاخفاق بالثورة والثوار.. فلقد عانينا الكثير من شهوة السلطة والاستحواذ لدى النظام السابق وحزبه الحاكم والآن نخشى أن تتكرر الصورة بأدق تفاصيلها وأن يتصدر المشهد الحزب الوطنى الاسلامى الحاكم المعدل وبين المر والأمر ننحصر فالعدو أمامكم والبحر خلفكم وهذا نتاج الديمقراطية العبيطة التى فهمت غلط واستخدمت غلط.. فلم أكن أتصور أن يزج بنا إلى هذا المنعطف الشديد الانحدار وبهذا الشكل المؤسف المحير فالحرب الآن شرسة وقاسية والشعب المصرى منهك ويعانى الفقر والجهل وهو مسالم وبسيط ينقاد بعاطفته لا بعقله »أتكلم عن الاغلبية« التى تريد الخلاص السريع ولو كان الثمن أنبوبة بوتاجاز وهؤلاء يشكلون 50% من الشعب وهم كتلة انتخابية لا يستهان بها ومربحة لمن يستغلونها بسهولة ويسر.. فأين الديمقراطية لشعب مقيد الحرية؟ شعب يريد الخبز لكى يشعر بالوطنية.. حزينة أنا ومذهولة وحاقدة وناقمة ومهزومة وليس لى أى عزاء.. غير أن أجعل صوتى معبرا لى فوق موتى فهذا آخر رجاء.. فلقد راهنت على شعبى فخذلنى وكان رهانى خاسرا ومحبطا فلم تفاجئنى نتيجة الانتخابات بقدر ما صدمتنى من أننا شعب نستعذب العبودية والألم ونهوى المعاناة ولم ولن نتعلم من أخطائنا واننا دائما نصل إلى حافة الهاوية بغباء ثم نبكى على اللبن المسكوب وأتساءل وهل من مجيب؟ أين نحن ذاهبون..الحقيقة أننى فى شك وحيرة من الذين انتخبوا السيد شفيق والذى قال إن مثله الأعلى »حسنى مبارك« وأيضا أنا خائفة ويملؤنى الرعب وأشعر بالحسرة على مصر التى ستضيع فى الخلافة الاسلامية وما أدراك ما الخلافة الاسلامية فأين المفر؟؟ فى الحقيقة يا سادة يا كرام نحن فى مأزق وعلى أبواب الخطر الحقيقى.. فالأفاعى لا تنام.. ومازالت تبث سمومها فى أرجاء وطنى الحزين فحذارى أن تأكلوا من زادها وتشربوا من مائها وتنصتوا لسحر كلامها.. فلم يعد هناك إباء.. أو قليل من الحياء أو بقايا كبرياء فالكل ينتقم من الكل والثمن نزيف لدم أبنائنا الأبرياء وعلى جسد الوطن الممزق تهتفون: عاش الرئىس والعاقبة عندكم فى المسرات. نشر بالعدد 602 بتاريخ 25/6/2012