أوصت هيئة المفوضين المحكمة الدستورية العليا، بعدم الاعتداد بحكم النقض المذكور «لمساسه بأمر يتعلق بموازنة المحكمة الدستورية، التى هى شأن من شئون المحكمة وأعضائها، واختصاص نظرها محجوز فقط للمحكمة دون غيرها من الجهات القضائية» مؤكدا أن «الحكم صدر بدون انعقاد ولاية قضائية صحيحة، ويتجرد من حجيته أمام المحكمة الدستورية». الجدير بالذكر أن المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار عبدالوهاب عبدالرازق قررت حجز الدعاوى المقامة من أعضاء هيئة مفوضى المحكمة لعدم الاعتداد بحكم محكمة النقض الذى يلزم رئيس المحكمة المستشار عدلى منصور بالكشف عن قوائم رواتب أعضائها، مع السماح بتقديم مذكرات ختامية خلال أسبوع للحكم بجلسة 24 فبراير . استند التقرير الذى أعده المستشار حاتم بجاتو، والذى أوصى إلى المادة 192 من الدستور باعتبارها قاطعة الدلالة على ولاية المحكمة الدستورية وحدها بالفصل فى شئون أعضائها، ولحكم قديم صدر من محكمة النقض بشأن حكم صادر من مجلس الدولة عام 1974 أكد أنه «لجهة القضاء أن تتحقق من أن الحكم المطروح أمر حجيته عليها والتى أصدرته جهة قضاء أخرى قد صدر فى حدود الولاية القضائية لتلك الجهة». وأضاف أن «المستحقات التى تتقرر لعضو المحكمة الدستورية وهيئة مفوضيها، هى مما يتصل من جانب بخصوصية طبيعة العمل المنوط بهم، ومن جانب آخر بخصوصية الأوضاع المالية المقررة بموازنة كل سنة مالية، ونتيجة استقلال الموازنات المقرر دستورا، فإن الأوضاع الفنية والمالية للمحكمة تختلف عن كل جهة أو هيئة قضائية، مما تصبح معه الموازنة السنوية شأنا من شئون المحكمة الدستورية، لا يجوز تناولها أو كشفها إلا بموافقة الجمعية العامة للمحكمة، أو بحكم صادر من جهة ذات ولاية قضائية. تعرض التقرير لمسألة المساواة بين أعضاء المحكمة الدستورية العليا ونظرائهم فى الجهات والهيئات القضائية الأخرى، موضحا أنها «تكون فى الأحكام العامة الواردة فى قانون السلطة القضائية وغيره، دون الأحكام الخاصة المقررة قصرا على أعضاء الدستورية، مثل الاستثناء الذى أورده القرار الصادر من المحكمة الدستورية فى طلب التفسير رقم 3 لسنة 8 قضائية بتاريخ 3 مارس 1990 الذى أكد أن «أعضاء المحكمة تفرد لهم معاملة مالية خاصة، نزولا على أحكام قانونها، دون الإخلال بما هو مقرر لهم من بدء معاملة كل منهم معاملة نائب الوزير من حيث المعاش. وأوضح التقرير أن المشرع الدستورى لم يساوى بين أعضاء السلطة القضائية وأعضاء الدستورية العليا، لأنه لم يستخدم لفظ «متساوون» كما نص فى المادة 186 الخاصة بأعضاء السلطة القضائية، بل استخدم معهم لفظ «يسرى بشأنهم» بما مؤداه وجوب أن يتوافر لأعضاء المحكمة جميع حقوق أعضاء السلطة القضائية، وأن يتمتعوا بالضمانات المقررة لهؤلاء، على أن يلتزموا بالواجبات المفروضة عليهم. وشدد التقرير على أنه «لا يتصور أن تكون المحكمة الدستورية جزءا من السلطة القضائية، التى لها جهتان هما القضاء العادى ومجلس الدولة، بينما تؤدى «الدستورية» دور الفصل فى كل من تنازع الاختصاص بين هاتين الجهتين وتناقض الأحكام الصادرة منهما. وأوصى التقرير تفعيل المادة 105 من قانون المرافعات بحذف بعض العبارات التى أوردها القضاة الحاصلين على حكم النقض فى مذكرة ردهم على الدعوى، باعتبارها «جارحة تنطوى على إساءات لمقام المحكمة الدستورية وتجاوز فى حقها، دون ضرورة من متطلبات الدفاع» والتى منها أن «المحكمة كانت دائرة من دوائر النقض، واستقلت لأسباب ليست كلها قانونية، وأنه قد يصدر دستور لا يرى ضرورة لوجود قضاء دستورى».