قضت المحكمة الدستورية العليا، اليوم الثلاثاء، برئاسة المستشار عبدالوهاب عبدالرازق، ثاني أقدم نواب رئيس المحكمة، بعدم الاعتداد بحكم محكمة النقض الذي ألزم رئيس المحكمة المستشار عدلي منصور بالكشف عن قوائم رواتب أعضائها. وصدر الحكم في دعوى أقامها عدد من أعضاء هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا، لوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة النقض، أعلى جهة قضائية، لصالح 4 من قضاة محكمتي الاستئناف والنقض. وكان تقرير صادر من هيئة المفوضين في المحكمة الدستورية العليا في القضية الذي أعده المستشار حاتم بجاتو، قد أوصى بعدم الاعتداد بحكم النقض المذكور «لمساسه بأمر يتعلق بموازنة المحكمة الدستورية، التي هي شأن من شئون المحكمة وأعضائها، واختصاص نظرها محجوز فقط للمحكمة دون غيرها من الجهات القضائيةمؤكداً أن الحكم صدر بدون انعقاد ولاية قضائية صحيحة، ويتجرد من حجيته أمام المحكمة الدستورية». التقرير استند إلى المادة 192 من الدستور باعتبارها قاطعة الدلالة على ولاية المحكمة الدستورية وحدها بالفصل في شئون أعضائها، ولحكم قديم صدر من محكمة النقض بشأن حكم صادر من مجلس الدولة عام 1974 أكد أنه «لجهة القضاء أن تتحقق من أن الحكم المطروح أمر حجيته عليها والتى أصدرته جهة قضاء أخرى قد صدر فى حدود الولاية القضائية لتلك الجهة». وأضاف أن «المستحقات التي تتقرر لعضو المحكمة الدستورية وهيئة مفوضيها، هي مما يتصل من جانب بخصوصية طبيعة العمل المنوط بهم، ومن جانب آخر بخصوصية الأوضاع المالية المقررة بموازنة كل سنة مالية، ونتيجة استقلال الموازنات المقرر دستوراً، فإن الأوضاعه الفنية والمالية للمحكمة تختلف عن كل جهة أو هيئة قضائية» وأكدت توصية مفوضي الدستورية «أن الموازنة السنوية شأناً من شئون المحكمة الدستورية، لا يجوز تناولها أو كشفها إلا بموافقة الجمعية العامة للمحكمة، أو بحكم صادر من جهة ذات ولاية قضائية، وذلك كله دون إخلال بالحقوق المقررة لجهات الرقابة المالية والمحاسبية في إطار القوانين المنظمة لعملها، منضبطة في ذلك بالدستور». وتعرض التقرير لمسألة المساواة بين أعضاء المحكمة الدستورية العليا ونظرائهم في الجهات والهيئات القضائية الأخرى، موضحا أنها «تكون في الأحكام العامة الواردة في قانون السلطة القضائية وغيره، دون الأحكام الخاصة المقررة قصراً لأعضاء الدستورية، مثل الاستثناء الذي أورده القرار الصادر من المحكمة الدستورية في طلب التفسير رقم 3 لسنة 8 قضائية بتاريخ 3 مارس 1990» وتابع التقرير: «أن القرار أكد أن أعضاء المحكمة تفرد لهم معاملة مالية خاصة، نزولاً على أحكام قانونها، دون الإخلال بما هو مقرر لهم من بدء معاملة كل منهم معاملة نائب الوزير من حيث المعاش، ولو لم يبلغ المرتب المقرر لنائب الوزير». وأوضح أن المشرع الدستوري لم يساو بين أعضاء السلطة القضائية وأعضاء الدستورية العليا، لأنه لم يستخدم لفظ "متساوون" كما نص في المادة 186 الخاصة بأعضاء السلطة القضائية، بل استخدم معهم لفظ "يسري بشأنهم" بما مؤداه وجوب أن يتوافر لأعضاء المحكمة جميع حقوق أعضاء السلطة القضائية، وأن يتمتعوا بالضمانات المقررة لهؤلاء، على أن يلتزموا بالواجبات المفروضة عليهم. وشدد التقرير على أنه "لا يتصور أن تكون المحكمة الدستورية جزءاً من السلطة القضائية، التي لها جهتان هما القضاء العادي ومجلس الدولة، بينما تؤدي "الدستورية" دور الفصل في كل من تنازع الاختصاص بين هاتين الجهتين وتناقض الأحكام الصادرة منهما، مما يعني أن المشرع جعل منها محكمة عليا بالنسبة لجهتي القضاء" مستنداً إلى وصف الدستور للمحكمة ب"جهة قضائية مستقلة قائمة بذاتها" وهو وصف لم يرد لباقي الجهات. وأوصى التقرير تفعيل المادة 105 من قانون المرافعات بحذف بعض العبارات التي أوردها القضاة الحاصلين على حكم النقض في مذكرة ردهم على الدعوى، باعتبارها «جارحة تنطوي على إساءات لمقام المحكمة الدستورية وتجاوز في حقها، دون ضرورة من متطلبات الدفاع» والتي منها أن «المحكمة كانت دائرة من دوائر النقض، واستقلت لأسباب ليست كلها قانونية، وأنه قد يصدر دستور لا يرى ضرورة لوجود قضاء دستوري».